Author

الاستثمارات الخارجية والرؤية

|

تسير الخطوات الخاصة بتطبيق "رؤية المملكة 2030" بالصـــــورة المرسومة لها. وتشمل كل القطاعات التي تتضمنها، وفي مقدمتها الاستثمارات السعودية في الخارج. وهذا الجانب يمثل "كما هو معروف" محورا رئيسا لأنه يدخل مباشرة في تحقيق الهدف الأكبر، وهو تنويع مصادر الدخل، بما يتناسب مع القدرات والإمكانات التي تتمتع بها المملكة، وهي كثيرة. والاستثمارات الخارجية للسعودية متنوعة أيضا بما يكفل عوائدها، وتشهد ارتفاعات جيدة، في حين أن المخططات الخاصة بها لا تقف عند حدود طالما أن هناك ساحات وفرصا تضمن استثمارات بعيدة عن المخاطر. ولذلك فإن القيادة تولي أهمية لهذه الاستثمارات التي تمثل قطاعا وطنيا مهما، وتدعم المسيرة الراهنة لاستكمال بناء الاقتصاد الوطني.
وفي ظل هذا الاهتمام، كان طبيعيا أن تشهد استثمارات السعودية الخارجية في نهاية الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا ليصل إلى أكثر من 312 مليار ريال، محققة نموا للربع السادس على التوالي. وهذا الارتفاع يفسر أهمية هذا الجانب ضمن نطاق "الرؤية". وهذه الاستثمارات المتنوعة تشمل من ضمن ما تشمل قطاع الأوراق المالية، كسندات الخزانة والصكوك، فضلا عن الشركات الأجنبية ذات الإنتاجية العالية، وملكيات في مصانع أو شركات مختلفة. والمهم أن أموال الاستثمارات تحقق قفزات ربحية جيدة أيضا، إلى جانب وجود خطط لرفع حجم الأموال المستثمرة إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك. فهذا الحراك يعد جزءا من الاندماج ضمن العولمة الاقتصادية للمملكة، التي تحتل مكانة عالمية مرموقة على الساحتين السياسية والاقتصادية، ولا سيما من خلال وجودها ضمن قائمة مجموعة العشرين.
السعودية ماضية في طريق تنويع مصادر الدخل، وبالنظر إلى العوائد المحلية في الفترة الماضية نجد ارتفاع عوائد القطاعات غير النفطية بصورة مرضية أيضا، في حين يتراجع الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل. ظهر هذا بوضوح في الموازنات الأخيرة. وإذا كانت السعودية تمضي قدما في تنمية استثماراتها الخارجية، فهي تسير أيضا بخطوات ثابتة في تنمية الاستثمارات الأجنبية على الساحة المحلية. ففي السنوات القليلة الماضية توافد عدد كبير من الشركات والمؤسسات الكبرى عالميا إلى المملكة، بما فيها المصارف الكبرى من أجل المساهمة في الاستراتيجية الاقتصادية الراهنة. وفتحت القوانين والتشريعات المرنة الأبواب أمام أي جهة ترغب في دخول السوق السعودية طالما أن وجودها يسهم في عملية البناء الاقتصادي الهائلة.
وستشهد السنوات المقبلة كثيرا من التحولات على الصعيد الاقتصادي، لأن محاور "الرؤية" تنفذ بأعلى معايير الجودة، بل إن بعضها نفذ فعلا حتى قبل المواعيد المحددة لها. وهي تحولات تستند في الدرجة الأولى إلى تنويع مصادر الدخل، بما فيها بالطبع الاستثمارات الخارجية والداخلية. فالاستثمار المباشر في الخارج حقق كثيرا من الأهداف، ووسع الطريق أمام ضخ مزيد من هذه الاستثمارات في المستقبل. ووفق وتيرة ارتفاع هذا النوع من الاستثمارات، فإنها سترتفع في المرحلة المقبلة بما يحقق كثيرا من الأهداف. ما يجري في المملكة بناء اقتصادي لا يشبه أي بناء آخر فيها. وهذا البناء يتسع لكل ما يرفد البلاد بمزيد من النمو والإنتاج، والأهم لكل ما يدفع عجلة "رؤية المملكة" إلى الأمام، مع ضرورة التأكيد على أن السعودية تمتلك كل الأدوات اللازمة لذلك، أضف إليها الإرادة التي لا تعرف الحلول الوسط، ولا تعترف إلا بالنجاح الكامل.

إنشرها