Author

الصندوق الدولي والاقتصاد السعودي

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

تنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي على إجراء مناقشات ثنائية مع كل بلد من البلدان الأعضاء عادة مرة في السنة، تنتهي بأن يعد خبراء الصندوق تقريرا يشكل أساسا لمناقشات المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. والمجلس التنفيذي في مقام مجلس إدارة، لكنه متفرغ.
وقد أجرى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مناقشات في 16 تموز (يوليو) 2018 حول تقرير خبراء الصندوق عن الاقتصاد السعودي هذا العام. ونشرت الجمعة الماضية التقرير الخاص ببلادنا.
وبلادنا - بحمد الله - تزخر بكفاءات كثيرة رزقها الله علما وفهما وخبرة وأمانة بما يمكنها من تقييم كلام الصندوق تقييما مهنيا راسخا. وهنا أحث جمعية الاقتصاد السعودية على أن تدلي بدلوها فترشح عددا من الاقتصاديين السعوديين الأكفاء للتعليق المفصل على تقرير الصندوق ومناقشات مجلسه التنفيذي.
وقد توقع الصندوق النمو الحقيقي للاقتصاد هذا العام قرابة 2 في المائة. ومتوقع أن يتحسن النمو في السنوات القليلة المقبلة لسببين، الإصلاحات وأسعار النفط، كما أنه من المتوقع انخفاض عجز الميزانية هذا العام والعام المقبل. وتمويل العجز من مصدري الاحتياطات والاقتراض، ومن ناحية أخرى من المتوقع ارتفاع الأصول الأجنبية لدى مؤسسة النقد. أما نمو الائتمان فضعيف. لكنه متوقع أن يتحسن لسببين: زيادة الإنفاق الحكومي ونمو القطاع غير النفطي.
امتدح الصندوق جهود الدولة في ضبط المالية العامة وتطويرها، وطلبوا عمل المزيد. جرى التأكيد على زيادة الاهتمام بخفض العجز في الميزانية، وهذا يعني الحد من نمو الانفاق الحكومي، مع تحسن إيرادات النفط. ويعني فتح المجال للدولة في زيادة إيراداتها غير النفطية. ويعني ضبط الخدمة المدنية لاحتواء فاتورة أجور موظفي الدولة.
أكد الصندوق أهمية ضمان كفاية تحويلات حساب المواطن لبعض الأسر. وقد رحب أعضاء المجلس التنفيذي للصندوق بما تم في تنفيذ إصلاحات كثيرة، وأكدوا الاستمرار. أذكر منها تأكيدهم 1 - أهمية التشاور مع القطاع الخاص. 2 - لزوم إصلاح سوق العمل وإصلاح نظام التأشيرات والتدريب للمساهمة في توفير فرص العمل للمواطنين. 3 - الاستمرار في تطوير قطاعات كالقطاع المالي.
سؤال المقال الآن: ما الصلة بين مرئيات خبراء ومجلس الصندوق في مجال مالية الدولة، وتوصيات يوسف - عليه السلام - لملك مصر؟
لدينا أمران: الأول أنه لا ضمان على أن النعم تستمر كما هي في كل الأوقات. وتطبيقا، لا ضمان أن يبقى دخل النفط قويا باستمرار. وهذا يعني تقليل ما عبر عنه ولي العهد بالإدمان النفطي. والثاني حفز تطور ونمو الاقتصاد غير النفطي. وتبعا فإنه سياسة الإنفاق الحكومي تبنى بطريقة تأخذ في الحسبان هذين الأمرين معا.
من خلال العمل على أن ينمو الإنفاق الحكومي نموا معتدلا كل عام. علينا أن نبتعد عن التوجه إلى معدلات نمو قوي في الإنفاق الحكومي، إذا ارتفع دخلنا النفطي. لأنه ارتفاع ليس بسبب زيادة إنتاجية وتطور في الاقتصاد الوطني. وعلينا أن نبتعد عن خفض أو تثبيت الإنفاق الحكومي، طالما لسنا مضطرين إلى ذلك. كلاهما النمو القوي أو التثبيت والخفض يجران مضار كثيرة.
إلى جانب ضبط وتأن وتدرج في التطبيق، لأن زيادة الإيرادات غير النفطية تسهم فيها رسوم وضرائب. وغيرها مما هي ضمن أسباب إنشاء مركز تنمية الإيرادات غير النفطية.

إنشرها