رغم الافتراءات .. حج ناجح وخيبة «الحمدين» مدوية وفاضحة

انقضى موسم الحج هذا العام بفضل الله ومنته، وأدى ضيوف الرحمن شعائر الحج بكل سهولة ويسر. حيث إن اهتمام القيادة ومختلف قطاعات الدولة بحج هذا العام كان له بالغ الأثر في تحقيق نجاح هذا الموسم. وما تحقق من نجاح في خدمة الحجيج هو بسبب الاستعدادات المبكرة والمتجددة في كل عام، من خلال تسخير كافة القطاعات الحكومية في خدمة الحجيج، إضافة إلى ما تنتهجه المملكة من سياسات معتدلة تبعد شعيرة الحج عن الأجواء السياسية والطائفية والمذهبية، لكن للأسف هناك دول لا تروق لها هذه السياسات، فتحاول نشر العداوات والفتن والفرقة بين المسلمين، إذ استحق موسم الحج الحالي بأن يكون من أنجح مواسم الحج التي مرت على المملكة في السنوات الأخيرة، من خلال التنظيم والتجهيز المبكر، وخطط تفويج الحجاج بين المشاعر المقدسة، فضلاً عن استثماره في توعية ضيوف الرحمن بأهمية هذه الشعيرة الإيمانية، وضرورة أدائها كما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعدم ربطها بأي توجهات دنيوية أو سياسية أو طائفية أو مذهبية، حتى تحقق الغرض منها للإنسان المسلم، باعتبارها الركن الخامس للإسلام، الذي يعد بمنزلة "رسالة سلام"، بعثت بها المملكة إلى شعوب العالم، لتؤكد من خلالها أن الإسلام دين السماحة والسلم والتعايش المبني على أسس ربانية، عنوانها احترام الإنسان أينما كان، ونبذ العنف والإرهاب.
فشلت المحاولات القطرية كما فشلت المحاولات الإيرانية سابقاً في تسييس الحج، لكن الفشل القطري مدوٍ، إذ تكرر للمرة الثانية على التوالي على الرغم من تفعيل أبواق الشياطين كافة، لتثبت الوقائع على الأرض فشل الدوحة في فرض هذه السياسة، وفي إطار تسييسها القضايا سارعت قطر إلى اتهام المملكة العربية السعودية بوضع عراقيل أمام أداء المواطنين القطريين مناسك الحج، وفي سبيلها لتحقيق مآربها وقلب الحقائق، أغلقت وزارة الأوقاف القطرية التسجيل للحج هذا العام، ما يؤكد منع السلطات القطرية المواطنين والمقيمين في قطر من التقديم إلكترونيا لأداء الفريضة، ورداً على ذلك قامت وزارة الحج والعمرة في المملكة بتفعيل رابط جديد لاستقبال طلبات "الأشقاء القطريين"، إضافة إلى ذلك أعلنت حكومة المملكة منذ بداية الأزمة حرصها على استقبال الحجاج القطريين ككل عام، وتقديم كافة التسهيلات لهم، لتحبط محاولات الدوحة تسييس هذا الملف.

سقوط الأوراق
سقطت أوراق نظام الحمدين جميعها في سبيل استهداف تسييس الحج، إذ لم يألُ هذا النظام جهداً إلا وقام به، لدرجة توظيف النساء في مهامه، فكانت زوجة الأمير تميم بن حمد الملقبة بـ "الشيخة" جواهر آل ثاني من أوائل المشاركين في الهجمة على المملكة، وقالت "مكة ليست مستقلة كالفاتيكان، هي تابعة للسعودية والسعودية اليوم اختارت أن تعادينا، وهي تمنعك من دخول أراضيها طوال العام لأنها تعتبرك خطرًا على أمنها! وتذكر أيضًا أن الحج لمن استطاع إليه سبيلا".
وتتالت الأوراق في السقوط، لكن هذه المرة لتناقض نفسها بنفسها من خلال هذه التغريدة "أتمنى من حكومتنا ما تتعاطف مع اللي يروح ويتورط! مسؤوليتك وتحمل العواقب!"، كما هاجمت "جواهر" وسائل إعلام سعودية ومصرية وعربية بعد نشرها ما ورد في تغريداتها، ولم تنتهِ الهجمات التي بدأتها "جواهر" لتتبعها شقيقة تميم التي قالت "إن الشعائر الدينية يتم تسييسها"، وقالت "من يذهب إلى مكة فعليه أن يتحمل مسؤولية نفسه! مكة ليست آمنة في ظل تسييس الشعائر الدينية من قبل السعودية! على القطري ألا يرمي بنفسه إلى التهلكة وألا يضع الحكومة في حرج بسبب استخدامه كورقة ضغط من قبلهم"، هل أصبح الذهاب إلى الحج ومكة يا مريم كالذي يرمي بنفسه إلى التهلكة! ليس غريباً أن تظهر مثل هذه التغريدات من بعض أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، إذ إنهم ولدوا في أجواء مليئة بالاعتقالات والقمع وقتل الحريات والانقلاب من أقرب الناس عليهم، لكن أنصح المدعوة مريم بأن تراجع الملف السعودي الإيراني وترى كيف تتم معاملة الحجاج الإيرانيين دون تفرقة أو تمايز عن أي حاج آخر، وذلك لأن ضيوف الرحمن هم ضيوفنا جميعاً.

نجاح الحج بالأرقام
نجح موسم حج هذا العام نجاحا كبيرا، ليتفوق على المواسم السابقة بتميزه، إذ تظهر الأرقام إمكانات هائلة طوعتها المملكة لحجيج بيت الله الحرام، إذ اهتمت السعودية بجانب الصحة خلال موسم الحج في العام الحالي، وذلك ما أكدته وزارة الصحة السعودية من خلو موسم الحج لهذا العام 1439هـ من الأوبئة، والأحداث ذات الأثر في الصحة العامة، إضافة إلى نجاح خطط الحج الصحية.
وفرت المملكة 30 ألف طبيب وممرض، و‏4140 مسعفا، و‏48 مفتشا بيئيا، و‏25 مستشفى بسعة 5500 سرير، و‏980 سيارة إسعاف، ‏100 غرفة عناية مركزة متنقلة، وخمس طائرات إسعاف، وستة آلاف معدة وآلية وجهاز، و‏215 مراقب أغذية وأدوية، وأربعة آلاف عامل نقل مياه، و1200 صهريج نقل مياه، وذلك في إطار الاهتمام بالحالة الصحية للحجاج، إضافة إلى ما وفرته وزارة النقل، الذي يتمثل في 21 ألف حافلة نقل، و‏17 قطارا تضم 200 عربة مكيفة، و‏300 موظف نقل بحري، و‏2170 موظف طيران مدني، وذلك تسهيلا لحركة الحجاج.
وتواصلت جهود المملكة في إنجاح حج هذا العام بتحقيق الأمن والأمان في المشاعر المقدسة، إذ عمل في المشاعر المقدسة 18 ألف عنصر دفاع مدني، و13 ألف رجل أمن، وخمسة آلاف موظف جوازات، ‏وألفا موظف جمارك، و‏280 مركز مرور، وثمانية آلاف سيارة خدمات، و‏52 مركز شرطة، و‏780 مركز ووحدة طوارئ دفاع مدني.
كما حرصت المملكة على توفير كثير من الخدمات المتنوعة تسهيلا على ضيوف الرحمن في أداء مناسك الحج للعام الحالي، حيث قامت بتوفير ‏2724 داعية ومرشدا دينيا، وعشرة آلاف موظف من رئاسة شؤون الحرمين، و‏200 باحث معهد أبحاث الحج، وغيرها الكثير الكثير من الأرقام.

النصيحة في جمل
أظهرت التجارب على مر التاريخ الإنساني أن كل من ينسلخ عن بني جلدته لن ينوبه سوى الخزي والعار والمذمة وسيكون بين الأمم منبوذا، وقد عاشت كيانات عدة هذا الشعور بعد أن أقدمت على مثل هذه الأفعال المشينة، لذلك يتحتم على القادة في قطر العدول عن الركب الإخواني والعودة إلى الحاضنة العربية التي تقود ركبها كبريات الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، ولها بالعودة إلى التاريخ فائدة، فالدور المشين الذي قامت به حكومة الدوحة منذ ما يسمى بالربيع العربي، الذي جلب الدمار والخراب إلى الدول العربية، من خلال قناة الجزيرة ودورها السلبي، انعكس عليها وعلى من ساندها في هذا الدور السيئ، والقصد هنا تركيا، التي تعيش ويلات انهيار عملتها، بعد فترة من الازدهار المزيف الذي سوقت له "الجزيرة" وأذناب أردوغان في منطقتنا العربية، إذ صورته على أنه الفاتح والمخلص لهذه الأمة.
وفي ختام النصيحة لا يسع إلا القول إن هذه البلاد تحظى بدعاء عديد من الأنبياء، ولن تجدي أي من المؤامرات تجاهها، وعلى العقلاء في أي مكان أن يعوا تماما أن عدد من قدموا الخدمات لحجاج هذا العام ربع مليون شخص، وأنهم قدموا هذه الخدمات لوجه الله تعالى، وتحقيقا لما شرف به رب العزة هذه البلاد بخدمة الحجيج، والخزي والعار لكل من حارب الحق وأداء فريضة الحج والركن الخامس من أركان الإسلام.