Author

لا إفراط ولا تفريط

|
يجتمع مجلس الشورى بعد إجازة الحج لمناقشة تعديلات المادة الـ 77 من نظام العمل، وهذه المادة التي يشكو منها كثير ممن تأثروا بنتائجها تحتاج إلى مراجعة فعلا، بما يضمن حقوق المنشأة وحقوق الموظف بالمحافظة على قدر منطقي من متطلبات الطرفين. أحسب أن الإدارة غير الفاعلة هي التي تنحو إلى استخدام هذه المادة وسيلة لتخويف الموظفين، أو التغطية على عدم كفاءتها وقدرتها على التحفيز ودعم مشاركات الجميع في تحقيق الأهداف النهائية للمنشأة، وهي بهذا مادة غير عادلة إن لم ترتبط بمؤشرات أداء يطالب بها الجميع، وتسهم المنشأة في تمكينهم من تحقيقها. هذه المؤشرات لا بد أن ترتبط بمجموعة الشروط المعلومة لدى كل من يعرف ولو معلومات محدودة في علم الإدارة. عندما نربط أداء الموظف بمتطلبات غير منطقية، ونحرمه من وسائل دعم أدائه وتمكينه في العمل، سواء علما أو أدوات أو بيئة عمل، فنحن بصدد مزيد من الاستخدام الجائر لهذه المادة سيئة السمعة. في المقابل، نجد حالة من التجمد التي يعانيها نظام الخدمة المدنية، حيث لا تستطيع الإدارة أن تفعل شيئا في مواجهة الموظف المسيء عملا أو خلقا. مجموعة المواد التي تحمي الموظف من المؤسسة التي توظفه أدت إلى حالة من التمرد لدى كثير من الموظفين، حيث لا مؤشرات أداء ولا أهداف محددة، ثم تأتي البيئة التي تعد الوظيفة الحكومية حقا مكتسبا لا يمكن لأي كان أن يحرم الموظف منه مهما كان حال أدائه لتضاعف الإشكالية. إن حالة البلاد اليوم وما تستدعيه من تغيير منهجي وبنيوي في تعامل الحكومة ومؤسساتها، وما ترتبط به "رؤية المملكة" من التزامات مهمة من قبل الجميع، وما يطالب به المجلس الاقتصادي من فعالية وكفاءة تستدعي تغيير أنظمة الخدمة المدنية، بما يضمن تفاعلا مع هذه الرؤية لتفعيل القطاع العام. إن وجود ثغرات مثل هذه في نظام الخدمة المدنية يؤدي إلى انتشار عدم الكفاءة والإساءة للمنشأة على مستويات أكبر، وهو ملاحظ حين نقارن أداء موظفي القطاع العام بأقرانهم من موظفي القطاع الخاص. مقارنة الحالتين تستدعي أن نوجد قانونا موحدا، يحمي الموظف، ويحفظ حقوق المنشأة، ويدعم تحقيق كل الأهداف التي من أجلها تؤسس هذه المكونات المهمة لتقدم ونماء المملكة، وتحقيق أهداف الرؤية بتفاعل وتكامل القطاعين.
إنشرها