FINANCIAL TIMES

العملات الرقمية المشفرة .. ماذا بعد انفجار الفقاعة؟

العملات الرقمية المشفرة .. ماذا بعد انفجار الفقاعة؟

في شباط (فبراير)، قفزت الرسملة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية المشفرة لتتجاوز 800 مليار دولار، بعدما كانت 18 مليار دولار فقط في العام الماضي، وفقا لمزود البيانات "كُوين ماركت كاب". الآن، خسرت السوق ثلاثة أرباع قيمتها وتراجعت إلى 200 مليار دولار.
تأتي هذه القيمة السوقية المتراجعة للأصول الرقمية الجديدة جنبا إلى جنب مع ارتفاع التقلبات في الأسواق المالية الرئيسة، مثل الأسهم، ما يتيح للمتداولين فرصا أخرى لتحقيق أرباح من أسعار الأصول المتقلبة.
سايمون تايلر، نائب رئيس بنك باركليز سابقا والمؤسس المشارك لهيئة استشارات التكنولوجيا المالية 11:FS، قال: "انتهت المبالغة، وولى أيضا الشخصيات المقامرة والمتداولون".
البيتكوين، العملة المشفرة الأصلية والأكثر قيمة، انخفضت من 19 ألف دولار في كانون الأول (ديسمبر) إلى نطاق يراوح بين 6000 و8000 دولار منذ حزيران (يونيو). أنصار البيتكوين، التي خلافا للعملات الورقية لا تخضع لسيطرة سلطة مركزية، ينظرون إليها على أنها مخزن للقيمة. لكن تاريخها حديث العهد تميز باندفاعات سريعة وانخفاضات حادة.
سكوت وايس، وهو محام في ولاية أريزونا، اشترى أول عملة بتيكوين حين كانت عند أعلى سعر لها في كانون الأول (ديسمبر). قال، وهو يتأمل الخسائر التي مني بها: "أنا لست مستثمرا محترفا. هذه هي أنواع الأخطاء التي نرتكبها. نحن نعْلق في هذه المبالغات". وهو لا يزال يحتفظ بالعملة بشكل حازم.
وايس ليس الوحيد. لا يزال معظم أنصار العملات المشفرة يُظهِرون شيئا من التفاؤل. منصة التداول "إي تورو"، التي تعرف بإعلانات العملات المشفرة الجريئة وتنشر في مترو الأنفاق في لندن، لا تعتزم تقليص تسويقها رغم الركود، بحسب ما قال إقبال جاندام، المدير الإداري لمنصة إي تورو.
جوردان فرايد، نائب رئيس مجموعة تطوير الأعمال العالمية في شركة البلوكتشين الناشئة "هيديرا هاشجراف"، التي جمعت 100 مليون دولار من المستثمرين المؤسسين، قال إن الاندفاع نحو المضاربة قدم لبعض الشركات المشروعة التي لا تزال في مراحلها المبكرة رأس المال لبناء خدمات للحفاظ على صناعة العملات المشفرة الوليدة.
وأضاف: "استفاد منها كثير من أصحاب المشاريع من الصبية الصغار الذين كانوا يركبون طائرات خاصة تنقلهم إلى مايكونوس. لكنها تساعدنا أيضا في بناء بنية تحتية".
لكن كثير من سمات الأيام التي شهدت الطفرة تعاني الآن. فمحاولات فتح صناديق مؤشرات متداولة خاصة بالبيتكوين، التي يأمل أنصار العملات المشفرة أن تكون خطوة أساسية نحو اعتماد العملة على نطاق أوسع، قوبلت حتى الآن بفتور كبير من قبل الجهات المنظمة الأمريكية. وكان توأم وينكليفوس، مستثمرو "فيسبوك" الأوائل الذين يديرون بورصة العملات المشفرة "جيميني"، من بين الذين رفضت طلباتهم.
في الحي المالي في لندن، قطاع البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، الذي انخفضت أرباحه في أسواق الأسهم الراكدة العام الماضي، اغتنم فرصة تقلبات الأصول الرقمية الأفضل، مثل البيتكوين وإيثر، منافسه الأقرب. بعد تقديم المشتقات المالية المستندة إلى العملات المشفرة وفرض رسوم باهظة على المقامرين في حال تداولها، حقق كثيرون أرباحا رائعة. أشار مؤشر بلاس 500 إلى تحقيق ارتفاع نسبته 418 في المائة على أساس سنوي في أرباح الربع الأول من عام 2018، مستشهدا "بمستويات عالية من الاهتمام" بمنتجاته من العملات المشفرة.
بالنسبة لمؤشر بلاس 500 ومؤشر فاينانشيال تايمز 250، تعترف شركة التداول "آي جي" بأن الاهتمام بتداول العملات المشفرة بدأ يتضاءل الآن. قال بيتر هيذيرينجتون، الرئيس التنفيذي لشركة آي جي: "الكلمة المناسبة لوصف ذلك هي "الانهيار".
وتزامن تراجع البيتكوين مع إدخال عقود بيتكوين آجلة من قبل بورصة شيكاغو للعقود الآجلة ومجلس شيكاغو لبورصة الخيارات للأسواق العالمية، اللتين قدمتا لمستثمري العملات المشفرة فرصة تحوط للمرة الأولى في الوقت الذي سمحتا فيه للمتداولين أيضا بتقديم رهانات بأن سعر البيتكوين سينخفض.
سقوط العملات الرقمية الجديدة التي كان يتم تداولها بشراسة في السابق من عام 2017، مع أسماء مثل "دينتا كوين" و"سبانك تشين"، أدى أيضا على امتصاص أموال السوق التي أصبحت ساخنة.
عمل أصحاب المشاريع على إيجاد مئات من العملات الرمزية فيما يسمى "عروض الاكتتاب الأولية للعملات النقدية"، التي بالكاد عملت على تنظيم أدوات لجمع التبرعات عملت بدورها على فتح مخزونات من الأموال مملوكة في معظمها لمستثمري التجزئة وهو مقترح جذاب بالنسبة لكل من أصحاب المشاريع الذين لا يزالون في مراحلهم المبكرة والمحتالين الذي يريدون الاغتناء بسرعة. تساءل ميتشيل روكس، رئيس البلوكتشين والعملات المشفرة في مركز التمويل البديل لدى جامعة كامبريدج: "من الذي لا يريد طباعة أموال مجانية؟".
تطبيق المراسلة، تيليجرام، جمع مبلغا قياسيا مقداره 1.6 مليار دولار من الأموال النقدية من المستثمرين لتمويل تطوير عملته المشفرة الخاصة به.
في حين لا تقدم العملات الرمزية أي حماية للمستثمرين، تمتع كثير من المقامرين بارتفاع سريع في قيمة مقتنياتهم من العملات المشفرة في الوقت الذي تدافع فيه الآخرون. ونسقت مجموعات من المتداولين فيما بينها لتضخيم سعر العملات النقدية المتداولة بشكل خفيف والاستفادة من خلال بيعها بأسعار مرتفعة بشكل مصطنع. بحلول مطلع كانون الثاني (يناير)، ذروة حمى العملات المشفرة، وصل ما لا يقل عن 39 عملة رقمية لرسملة سوقية تصل قيمتها إلى مليار دولار أو أكثر.
قال روكس: "أدركنا الآن أن كثيرا من تلك العملات الرمزية لا يمكنها تحريك أي تطبيق مفيد، وإن تمكنت من ذلك، ليس هناك سوى عدد قليل فقط من المستخدمين". بعد تراجع هوس المضاربة، هناك 15 عملة نقدية فقط حاليا تحظى برسملة سوقية تصل إلى أكثر من مليار دولار، وفقا لـ "كُوين ماركت كاب". ويدرج موقع "ديد كُوينز" العملات الرمزية التي تم التخلي عنها.
قال آري لويس، الذي افتتح صندوق تحوط للعملات المشفرة، جراسهوبر كابيتال، في آب (أغسطس) 2017: "ولت الأيام التي كنا نستثمر فيها في عملية الاكتتاب الأولية للعملة ونحصل على أرباح تفوق نسبتها 75 مرة في غضون ستة أشهر". قال أحد المستثمرين ممن لديه حيازات شخصية من العملات المشفرة تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من الدولارات إنه كان يواصل شراء واقتناء البيتكوين، إلا أنه تخلى عن العملات النقدية التي كانت تداولات شائعة العام الماضي، بما فيها "إكس آر بي"، ثالث أكبر العملات.
هيئات تنظيم الأوراق المالية وبسبب خوفها من وقوع خسائر غير مقبولة لدى المستهلكين، ضيقت الخناق على عروض العملات الأولية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES