FINANCIAL TIMES

الذكاء الاصطناعي يساعد على ضبط حالات الغش في الاختبارات

الذكاء الاصطناعي يساعد على ضبط حالات الغش في الاختبارات

في كل عام، يرفض منسقو اختبار القبول في برنامج الإدارة للدراسات العليا عدة عشرات من مقدمي الطلبات بسبب الغش في اختباراتهم.
تراوح أساليب الغش من متقدمين ينتحلون شخصية مرشحين يدخلون الامتحان بالاسم، إلى إخفاء كاميرات في أزرار المعاطف والنظارات الطبية. الكاميرات الخفية تتولى مسح وإظهار الأسئلة أمام أشخاص متواطئين موجودين في مكان بعيد، يقدمون بعد ذلك الإجابة الصحيحة عبر سماعة أذن مخفية.
سانجيت تشاوفلا، الرئيس التنفيذي لمجلس القبول في تخصص الإدارة للدراسات العليا GMAC، المسؤول عن الاختبار الذي يختار فيه الطالب إجابة من عدة إجابات، الذي يخضع له ربع مليون متقدم كل عام، يقول: "هذه اختبارات ذات أمور كبيرة جدا على المحك. مع الأسف، هناك حافز يدفع الناس إلى محاولة الحصول على ميزة غير عادلة".
الآن يجري نشر تكنولوجيا من قبل من يضعون أسئلة الاختبار ويجرون عملية التصحيح من أجل الحد من عمليات الغش – التي لا تزال عموما مشكلة ضئيلة – ومن أجل إيجاد قدر أكبر من الكفاءة في إعداد الاختبارات والتصحيح، وللمساعدة في تحسين التعليم والدراسة. بدءا من الاختبارات التقليدية التي تعتمد على الورقة والقلم ودور نشر الكتب الدراسية، مثل بيرسون، وصولا إلى الشركات الرقمية الأصلية، مثل كورسيرا، يجري تطوير أدوات إلكترونية وذكاء اصطناعي بهدف تقليص التكاليف وتعزيز عملية التعلم. لسنوات، سمحت الاختبارات متعددة الإجابات للماسحات الضوئية بتصحيح الاختبار ورصد النتائج دون أي تدخل بشري. الآن، تأتي التكنولوجيا مباشرة لتدخل قاعة الامتحان. فقد حصلت "كورسيرا" على براءة اختراع نظام يتضمن التقاط صور للطلاب والتحقق من هويتهم من خلال مستندات ممسوحة ضوئيا.
هذه أجهزة لكشف حالات الانتحال والسرقة الأدبية، تستطيع تفحص إجابات الأسئلة التي تأتي على شكل مقالات والبحث عبر شبكة الإنترنت – أو عبر أعمال طلاب آخرين – لتحديد ما إذا كانت هناك عملية نسخ. وتستطيع كاميرات المراقبة الموصولة بالإنترنت مراقبة مواقع الاختبار لضبط عمليات الغش أو أية ممارسة غير سليمة.
حتى عندما يجيب الطلبة على الأسئلة، فإنهم يقدمون قرائن يمكن استخدامها لتضييق الخناق على عمليات الغش. فهم يتركون "بصمات" إلكترونية مثل الضغط على لوحة المفاتيح، والسرعة أو حتى أسلوب الكتابة.
تقول إميلي جلاسبيرج ساندس، رئيسة علوم البيانات لدى شركة كورسيرا: "يمكننا التحقق من بصمات أصابعهم على لوحة المفاتيح. من الصعب التحضير لأشخاص عازمين على الغش، لكننا نحاول اتباع كل وسيلة ممكنة".
من خلال تخصيص عشوائي لمجموعة مختلفة ومختارة من الأسئلة لكل متقدم، يستطيع الفاحصون تجنب مخاطر سرقة الأوراق، أو تداولها مسبقا، أو إقدام المرشحين على نسخ إجابات غيرهم أثناء تأدية الاختبار.
بحسب تشاوفلا، يتم بسرعة اختبار مجموعات من الأسئلة الجديدة الواردة في اختبارات مجلس القبول في تخصص الإدارة للدراسات العليا في كل موضوع على مرشحين للتأكد من أنها تتسم بصعوبة مماثلة، ويجري التخلص من الأسئلة الأقدم بمجرد أن يكون قد تم استخدامها لعدد معين من المرات.
في بعض المواضيع، مثل الرياضيات والعلوم المالية، تعكف دور النشر الإلكتروني عبر الإنترنت على إعداد أسئلة فريدة عن طريق إجراء تغيير عشوائي للمتغيرات الرقمية المستخدمة في أسئلة الاختبارات. تقول إيزابيل باجو-بيساناينو، عميدة كلية ديسوتيل للإدارة في جامعة ماكجيل: "هذه الطريقة ناجعة جدا طالما تتم برمجة الخوارزميات بشكل صحيح".
تساعد التكنولوجيا أيضا المصححين الذين يصححون الإجابات الأكثر تعقيدا بأسلوب يدوي. عندما حصل طلبة المدارس في كل أنحاء المملكة المتحدة على نتائجهم في اختبارات المستوى العالي A-level الأسبوع الماضي، كان قد تم تحديث النظام بشكل جذري للحصول على تلك الدرجات.
وفي حين لا يزال المتقدمون بشكل اعتيادي يكتبون الإجابات يدويا، لم يعد يتم إرسال كل ورقة منفصلة بالبريد إلى جهة تصحيح واحدة. بدلا من ذلك، يجري مسحها ضوئيا، وفصلها، وإرسال أسئلة منفصلة لفاحصين مختلفين لتتم قراءتها إلكترونيا عبر الإنترنت.
تعمل هذه العملية على ضمان عملية تسليم آمنة، وسرعة التصحيح، وتسمح بعملية تعقب حقيقية وضمان جودة العلامات والنتائج. ويستكشف عدد من أنظمة الاختبار طرقا لمقارنة وتقييم نوعية التصحيح للاختبارات الأساسية من قبل جهات تصحيح أرخص ثمنا وأقل خبرة، ما يسمح لجهات التصحيح الأكثر خبرة بالتركيز على عملية الحكم على إجابات أكثر تعقيدا تتطلب مهارات أكبر.
ويستمر المسؤولون عن التعليم أيضا في تعلم الآلة ومعالجة اللغات الطبيعية لتقييم الإجابات الواردة في الاختبارات الأكثر تعقيدا. يقول تيم بوزيك، الرئيس العالمي للمنتجات في شركة بيرسون: "نحن في حالة انتقال من تقييم ماذا كانت الإجابة على السؤال إلى كيف هي الإجابة".
وتختبر الشركة أيضا تحليلا لمسح مرئي للخطوات المتبعة في حل مسائل الرياضيات، حتى تتمكن من دراسة وتفحص الطرق التي يستخدمها الطلبة وتحديد المراحل التي يخطئ الطلبة فيها في الحل. وتعكف أيضا على تطوير خوارزميات خاصة بكتابة المقال تحلل التركيبة اللغوية لتقييم الأسلوب والتفكير الناقد والاستيعاب والفهم.
وجانب كبير من تطبيق التكنولوجيا يركز بشكل أقل على الاختبارات النهائية وكشف الغش، وبشكل أكبر على الاختبارات المتوسطة المصممة بهدف تحديد مواطن الضعف لدى الطلبة والمساعدة في تحسينها.
تقول كيت إدواردز، رئيسة قسم الإبلاغ عن الكفاءة في شركة بيرسون: "حين تطلب من الناس النظر إلى التعليم في السابق فإنهم سيتكلمون عن معلم كان مصدر التحفيز بالنسبة لهم. يمكن زيادة الدعم المقدم من خلال تعلم الآلة في مهام معينة، ما يسمح للمعلمين بقضاء وقت أكبر في التركيز على المجالات التي يمكنهم من خلالها إحداث أكبر قدر من التأثير".
تستخدم الاختبارات تقليديا لاختبار قدرات الطلبة، في حين غالبا ما يتم استخدام نتائجهم في الاختبارات عند تجميعها من قبل أولياء الأمور والمفتشين للحكم على جودة المدارس. في كندا، ومع وجود نظام تعليمي يحظى بمرتبة عالية جدا في التقييمات الدولية، اعتمدت إدارات المدارس نهجا مختلفا جدا.
يركز المعلمون والمدارس بشكل أقل على الاحتفال بالإجابات الصحيحة، وبشكل أكبر على تفسير كيفية الرد على الإجابات الخاطئة الأكثر شيوعا. وهذا يسمح لهم بتفهم مواطن الضعف في استيعاب الطلبة، بحيث يمكنهم تعزيز جوانب المنهاج الدراسي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES