FINANCIAL TIMES

الآباء والأمهات العاملون بحاجة إلى ذكاء اصطناعي لتخفيف العبء

الآباء والأمهات العاملون بحاجة إلى ذكاء اصطناعي لتخفيف العبء

ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات سأل أخيرا سؤالا مثيرا للاهتمام. "أبي، هل تعجبك وظيفتك؟" نعم، قال زوجي، وهوبالفعل كذلك. "حسنا، أنا لا أحب وظيفتي"، جاء الرد.
مثل هذه الجمل المحيرة، وفي بعض الأحيان المختلقة، مُتوقعة عندما تعيش مع أطفال دون سن الدراسة، لكن كانت هذه مدهشة أكثر من معظمها. استفسر زوجي عن الوظيفة التي ظن ابننا أنه يعمل فيها. "وظيفتي هي الحضانة"، قال الطفل البالغ من العمر ثلاث سنوات.
وزوجي وأنا نعمل كلانا بدوام كامل في وظيفتين مرهقتين مع التنقل مسافة طويلة إلى العمل ومنه. وفي معظم أيام الأسبوع، لا يرى أي منا الشخص الأغلى في حياتنا، وعندما نراه، عادة ما نكون مُستنزفين وضجرين ونتجادل حول من منا متعبٌ أكثر.
إننا جزء من ظاهرة متزايدة: بين عامي 2001 و2013 ارتفعت نسبة "الثنائي العامل بدوام كامل" من ربع العائلات في المملكة المتحدة إلى ما يقارب الثلث، وفقًا لبحث نشر عام 2016 من قبل علماء الاجتماع في جامعة إيست أنجليا.
وخلال الفترة نفسها، أصبح الأنموذج الأكثر تقليدية الذي يتضمن 1.5 من العاملين في كل منزل "عادةً أب بدوام كامل وأم بدوام جزئي" أقل شيوعاً، إذ انخفض من 37 في المائة من الأسر في عام 2001 إلى 31 في المائة عام 2013. البروفيسورة سارة كونولي، أحد كتاب التقرير، تقول "إن البيانات الأولية تشير إلى أن المسار قد استمر"، مبينة أن الثنائي العامل بدوام كامل كان يمثل 34 في المائة من الأسر في عام 2015. وهذا تحول ملحوظ. قبل وقت قريب يرجع إلى عام 1985، كان 29 في المائة فقط من النساء الذين في سن العمل في المملكة المتحدة يعملن بدوام كامل.
من وجهة نظر الحكومات التي تتطلع إلى استخلاص آخر قطرة من الإنتاجية من أسواق العمل، يبدو أن ارتفاع نسبة الثنائي العامل بدوام كامل أمر جيد بالنسبة إليها. هناك أيضا فائدة اقتصادية ثانوية: كلما زاد الوقت الذي يقضيه الوالدان في العمل، ازدادت استعانتهما بمصادر خارجية لتولي المهام الأخرى، من رعاية الأطفال إلى الغسل والتنظيف والطهي "يشهد على ذلك نجاح صناديق تجهيزات وصفات الطعام ذات السعر المرتفع بشكل كبير". أصبح هناك طلب جديد على هذه الخدمات.
لكن هناك ثمنا مقابل هذا. وفقًا لقائمة الأسر الحديثة "مودرن فاميليز 2018"، وهي دراسة لـ 2760 من الآباء والأمهات العاملين في جميع أنحاء المملكة المتحدة نشرتها المؤسسة الخيرية "ويركينج فاميليز"، "الآباء والأمهات ومقدمو الرعاية يكافحون للعثور على المرونة وعلى التحكم في وقت العمل الذي يحتاجون إليه لدعم الحياة الأسرية". وأشار الاستطلاع إلى أن 18 في المائة من الآباء والأمهات كانوا يتوقفون عمدا عن التقدم في وظائفهم نتيجة لذلك، وأن 13 في المائة تركوا وظائفهم لدور يناسب حياة الأسرة بشكل أفضل. ومن المثير للاهتمام أن أولئك الذين يرجح أن يقولوا إنهم يريدون تقليص الوظائف في العامين المقبلين لتحقيق توازن أفضل بين الأسرة والعمل كانوا آباءً صغارا في العمر.
هناك أمران يمكنان أنموذج الثنائي العامل بدوام كامل من العمل بسلاسة. الأول هو وجود جد "أو اثنين" يعيشان محليا ويمكنهما المساعدة. والأمر الآخر هو الثروة المستقلة التي يمكن إنفاقها على رعاية الأطفال، والتدبير المنزلي، وتكاليف سيارات الأجرة التي يستغلانها للوصول إلى المنزل في الوقت المحدد للنوم. بدون هذه المزايا - ولنكن واقعيين، الأغلب لا يملكها - من الصعب التعامل مع الأمر.
إحساسي هو أن الإجابات الجيدة لهذه التحديات لن يتم العثور عليها بمجرد إجراء تغييرات طفيفة على الوضع الراهن، ولا عن طريق الشركات التي تتحدث بشكل إيجابي عن "العمل المرن" في حين إنها توفره فقط لقلة مختارة.
وكما يجادل المفكر الهولندي الشاب رترجر بريجمان في كتابه "مدينة الواقعيين الفاضلة" Utopia for Realists الأكثر مبيعاً في عام 2016 "علينا أن نوجه عقولنا إلى المستقبل، ونفكر في البدائل". ويدعو بيرجمان إلى دخل أساسي عالمي وأسبوع عمل من 15 ساعة. أنا شخصياً سأبدأ بأسبوع من أربعة أيام وسأجعل الروبوتات تسد الثغرات.
ففي نهاية الأمر، نحن جميعا قلقون من موجة الأتمتة المقتربة. لكن ماذا لو كان جزء من الإجابة عن ثورة الذكاء الاصطناعي هو تسليم أكثر المهام تكرارًا في أسبوع العمل إلى الروبوتات، مع أخذ يوم كامل إجازة مدفوعة الأجر لقضائه مع أطفالنا، أو مع والدين مسنين، أو لممارسة هواية ما، أو أداء عمل تطوعي، أو المشاركة في السياسة المحلية؟ أو مجرد قراءة كتاب؟
إنني عموماً أمزح حول الروبوتات. للأسف هذه ليست الطريقة التي تعمل بها الأتمتة. لكن يجب أن نبدأ التفكير بشكل مبدع فيما نريده من العمل - ومن حياتنا. في منزلي، هناك أوقات نشعر فيها ثلاثتنا بأننا يطغى علينا الإرهاق بسبب وظائفنا. التهديد الوشيك بأنك ستصبح غير مفيد، أو غير مطلوب يجعل الوقت الحالي هو الوقت المناسب لإعادة التفكير.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES