Author

عيد الأضحى

|
يأتي عيد الأضحى المبارك ليشهد أعمالا عديدة من حجاج بيت الله الحرام. ففيه يطوف الحجيج ويرمون جمرة العقبة ويقدمون الهدي ويحلقون أو يقصون الشعر ويتحللون من الإحرام ليكون فعلا يوم الحج الأكبر. يشاركهم في الأعمال إخوانهم المسلمون في كل أنحاء العالم بذبح الأضاحي سيرا على سنة خليل الله إبراهيم - عليه السلام - وتأسيا بفعل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم. إن الاجتماع العظيم للحجيج من كل أركان المعمورة وما يمثله من ضرورة العناية بالكينونة الإسلامية، لهو بحق أكبر دافع للمسلمين للعودة إلى أسس الإسلام التي نزل بها القرآن الكريم وجسدها النبي العظيم في سلوكه وحديثه وكل حركة وسكنة له - صلى الله عليه وسلم. كما أن هذا اليوم يجسد بحق البساطة والتبسط والأريحية التي تنبع من الإسلام وتحكم كل ما فيه من التعاليم، فقد كان رسول الله يقول لكل من سأله عن تقديم أمر أو تأخيره: "افعل ولا حرج". كلمة يجب أن تكون أساس التعامل بين المسلمين لتقبل بعضهم والمحافظة على وحدة أمتهم، فهذا ما جاء به هدي النبي ولا يمكن أن نتوه ونبتعد عنه كما نشاهد اليوم من كثيرين ممن يحاولون إيجاد الفرقة والشحناء بين المسلمين لأسباب واهية لا يقبلها المسلم الواعي، لكنها تؤثر في العامة الذين يتقبلون ما يأتيه قدواتهم من الآراء الشاذة ويعدونه حقا صرفا. هذه الدعوة التي نحتاج اليوم إلى تبنيها ودعم نشرها على وسائل الإعلام تحتاج إلى الدعم الأكبر من علماء الأمة الربانيين، حيث يلزم البحث عن مواقع الاتفاق، والتركيز على ذلك في المؤلفات والخطب والقنوات. هذا أمر يستلزم كثيرا من التنازلات والتخلص من النرجسية التي يعانيها بعضهم، وهو أمر صعب، لكنه ممكن وملزم لمن يريد أن تكون له يد في حماية جسد الأمة وإسهام في صناعة إرث يشهد له في الدنيا والآخرة. تخيلوا أن ننهض غدا لنجد حديثا مختلفا، وأسلوب تقبل يراعي الجميع ويسعى إلى الوحدة ويحارب الشتات والفرقة ويحترم الخلاف والاختلاف كعناصر طبيعية في الفكر البشري والرؤية العامة للعالم. تلك أمنية عظمى يتمناها كل مسلم في العالم، لا فرق بين عالم وغيره، لكننا في حاجة إلى من يبدأ التغيير ويتفهم ما تحتاج إليه الأمة وهي تواجه أعظم التحديات التي تهدف إلى الإساءة للدين والتحريض على كل المنتسبين إليه.
إنشرها