FINANCIAL TIMES

نزيف الليرة .. أصول الأجانب في تركيا تتراجع 41 مليار دولار

نزيف الليرة .. أصول الأجانب في تركيا تتراجع 41 مليار دولار

الصناديق التي تدار من قبل مجموعة من البيوت المالية الراقية، بما فيها "فايديليتي" و"جولدمان ساكس"، كانت من بين المجموعات التي لديها رهان كبير على السندات التركية بعد أن تفاقمت أزمة العملة في البلاد عقب إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان.
الليرة التركية عادت لتواصل رحلتها جنوبا بعد فترة قصيرة من التحسن الأسبوع الماضي، في حين انخفضت الأسهم والسندات انخفاضا حادا بعد أن أضاف توتر دبلوماسي مع الولايات المتحدة إلى المخاوف التي يعانيها المستثمرون منذ فترة طويلة بشأن الاختلالات في الاقتصاد والتضخم المنفلت من عقاله.
وفقا لبيانات "بلومبيرج"، المحفظة الاستثمارية لسندات الأسواق الناشئة التي تبلغ قيمتها ثمانية مليارات دولار لدى شركة جولدمان ساكس لإدارة الأصول كان لديها وزن نسبي 7.8 في المائة في السندات التركية في نهاية حزيران (يونيو)، ثالث أكبر مركز لها. وكانت "فيديليتي" تضع تركيا في المرتبة الثانية من حيث الوزن النسبي، بنسبة تبلغ 6.9 في المائة في صندوق دخل الأسواق الجديدة الذي تبلغ قيمته خمسة مليارات دولار.
ومنذ نهاية حزيران (يونيو)، عائدات السندات السيادية التركية لأجل عشر سنوات، التي تتحرك في الاتجاه المعاكس لسعرها، ارتفعت 1.8 نقطة أساس لتصل إلى 8.7 في المائة، ما أدى إلى وصول تلك المراكز إلى مستويات متدنية جدا. ورفضت كل من "فايديليتي" و"جولدمان ساكس" التعليق على الموضوع.
ومع أن المشكلات التي تعانيها تركيا تفاقمت منذ أن أثار البنك المركزي التركي فزع المستثمرين حين قرر عدم رفع أسعار الفائدة خلال أول اجتماع له منذ إعادة انتخاب أردوغان 24 حزيران (يونيو)، إلا أن بعض المستثمرين الأجانب شرعوا منذ فترة في تخفيض مراكزهم في تركيا قبل أن تتعرض لأزمة عملة يخشى بعضهم أن تسفر عن حدوث ركود.
فبحسب بيانات البنك المركزي، خلال الفترة بين شباط (فبراير) ومطلع آب (أغسطس) باع مستثمرو المحافظ الاستثمارية الأجانب أسهما وسندات سيادية وسندات شركات تركية وصلت قيمتها الصافية إلى 3.4 مليار دولار. وعند احتساب خسائر السوق وتراجع الليرة، تكون ملكية غير المقيمين للأصول المالية التركية قد انخفضت من 92 مليار دولار في آب (أغسطس) 2017 إلى 51 مليار دولار في بداية هذا الشهر.
عيد الحسيني، كبير محللي أسعار الفائدة والعملات لدى "كولومبيا ثريدنيدل"، الذي يحتسب احتمالات حصول ركود في تركيا قبل نهاية العام بنسبة 50 في المائة، يرى أن "معظم حسابات الأموال الحقيقية ذهبت بسبب تراجع العملة بحيث أصبحت أقل من مؤشراتها المعيارية، لكن لا تزال هناك فرصة للحد من هذا المركز".
وخفضت صناديق أسهم الأسواق الناشئة من متوسط الوزن النسبي لتعاملاتها في تركيا إلى 1.42 في المائة في تموز (يوليو)، قبل أسوأ عملية بيع على المكشوف، استنادا إلى تحليلات 180 صندوقا ذات أصول يبلغ مجموع قيمتها 355 مليار دولار يجري تعقبها من قبل صندوق كوبلي للبحوث، وهو أدنى مستوى لها منذ أن بدأت في تسجيل مستويات قياسية في عام 2011.
وتسبب تراجع في مؤشر إسطنبول بيست 100، المؤشر المعياري لتركيا – انخفض 32 في المائة من حيث القيمة بالدولار منذ نهاية حزيران (يونيو) – في حصول اضطرابات.
"سيستاميك فند" الصندوق، التابع لمصرف جيه سافرا سارسين، وهو أداة ذات وزن نسبي متساو مع حيازات تصل إلى نحو 5 في المائة في كل واحد من 20 سوقا ناشئة، احتفظ بمركزه في تركيا.
لكن أندريا ناردون، رئيس التحليلات الكمية في سارسين وشركاه، قال "إن الصندوق تغلب على مؤشره المعياري هذا الشهر على اعتبار أن فائدة المركز الذي هو دون الوزن النسبي في الصين كانت أعلى من الخسائر التركية".
في الوقت نفسه، صندوق الأسواق النامية التابع لـ "إنفسكو بيربيتشوال" الذي تبلغ قيمته 2.7 مليار دولار، كان في 30 حزيران (يونيو) يستثمر 5.2 في المائة من أصوله في الأسهم التركية، نصفها في مجموعة حاجي عمر سابانجي، التي انخفض سعر سهمها 38 في المائة من حيث القيمة بالدولار منذ ذلك الحين. وقد رفض مديرو الصندوق التعليق، لكن نيكولاس ميسون، الذي يدير صندوق البلدان الأوروبية الناشئة التابع لـ "إنفسكو بيربيتشوال"، قال "إن مركزه في تركيا الذي أصبح خارج النطاق المعياري كلف صندوقه 2 في المائة من أصوله هذا العام، بعد تحقيق إسهام إيجابي في عام 2017".
لكن على الرغم من أن واشنطن وأنقرة لا تزالان في خلاف شديد حول اعتقال القس الأمريكي أندرو برانسون وعلى الرغم من التدابير المتواضعة المتخذة من قبل البنك المركزي التركي، يرى بعض المستثمرين أن هناك فرصة سانحة خلف هذه الاضطرابات الحالية.
ولأن الوزن النسبي لتركيا في صندوق ساراسين تراجع إلى 3.5 في المائة نتيجة انهيار السوق، توقع ناردون أن يكون مشتريا كبيرا للأسهم التركية في أوائل أيلول (سبتمبر) عندما يحقق الصندوق إعادة التوازن مرة أخرى.
وقال ميسون، من "إنفسكو بيربيتشوال"، "إنه كان يبيع أسهما تركية دفاعية، مثل شركة المواد الغذائية بالتجزئة "بيم" وشركة النقل الجوي منخفض التكلفة "بيجاسوس"، ويشتري أسهما تنطوي على نمو أعلى تم بيعها بكميات كبيرة "بشكل عجيب"، مثل شركة كوكا كولا آيسكيك "شركة تعبئة زجاجات الصودا الأسرع نموا في العالم" التي "هي الآن الشركة الأرخص ثمنا أيضا".
لكن ميسون يظل "يشعر بالقلق" حيال المصارف التركية، بالنظر إلى أن مستوياتها العالية من الديون بالعملات الأجنبية يمكن أن تؤدي إلى إثارة "قضية جودة أصول خطيرة"، وهو يتوقع حصول "تباطؤ سريع في النشاط" الاقتصادي.
هذا الأسبوع اعترف "ويليام بلير"، الصندوق الذي يوجد مقره شيكاغو وتصل قيمته إلى 62 مليار دولار، بأنه اشترى الليرة التركية في أواخر أيار (مايو)، التاريخ الذي انخفضت العملة بعده 18 في المائة مقابل الدولار.
لكن إدوارد سينيشال، كبير المحللين في الصندوق، أيد عملية الشراء، قائلا "إن الليرة يجري تداولها الآن بنصف قيمتها العادلة فقط وفي الوقت نفسه تقدم سعر فائدة حقيقي بنسبة 7.5 في المائة، ما يعني فرصة استثمار لا يستهان بها".
لكن لأن تركيا لا تزال تفتقر إلى وجود احتياطيات أجنبية كافية لتغطية احتياجاتها التمويلية الخارجية قصيرة الأجل ولأن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أعلن الأسبوع الماضي أن تركيا "تتصرف بشكل سيئ للغاية"، يعتقد الحسيني، من "كولومبيا ثريدنيدل"، أن معظم المستثمرين "ما زالوا يبيعون الأصول بكميات هائلة".
المتشائم بالقدر نفسه، داميان بوشيه، رئيس استراتيجية العائدات الإجمالية في "فينيستير كابيتال" في لندن، قال "إن هناك مخاطر تدهور مستمر في تسعير الأصول التركية على المدى المتوسط"، مبينا أنه بدأ في شراء عقود تأمين ضد إعسار السندات السيادية، يتم دفعها في حال تعثرت أنقرة في تسديد ديونها.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES