default Author

مهرجان جلود الأضاحي

|

"مخلوقات غريبة" تلك التي تجول في شوارع المدن المغربية، تشبه الخراف والماعز ولكنها تسير على قدمين ولها يدان على هيئة البشر ووجوهها مغطاة إما بأقنعة وإما بألوان تخفي معالم الوجه ما عدا العينين وتنبعث منها رائحة كريهة، تتراقص هذه المخلوقات على قرع الطبول ويجري خلفها الأطفال بفرح وخوف أحيانا، تحمل هذه الكائنات بأيديها قوائم الخرفان تضرب بها كل مار ضربات خفيفة لكل من يرفض منحهم المال وأحيانا لمجرد الدعابة. يظن كل من يراهم لأول وهلة أنه في عيد الهالوين مع اختلاف الزمان والمكان! إنه احتفال من نوع آخر سبق الهالوين الأمريكي بمئات السنين، فهي عادة أمازيغية تعرف بـ "بيلماون" كان يحتفل بها سكان شمال إفريقيا منذ القدم لتقديس الحيوانات وخصوصا الكبش، وهناك من يقول إن أصل هذا الاحتفال يعود إلى عهد الرومان الذين أدخلوه على المغرب كتجسيد لتقاليدهم واحتفالاتهم التي كانت تقام في أثينا المتمثلة في احتفالات "ديونيسيس" المعروفة بموكب من الممثلين يلبسون أقنعة ويرافقهم مجموعة من الأولاد يغنون الأناشيد الدينية. وبعد مجيء الإسلام لم يتم إلغاؤه بل حولوه بما يتناسب مع عيد الأضحى وسمي "بو جلود". تبدأ مراسم هذا الاحتفال بجمع جلود الأضاحي في أول أيام عيد الأضحى المبارك ومن ثم غسلها وتحضيرها لتكون صالحة للبس بعد خياطتها جيدا، لضمان عدم تمزقها أثناء الجري والرقص، ويتطلب تحضير الزي الواحد من خمسة إلى سبعة جلود حسب طول الشخص إضافة إلى حوافر مقادم الأضاحي التي تربط في طرفه عصا لاستخدامها في الضرب أثناء الاحتفال! بعدها يخرج المتنكرون في زي الخراف إلى الشوارع للاحتفال بعد صبغ وجوههم أو ارتداء الأقنعة، يرافق "بو جلود" مجموعة من الشباب ما بين 6 و20 شخصا، جزء منهم يحملون الدفوف ويضربون عليها أنغاما إفريقية راقصة، والجزء الآخر يحملون العصي المنتهية بحوافر الماشية. يجوب المحتفلون الشوارع ويقرعون الأبواب لطلب المال ومن يرفض يقومون بضربه بحوافر الخرفان، أو يطاردون بها المارة في الشوارع ينالهم منها ضربات خفيفة تعرف شعبيا ببركة العيد في أجواء احتفالية مرحة! والغريب في هذه الاحتفالات أن من الشباب من يتنكر في زي امرأة ويرتدي القفطان المغربي ويضع المكياج الكثيف ويؤدي طوال اليوم رقصات نسائية على أهازيج الأغاني الشعبية، وقد يتنكرون في أزياء أخرى مثل الفراعنة والأشباح والعفاريت والقطط، أو على هيئة شرطي أو مخبر! والمؤسف أن هذا الاحتفال قد يستغل ويتحول من مهرجان لزرع الفرح والبهجة إلى اعتداء على الناس وضربهم أو سلب أموالهم، لذا تحاول بعض البلديات المحافظة على هذا الموروث ومنع أي تصرفات مشينة تشوهه، وتقديمه كعرض فني شبيه بالمسارح الخارجية!

إنشرها