FINANCIAL TIMES

الحيطة واجبة .. الموجة العالية لإعادة شراء الأسهم لن تدوم

الحيطة واجبة .. الموجة العالية لإعادة شراء الأسهم لن تدوم

متلازمة "لوثة إعادة الشراء" عادت لتوقعنا في قبضتها.
السبب في ذلك أساسا هو إعادة الشركات شراء أسهمها بمعدل قياسي هذا العام، خاصة في الولايات المتحدة حيث كان هناك دور مهم لحركات إعادة الأموال إلى الوطن، لكن حدث ذلك أيضا في بقية العالم. غير أن الانبهار بتقلص الأسواق العامة وما ينتج عنه من نمو في الأسواق الخاصة قدم أيضا مزيدا من الإثارة نتيجة بعض القصص الصاعقة، في الوقت الذي يحاول فيه المديرون والمؤسسون الحصول على أفضل ما في العالمين.
يريد إيلون مسك، رئيس "تسلا"، أن يحول شركته إلى شركة خاصة، ويبدو أنه على استعداد لازدراء القواعد والأعراف من أجل هذا الهدف. الفضائح في "أوبر"، خصوصا في "ثيرانوس"، وهي شركة لفحص الدم تُواجه مؤسسِّتها الآن محاكمة جنائية بتهمة الاحتيال، تذكر الجميع بأن الشركات الخاصة تخضع لرقابة متراخية ويمكن أن تتمادى بسهولة.
من الممكن المبالغة في أهمية ما يجري. وكما أوضح كليف آسنس في هجوم حاد على صندوق إدارة الاستثمار AQR، حيث ادعى أن كثيرا من الشركات يعاني "متلازمة لوثة إعادة الشراء"، فمن المنطقي تماما أن نتوقع ارتفاع عمليات إعادة الشراء بمرور الوقت، مع زيادة الرسملة السوقية أيضًا بمرور الوقت. علاوة على ذلك، من العبث النظر إلى عمليات إعادة الشراء بمعزل عن غيرها من الأمور؛ نحن بحاجة إلى معرفة صافي عمليات إعادة الشراء، بما في ذلك الأسهم الجديدة الصادرة. على هذا الأساس كانت عمليات إعادة الشراء الصافية كنسبة من إجمالي القيمة السوقية في اتجاه هبوطي إلى أن جاءت طفرة نشاط هذا العام.
بالتالي هل عمليات إعادة الشراء سيئة للعالم؟ إذا توسعت الظاهرة إلى درجة تحويل الشركات المساهمة إلى شركات خاصة، فإن هناك مشكلات واضحة حول الرقابة والحوكمة. ما وراء ذلك، هناك اعتقاد بأن الهندسة المالية تعني ضخ الأموال للمساهمين، الذين يغلب عليهم أن يكونوا أصلا من الأثرياء، على حساب الاستثمار الذي من شأنه أن يساعد الاقتصاد على النمو.
عملية إعادة شراء الأسهم تشير بالتأكيد إلى أن الشركة، في حال تساوي جميع الأمور الأخرى، لا تستطيع التفكير في أي شيء أفضل تفعله بما لديها من مال.
لكن عندما تستخدم الشركة المال لإعادة شراء الأسهم، فإن هذا لا يعني أن الأموال ستختفي إلى الأبد ولن يتم استثمارها. وكما يشير آسنس، الشركات التي أعادت شراء أسهمها يتبقى معها قدر من السيولة، وهي تحتاج إلى فعل شيء حيال ذلك. وبدون دليل على أن الشركات تكنز هذا المال، أو تقامر به، فمن المعقول أن نفترض أن هذه السيولة، في النهاية، ستُستثمر بشكل منتج. هذا خير من الشركة التي لديها فهم أفضل لنشاطها التجاري أكثر من معظم الشركات الأخرى، ومع ذلك تضيع مالها على فرصة استثمارية لا تبشر بالخير.
الآن، هل يتعين عليك أن تبذل قصارى جهدك لشراء أسهم الشركة التي تعيد شراء كثير من الأسهم الخاصة بها؟ من الناحية النظرية، هذا جيد لحملة الأسهم إذا كانت الأسهم رخيصة، وسيئ إذا كانت الأسهم باهظة الثمن. من الناحية العملية، هذا الأمر الأخير يغلب عليه أن يكون هو الحال.
وكما بيَّن أندرو لابثورن، من بنك سوسييتيه جنرال، في العام الماضي، العلاقة بين جودة الأسهم "التي تظهر ميزانية عمومية قوية وما إلى ذلك" وميلها إلى إعادة شراء الأسهم هي علاقة سلبية، وكانت سلبية خلال معظم الوقت منذ فترة وجيزة بعد الأزمة مباشرة. كان ذلك فقط عندما كان بمقدور الشركات ذات الجودة الأعلى فقط أن تدفع أي مبالغ نقدية للمساهمين أصلا. يمكن أن تكون عمليات إعادة الشراء بمنزلة "إخبار" عن شركة تدار بشكل سيئ، وليس فقط شركة ذات فرص نمو قليلة.
في المجمل، بدأ التراجع في أداء الشركات التي نفذت عمليات إعادة الشراء الضخمة، بعد سنوات كانت فيها تتغلب على السوق. على مدى فترة منذ عشية إفلاس بنك ليمان قبل عشر سنوات حتى نيسان (أبريل) 2015، تفوق صندوق باور شيرز PowerShares المدرج في البورصة لعمليات إعادة الشراء، الذي يمتلك أكثر الشركات الموثوقة من حيث إعادة الشراء، على أداء الصناديق المتداولة في البورصة التي تتبع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 39 في المائة – على الرغم من الأداء القوي لمؤشر ستاندرد آند بورز. ومنذ ذلك الحين، تخلف مؤيدو إعادة الشراء عن مؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 20 في المائة.
على المدى القصير يمكن للانكماش الحاد في التعويم الحر، مثل الذي شهدناه هذا العام، أن يكون فقط إيجابيا بشكل أو بآخر. شركة إيه بي بيرنشتاين تجد علاقة واضحة بين الأمرين: عندما ينخفض الإصدار، يغلب على العوائد أن ترتفع، وقد شهد صافي الإصدار تراجعاً حاداً.
المشكلة الوحيدة هي ما إذا بقي لدى ازدهار إعادة الشراء مسافة كبيرة أمامها، أو ما إذا كانت تدعم السوق في الوقت الذي تتحرك فيه بشكل مستقر ضمن نطاق معين وسط نتائج أرباح رائعة خلال الأشهر الستة الماضية. يراقب لابثورن عمليات إعادة الشراء الصافية في بيانات التدفقات النقدية في الولايات المتحدة والشركات، ويجد أنها زادت بالفعل 30 في المائة على أساس سنوي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التغييرات الضريبية في الولايات المتحدة.
المشكلة الآن هي أن تقديرات عمليات إعادة الشراء المستقبلية تنطوي على زيادة بنحو 100 مليار دولار في كل ربع من صافي الإصدار الحالي البالغ 160 مليار دولار في الربع الواحد – وهو "رقم مبالغ فيه" في رأي لابثورن. ويشير إلى أن "جزءاً كبيراً من هذه الزيادة يتم تمويله نقداً من الميزانية العمومية وبيع الاستثمارات السائلة"، أي زيادة في صافي الدين. وفي الوقت نفسه "عائد المساهمين" في الولايات المتحدة "أرباح الأسهم إضافة إلى عمليات إعادة الشراء" عند 3 في المائة، هو أقل من عائد 3.6 في المائة من توزيعات الأرباح وحدها التي كان يمكن أن تتحقق في أوروبا "بالنسبة إلى الشركات غير المالية في جميع الحالات". يقول لابثورن "هذا ليس مثيرا للإعجاب إلى حد كبير".
بالتالي، عمليات إعادة الشراء ليست سيئة بالضرورة للاقتصاد، لكنها تمثل أحد أعراض المشكلات، وهي تسهم في تقلص الأسواق العامة. على عكس التوقعات، يستحسن أن يتجنب المرء الشركات التي تنفذ عمليات إعادة الشراء بكثرة – وينبغي ألا يعتمد على أن طفرة إعادة الشراء ستستمر لفترة أطول بكثير.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES