Author

خواطر .. حول رحيل العام الهجري

|
قلت له: سأكتب عن العام الهجري الذي يوشك أن يرحل بهدوء دون ضجيج على عكس العام الميلادي! قال: هل ستبدأ موضوعك كالآخرين بعبارة.. وقطعت آخر ورقة في التقويم ورميت بها؟ قلت: لا، لن أكتب بهذه الطريقة ولن أكتب عن العام نفسه، إنما عن الناس خلال العام، لأننا كما يقول الشاعر: "نعيب زماننا والعيب فينا.."، ولأن سب الدهر لا يجوز! الناس خلال عام 1439هـ كانوا أكثر عنفا ودموية، ومن لم يصدق فليرجع إلى نشرات الأنباء خلال ذلك العام، وسيشد شعره "إن كان قد بقي منه شيء"، كما سيحلق ضغطه على ارتفاع 220 درجة.. ولو دقق في خريطة انتشار المآسي والعنف والقتل والظلم، لوجدها تتركز في أجزاء من العالمين العربي والإسلامي.. من أفغانستان إلى سورية وفلسطين ولبنان، ومن العراق إلى اليمن والصومال! وفي الجانب الاقتصادي، كان الوضع غريبا، فأرباح الشركات والمصارف تزداد، وأسعار أسهمها في انخفاض دائم وغير معقول.. وتسمع أن الأراضي والمساكن قد انخفضت أسعارها، ثم تذهب للشراء فلا تجد تغيرا في الأسعار، رغم الحديث عن انخفاض كل شيء.. وتسمع عن الكساد في الأسواق، لكن الأسعار تتجه إلى الأعلى.. مرة بحجة ارتفاع أسعار العملات ومرة بسبب المحروقات والخدمات.. والناس في وسط هذه الدوامة لا يدرون كيف يشدون الأحزمة على البطون، وهل يمكن ذلك مع انتشار مغريات حياة الرغد من خدم وحشم ومطاعم للأكلات الجاهزة توصل طلباتها إلى البيوت لتساعد على كسل الأبناء الذين أصابهم الخمول الجسدي والذهني. وعربيا، فإن عام 1439هـ قد شهد تغيرا كبيرا في المفاهيم حتى أصبحت الدول الصغيرة تدعي العظمة وتتآمر على أشقائها بكل وقاحة.. وعلى المستوى الدولي، كان العام المنصرم عام السمك الكبير الذي يبتلع ما سواه بالتهديد تارة وبالترغيب تارة أخرى. وأخيرا: 1440هـ هل سيحمل مزيدا من المآسي؟ أم يكون عام هدوء وانفراج وفك للاختناقات؟! الله وحده هو الذي يعلم ذلك.. لكننا نتفاءل بالخير لنجده، خاصة على المستوى المحلي، لأن اقتصادنا سيظل قويا - بإذن الله - بعد أن بدأت ثمار «رؤية 2030» تؤتي أكلها عبر برامج عملية انتهجتها الدولة وتضمنت معالجة جدية لصرف المستحقات لأصحابها في ظل رؤية واضحة وتحول نحو الأفضل، أما على المستوى الخارجي، خاصة بالنسبة لفلسطين وسورية، فإني شخصيا غير متفائل.. الأولى، بسبب غطرسة العدو الإسرائيلي وتركيزه على القدس بالذات مع استعداده للمراوغة والاستعانة بالدول الكبرى في سبيل الاحتفاظ بها.. مع أن ذرة من تراب المدينة المقدسة التي تنتظر "صلاح الدين" تساوي كثيرا.. والثانية "أي سورية"، لأن الأمم المتحدة والدول الكبرى تعالج الموضوع بطريقة عجيبة، فتوجد الملاذات الآمنة ولا تؤمنها.. إنما تؤمن النظام الذي كاد أن يسقط ليعود ويبسط نفوذه من جديد بتدخل قوي من روسيا التي أصبحت أهم لاعب في القضية بالتفاهم مع اللاعبين الآخرين، وما أكثرهم، في تقاسم واضح للمصالح، والخاسر الأكبر شعب سورية الصامد في وجه الظلم والطغيان، والله المستعان على كل حال.
إنشرها