Author

وظائف لجميع السعوديين

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يقول هاري ترومان الرئيس الأمريكي الأسبق "الركود هو عندما يفقد جارك وظيفته، والكساد هو عندما تفقد أنت وظيفتك". الوظائف ترتبط بحالة الركود والانتعاش الاقتصادي، الوظائف تتكاثر - إلى حد كبير - على شكل متوالية تزيد مع زيادة الاستثمارات، وتتقلص مع تراجعها.
التغلب على البطالة في أي بلد يعد أمرا في غاية التعقيد، ويتطلب جهودا استثنائية لاستقطاب وتحفيز الشركات الوطنية والأجنبية على الاستثمار؛ فالقاعدة الأولى تقول إن الوظائف ترتبط ارتباطا وثيقا بحجم الاستثمارات في الاقتصاد - هل يمكننا القول إن اقتصادنا يعتمد على تلك القاعدة؟
ملايين العمالة الوافدة والزائدة في أي بلد تشكل هاجسا كبيرا كما هو حالنا وكما في الاقتصاديات التي تعتمد على حكوماتها في الإنفاق، وبما أن أكثرهم عندنا لا يشاركون في توريد عملات صعبة من خارج الاقتصاد، فسيصبحون عبئا على خدمات الدولة، ومزاحمة المواطنين على العمل.
نظريا، التعليم يزيد من فرص حصول المواطنين على وظائف أفضل في الإدارة العليا والمتوسطة، إلا أن ذلك لم يحصل في القطاع الخاص، ولم يشفع الناتج المحلي الذي تخطى 2.5 تريليون ريال عام 2017، أن يوظف مليون مواطن باحث عن العمل، رغم وجود عدد كبير من السعوديين تخرجوا في جامعات موجودة في اقتصاديات متقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية والآسيوية، إضافة إلى خريجي الجامعات والكليات والمعاهد السعودية، وما زال كثير منهم عاطلين عن العمل. هذه القصة تتكرر منذ ثلاثة عقود، فما سر ذلك؟
أكاد أجزم بأننا لسنا في حاجة إلى تعاقب وزاري في وزارة العمل بقدر حاجتنا إلى تغيير وتحسين منهجيتنا في السعودة والتوطين.
من خلال نظرتي الاقتصادية المتواضعة، أرى أننا في حاجة إلى تغيير منهجية إدارة سوق العمل، عن طريق نقل ملف سعودة الأعمال إلى الهيئات المشرفة على القطاعات المختلفة، كهيئة الطيران المدني، والنقل... إلخ.
من شأن هذه المنهجية تحسين نسب التوظيف للمواطنين، ولنا في مؤسسة النقد تجربة ناجحة تستحق أن نكررها؛ لأن الهيئات المشرفة على القطاعات يمكنها حشد خططها الاستراتيجية لزيادة الاستثمارات، وتحديد نوع المنافسة في السوق.
وبما أنه لا يوجد ضمان اقتصادي من وزارة العمل لتوظيف كل السعوديين، فإن الهيئات المشرفة على القطاعات قادرة على فعل ذلك، من خلال مسك زمام الأمور؛ لكونها المسؤولة عن تنظيم القطاعات، وتطبيق التشريعات، وتنمية الاستثمارات كمعيار اقتصادي لتوظيف كل السعوديين؛ وتبعا لذلك يمكنها التحكم في الوظائف الملائمة للسعوديين، وستنخفض البطالة تلقائيا وبمعدل لا يقل عن 2 في المائة عند إسناد التوطين للهيئات، وسيحصل المواطنون على وظائف لائقة، عندما نغير منهجيتنا في معالجة البطالة على أسس اقتصادية.
أخيرا، هناك نقاط ذات أهمية.. نجاح توطين الوظائف من خلال الهيئات مرهون بوجود هيئات لجميع القطاعات الاقتصادية، وعدم تعارض السياسات الاقتصادية، ومعالجة الانتشار العشوائي للأعمال الصغيرة والمتوسطة، وحسن التوزيع الجغرافي لها، ونشر تقارير سعودة القطاعات ضمن المؤشرات الوطنية.

إنشرها