default Author

خدعة الـ70 عاما

|
"الألماس يدوم للأبد" هذه الجملة التي تلاعبت بعقول البشر لعشرات السنين وما زال مفعولها ساريا إلى اليوم. إنها أكبر وأطول خدعة مرت في تاريخ البشرية جعلت من حجر يتكون من عنصر الكربون الأكثر وفرة على سطح الأرض أغلى وأندر جوهرة، ورمزا للحب والرومانسية والالتزام والإنجاز!! ما الذي يميز الألماس أو قطعة الفحم عن باقي الأحجار الكريمة ويمنحها كل تلك المعاني، هل هو ندرتها أم بريقها الذي يخطف الأبصار؟! ستتعجب إذا علمت أن السر يكمن فقط في التسويق، نعم التسويق ولا شيء سواه!! منذ نحو الـ100 عام بدأ الألماس يتغلغل إلى عقل المستهلك العادي بعد أن كان حكرا على الطبقات الحاكمة في الهند والبرازيل، فبعد أن وجد صبي كان يلهو على ضفاف نهر أورانج بالقرب من مدينة هوب تاون بجنوب إفريقيا عام 1866 حجرا لامعا يزن 20.25 قيراط أطلق عليه "ماسة يوريكا"، انطلقت صناعة الألماس في إفريقيا وتحولت إلى أكبر مصدر للألماس في العالم!! وفي عام 1938 قدم هاري أوبنهامر ابن رئيس شركة "دي بيرز" أرنست أوبنهايمر ملوك الألماس في إفريقيا إلى نيويورك باحثا عن منقذ لحل معضلة سلعته التي بدأت أسعارها تتدهور، ليجد الحل لدى وكالة إعلان تدعى "إن دبليو آير"، الذين أدركوا أن أسهل طريقة للوصول إلى جيوب المستهلكين قلوبهم، فصمموا حملة تسويقية تنص على أن الحب لن يكون خالدا ما لم يرتبط بشيء خالد، شيء يفتح لك بوابة الحلم لتدخل منها إلى عالم الرومانسية الأبدية فكان خاتم الخطبة الألماسي الشهير، وكلما كانت قطعة الألماس كبيرة وأنيقة، زاد التعبير عن الحب والرومانسية!! استطاعت حملتهم الإعلانية السيطرة على العقول وإقناعهم بالبريق والندرة والأبدية واستخدموا جميع الوسائل الدعائية والمشاهير، وزادت مبيعاتهم في أمريكا خلال ثلاث سنوات من الحملة 55 في المائة، حتى أن اليابانيين تخلوا عن بساطتهم وانطلت عليهم خدعت الألماس، ولكن هل فعلا ادعاءاتهم صحيحة؟! الواقع يقول غير ذلك فالألماس ليس حجرا نادرا أبدا فهو متوافر بكثرة؛ إذ يبلغ إنتاج المناجم ما يفوق 160 مليون قيراط سنويا، ويمكن إنتاجه صناعيا، بل إن هناك كواكب من الألماس، ولكن الشركات المنتجة له اتفقت على أن تحتجز الألماس الخاص بها وتطرح في الأسواق كميات محدودة جدا لتتحكم في سعر وقيمة الألماس!! أما لمعانه فيعود الفضل فيه إلى طريقة قص الألماس بزوايا معينة تجعله يحبس الضوء بداخله فيمنحه بريقا أخاذا! وأضافت الحملة إلى الألماس شعور الأبدية فلم يصمم الألماس لبيعه فقط، بل لضمان احتفاظ الأشخاص به إلى الأبد؛ وبهذه الطريقة تضمن شركات الألماس مستوى عاليا من المبيعات!
إنشرها