FINANCIAL TIMES

الانقباض المالي يهدد مصداقية مؤشري استثمار حاسمين

الانقباض المالي يهدد مصداقية مؤشري استثمار حاسمين

منذ أزمة عام 2008، يعاني اثنان من المؤشرات التقليدية الدالة على مخاوف وآمال المستثمرين من أجل الحفاظ على الصدقية التنبؤية لهما: "علاوة مخاطر الأسهم" و"منحنى العائدات".
تم تحديد برامج التسهيل الكمي التي نفذتها البنوك المركزية على نطاق واسع بأنها المتسبب الرئيس، إلا أن الواقع يظل أكثر دقة.
يقيس مؤشر علاوة مخاطر الأسهم المعدل الإضافي للمكاسب الذي يتطلبه المستثمرون من أجل التعويض عن مخاطر اقتناء الأسهم، بدلا من اقتناء الأصول الخالية من المخاطر، التي عادة ما تكون سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات أو سندات الخزانة لأجل ستة أشهر.
تُعرَّف الأصول التي من هذا القبيل على أنها أصول لا ارتباط لها بالأصول المحفوفة بالمخاطر، وعدم وجود فرق بين العائدات المتوقعة والعائدات الفعلية.
كما تهدف علاوة مخاطر الأسهم أيضا إلى أن تكون بادرة موثوقة لمكاسب الأسهم في المستقبل: كلما كانت العلاوة الحالية أعلى، كانت العائدات المستقبلية أكبر.
بيد أنه خلال العقد الحالي، فإن البنوك المركزية ضغطت بشكل مصطنع إلى الأدنى على أسعار الفائدة المفروضة على الأصول الخالية من المخاطر لجميع آجال الاستحقاق، إضافة إلى تضخيمها لعائداتها.
في عام 2014، على سبيل المثال، حققت السندات الألمانية لأجل عشر سنوات عائدات بنسبة لا تصدق وصلت إلى 40 في المائة.
وقد تقلب مؤشر علاوة تحمل مخاطر الأسهم بشكل كبير، بحيث وصل إلى ذروة بلغت نسبتها 14.5 في المائة في الولايات المتحدة في عام 2013، ومن ثم انعكس المسار بشكل حاد ليصل إلى 5.5 في المائة في عام 2017، وهو عام مميز في سوق صاعدة بشكل كبير.
بموجب برنامج التسهيل الكمي، فإن الأسواق المالية فقدت قوة الشفاء الذاتي التي تتسم بها. وهذا ما حدث أيضا لعلاوة مخاطر الأسهم، التي تفتقر إلى نقطة ربط معقولة بالأصول الخالية من المخاطر.
ينطبق كثير من التحذير نفسه على منحنى العائدات: الذي يقيس الفرق في أسعار الفائدة عادة لسندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين وعشر سنوات.
من الناحية النسبية، يبين التاريخ أن الهدف من الأسعار الأعلى طويلة الأجل هو تعويض المستثمرين عن الآثار التضخمية المترتبة على الاقتصاد المزدهر.
على العكس من ذلك، فإن الأسعار الأقل تعني علاوة مخاطر أقل، فيما لو كان الاقتصاد متجها نحو الركود.
في الولايات المتحدة، كان المنحنى آخذا في الثبات بشكل مستمر على مدى الشهور الـ20 الماضية. في الوقت الذي كان يقوم فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة التي دفعت إلى الأعلى بعائدات السندات لأجل عامين، كانت استجابة العائدات على السندات لأجل عشر سنوات بطيئة.
في الآونة الأخيرة، وصلت الفجوة إلى أضيق نطاق لها منذ صيف عام 2007 الذي شهد بداية فترة الركود الأخيرة. كما انحسرت الفجوة بشكل لا يستهان به أيضا في بلدان أخرى مثل كندا وألمانيا، مع عدم وجود علامات مبكرة على حصول انكماش اقتصادي.
مرة أخرى، فإن التأثير التشويهي لبرنامج التسهيل الكمي هو التفسير الأكثر احتمالا.
لقد خفض بشكل صريح عائدات السندات لأجل العامين من خلال اتباع سياسة أسعار الفائدة ذات الحد الصفري.
وبشكل غير مباشر، تسبب أيضا بشكل مصطنع بالضغط على أسعار الفائدة على السندات لأجل عشر سنوات، عن طريق عمليات شراء واسعة النطاق للسندات ذات الآجال الطويلة. في الولايات المتحدة، عملت دورة زيادة الأسعار منذ عام 2015 على رفع عائدات العامين، مع عدم حصول انكماش مقابل في الميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. ولا يزال كل من النمو والعمالة والاستثمار المادي والإنفاق الاستهلاكي في صحة جيدة. مع ذلك، ينذر منحنى العائدات بوجود خطر آت.
صحيح أن منحنى العائدات لا يمكنه التنبؤ بالفترة الزمنية التي سيبدأ فيها الركود. في الماضي، كان الفاصل الزمني متغيرا: يراوح خلال فترة زمنية تقع بين ستة أشهر إلى عامين، وفقا لمذكرة حديثة واردة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو. لذلك، فالأمر غير محدد حتى الآن.
فكرة أن برنامج التسهيل الكمي عمل على تقويض القدرة التنبؤية التي تتسم بها علاوة تحمل الأسهم ومنحنى العائدات – باعتبارها عواقب غير مقصودة – ليست موضع شك. الأمر المشكوك فيه هو ما إذا كان انعكاس مساره سيعني بالضرورة العودة إلى الوضع الطبيعي. سيكون من الجيد حصول ذلك، لكن من السذاجة التفكير بهذه الطريقة.
بكل بساطة، وخلف تلك التشكيلات الإحصائية البسيطة تكمن قصة معقدة دائمة التغير. البيانات التي تدعم الصلاحيات التنبؤية لمؤشرين مستمدة من فترة زمنية، كانت فيها البيئة الاقتصادية مختلفة من الناحية الهيكلية.
العائدات المنخفضة بشكل عنيد على السندات طويلة الأجل اليوم هي مثال على ذلك. السكان المتقدمون في السن، الذين يفضلون السندات طويلة الأجل التي لديها سمات الحركة النقدية والمشابهة لمطلوبات المعاشات التقاعدية ذات الآجال السريعة، سيواصلون الضغط على العائدات طويلة الأجل خلال العقد أو العقدين المقبلين.
إن كان هناك تغيير، فهو أن هذا الضغط النازل سيزداد قوة بفعل الزيادة التي لا يمكن وقفها في الدين العالمي خلال هذا العقد.
جزء كبير من هذه الملاحظة ينطبق على علاوة مخاطر الأسهم. نظريا، لا يمكن لعلاوة مخاطر الأسهم أن تصبح سلبية أبدا. إن أصبحت سلبية، من المنطقي أن يتحول المستثمرون إلى السندات السيادية الخالية من المخاطر.
مع ذلك، ومن خلال بيانات السنوات الـ130 الماضية، كانت العلاوة سلبية بنسبة 25 في المائة من الوقت، وفقا لتقديرات مختلفة. وعملية حساب علاوة مخاطر الأسهم ليست بسيطة أيضا. لا عجب في أن علاوة مخاطر الأسهم دائما ما كانت تقدم "تحذيرا حول الصحة" عند استخدامها كأداة للتنبؤ.
بشكل إجمالي، من المغري دائما أن ننظر إلى الماضي ليكون عارضة نحاول أن نفهم الماضي على أساسها. على الرغم من كل الدلائل على خلاف ذلك، فإن التاريخ غني بشكل يدل على عدم الاكتراث من حيث تقديم أوجه تشابه أو حكايات تؤيد حجة انتقائية لأية أداة للاستدلال.
شركات إدارة الأصول تقع تحت ضغط دائم من أجل توضيح عالم يدل ظاهره على الفوضى. بالنسبة إليها، علاوة مخاطر الأسهم ومنحنى العائدات يقدمان في أحسن الأحوال إطارا لطرح الأسئلة المناسبة. وهي لا تصلح بديلا عن قدرة الحكم البشري. ولم تكن كذلك قط.

• الرئيس التنفيذي لمركز إنشاء البحوث وعضو في فريق "300" لرواد المستثمرين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES