أخبار اقتصادية- عالمية

«آيفون» يدخل على خط المواجهة التركية - الأمريكية مع السقوط الحر لليرة

«آيفون» يدخل على خط المواجهة التركية - الأمريكية مع السقوط الحر لليرة

فقدت الليرة التركية جزءا كبيرا من قيمتها أمام العملات الأخرى خلال الأسبوعين الماضيين، فيما يوصف بأنه سقوط حر يظهر هشاشة الاقتصاد التركي، يقول الخبراء إن الأزمة ليست وليدة اللحظة وإنما نتاج تطورات استمرت سنوات، وفجرها الآن استحواذ الرئيس التركي على جميع الصلاحيات وتعيين صهره وزيرا للمالية ليكون صاحب الكلمة الأولى في ملف الاقتصاد.
وتراجع إلى مستويات قياسية خلال الأسبوعين الماضيين مع تجاوز الدولار سبعة ليرات، وهو ما جعل أنقرة تخوض ما أطلق عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "حربا اقتصادية".
وتعاني العملة التركية تدهورا مستمرا في ظل الخلاف بين أنقرة وواشنطن حول استمرار احتجاز قس أمريكي في تركيا لاتهامه بالتورط في أنشطة تجسس وإرهاب، وهو ما أدى إلى تبادل فرض العقوبات على وزراء في الدولتين، وفرض رسوم جديدة على واردات الولايات المتحدة من منتجات الصلب والألمنيوم التركية.
وبحسب الألمانية قال "أولتر توران" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول بيلجي التركية إن أردوغان أطال أمد الخلاف مع الولايات المتحدة لعدة أسباب، أولها "أن فهمه الشخصي لشؤون المالية يختلف تماما عن القواعد التقليدية للشؤون الاقتصادية. وإيمانه القوي بأن أسعار الفائدة المنخفضة أساسي للحد من الأسعار، هو أحد الانعكاسات الرمزية لهذا الفهم".
والحقيقة أن الفهم المغاير هو الحقيقي: ارتفاع أسعار الفائدة يجعل اقتراض النقود أعلى تكلفة وهو ما يعني أن الناس تميل إلى زيادة الادخار وتقليل الإنفاق، وهو ما يؤدي إلى وقف الارتفاع السريع للأسعار.
ويضيف توران أنه "لا يمكن أن نتوقع انتباه أردوغان إلى تحذيرات الخبراء بشأن البنك المركزي أو أسعار الفائدة أو غيرها من الموضوعات ذات الصلة". ففي كلمة له بإقليم طرابزون التركي على البحر الأسود الأحد الماضي، قال أردوغان إن "أسعار الفائدة إحدى أدوات الاستغلال التي تجعل الفقراء يزدادون فقرا والأغنياء يزدادون ثراء". وقال أردوغان العام الماضي إن "انخفاض معدل التضخم في الدولة التي تكون الفائدة فيها مرتفعة غير ممكن". وبحسب "توران"، فإن الوقت قد فات جدا بالنسبة لأنقرة لتفادي الأزمة الاقتصادية، التي سيكون لها عواقبها السياسية، مضيفا أن تراجع الليرة سيؤدي إلى تأثير سلبي فوري على قاعدة دعم أدروغان، ولهذا فالرئيس يتبنى موقفا قتاليا ممزوجا بخطاب وطني حماسي.
وقال "توران": "أردوغان ليس لديه خيار سوى إثارة الاستقطاب في المجتمع وحشد أنصاره تحت شعار التكاتف الوطني ضد الحرب الاقتصادية" التي تتعرض لها البلاد. كما يسعى الرئيس إلى حشد أنصاره ضد ما سماه "حربا اقتصادية" وتهديدات وابتزاز وبلطجة واشنطن ضد أنقرة.
ويقول المحلل الاقتصادي مصطفى سنوميز، إن أردوغان يريد استغلال التوترات السياسية "كي يخفي الحالة الهشة للاقتصاد (التركي).. إنه يريد تصوير مشكلات الاقتصاد باعتبارها نتيجة هجوم اقتصادي على البلاد.. هذا ليس حقيقي ... حكومته صنعت الأزمة".
وأشار سنمويز إلى أن النظريات الاقتصادية غير التقليدية لأردوغان أدت إلى تسييس عمل البنك المركزي وبالتالي تراجعت ثقة الأسواق بتركيا إلى درجة لا تسمح باحتواء الأزمة.
وفي تطور جديد أمس أكد أردوغان، أن بلاده ستقاطع الأجهزة الإلكترونية الأمريكية كهواتف "آيفون" ردا على عقوبات فرضتها واشنطن على أنقرة، فيما عوضت الليرة التركية بعضا من خسائرها إثر تدهورها وسط توتر العلاقات بين البلدين.
ووفقا لـ"الفرنسية"، قال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة "سنقاطع المنتجات الإلكترونية الأمريكية"، دون أن يبدي أي مؤشر على تسوية الخلاف.
وأضاف "إن كان لديهم آيفون، فهناك في المقابل سامسونج، ولدينا كذلك فيستل"، في إشارة على التوالي إلى هاتف شركة أبل الأمريكية، وهاتف سامسونج الكورية الجنوبية، والعلامة الإلكترونية التركية "فيستل".
وتنتشر أجهزة أبل بكثرة في تركيا وأردوغان نفسه ظهر في الصور وبيده هاتف آيفون أو جهاز آيباد. وخلال محاولة الانقلاب في 15 و16 تموز (يوليو)، دعا أنصاره إلى النزول إلى الشوارع من خلال تطبيق فيستايم الخاص بـ"أبل".
ومازح عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي قائلين إن تدهور الليرة يجعل أجهزة أبل تفوق قدرة الأتراك في أي حال.
وتفاقم انهيار الليرة التركية - الذي بدأ قبل أسابيع - الجمعة مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مضاعفة التعرفة الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين.
كما أعلنت الخطوط الجوية التركية على تويتر أنها ستنضم إلى حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسما يدعو إلى عدم بيع الإعلانات لأمريكا.
وكتب يحيى اسطون، المتحدث باسم الخطوط الوطنية على تويتر"نحن، بصفتنا الخطوط الجوية التركية، نقف إلى جانب دولتنا وشعبنا. لقد تم توجيه التعليمات اللازمة حول المسألة لوكالاتنا".
وقال أردوغان إن تركيا تواجه "هجوما اقتصاديا" و"عملية أكبر وأكثر عمقا".
وتابع "إنهم لا يترددون في استخدام الاقتصاد سلاحا" مضيفا "ما الذي تريدون فعله؟ إلى أين تريدون أن تصلوا؟" متوجها إلى الولايات المتحدة.
وأقر أردوغان بأن الاقتصاد التركي يعاني مشكلات، منها العجز الكبير في الحساب الجاري والتضخم بنسبة 16 في المائة تقريبا، لكنه أضاف "اقتصادنا يعمل كالساعة".
وعوضت الليرة بعد هذه التصريحات بعضا من خسائرها في الأسواق المالية للمرة الأولى بعد أيام من التدهور، إذ خسرت نحو خمس قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ الجمعة الماضي.
ووفقا لـ"رويترز"، فقدت الليرة ما يزيد على 40 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام، متضررة من مخاوف تتعلق بدعوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لخفض أسعار الفائدة وبتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة.
لكن أمس، عوضت الليرة بعض خسائرها، ليجري تداولها عند 6.60 ليرة للدولار بحلول الساعة 11:15 بتوقيت جرينتش، مرتفعة نحو 5 في المائة خلال الجلسة، بعد أن تهاوت لأدنى مستوى على الإطلاق عند 7.24 ليرة للدولار أمس الأول.
وأكد البنك المركزي التركي أمس الأول، أنه على استعداد لاتخاذ "كل التدابير الضرورية" لضمان الاستقرار المالي بعد انهيار الليرة، ووعد بتأمين السيولة للبنوك.
وراجع البنك أيضا نسب الاحتياطيات الإلزامية المفروضة على المصارف لتفادي أي مشكلة في السيولة. غير أن تلك التدابير لم تقنع الأسواق المالية التي تريد زيادة كبيرة لمعدلات الفائدة تصل إلى ألف نقطة لوقف انهيار الليرة ومحاربة التضخم.
وقال آندي بيرتش، كبير خبراء الاقتصاد لدى "آي إتش إس ماركيت" إن "المطلوب أكثر من مجرد وعود رسمية بالتحرك للخروج من الأزمة الحالية". وسيعقد وزير المالية والخزانة براءة البيرق، صهر أردوغان، مؤتمرا بالدائرة المغلقة مع نحو ألف مستثمر أجنبي غدا، بحسب ما ذكرته قناة "إن تي في" التلفزيونية.
من جهته، قال مراد قوروم وزير البيئة والتطوير العمراني أمس، إن بلاده لن تستخدم منتجات أمريكية في قطاع البناء، وذلك ردا على ما وصفه بأنه "تحركات مضاربة في الدولار الأمريكي"، مبينا أن تركيا تخضع لحصار اقتصادي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية