default Author

التوتر والقرارات وآلية التعامل معهما

|

ما أعراض التوتر والإجهاد؟ وكيف باستطاعتنا التعامل معه؟
هانس سيلي: "أن تكون خاليا كليا من التوتر والضغوط، يعني أنك ميت"، قد يكون التوتر والتعرض للضغوط بمقدار معين أمرا ضروريا لتعزيز فعاليتنا؛ فالضغوط جزء من حياة الإنسان. ففي مرحلة ما، تعرض معظمنا للخيبات والألم والخسارة والإخفاقات، لكن لتصبح حياتنا ذات معنى، لا بد لنا من تعلم كيفية التعامل مع التحديات التي تنطوي عليها.
ينشأ التوتر كرد فعل لجسدنا على وجود تهديد. فالتماس الخطر يؤدي إلى إفراز هرمونات ومواد كيميائية في الدماغ، تحفز بدورها على الاستجابة، سواء بالهجوم أو الانسحاب. وهي ميزة ساعدت أسلافنا - بلا شك - على التعامل مع التهديدات الجسدية، مثل مهاجمة الحيوانات المفترسة. في يومنا هذا، قد يساعد التوتر الإيجابي على الحفاظ على تركيزنا، لكنه قد يتحول إلى عامل سلبي في حال تعرضنا للتحديات باستمرار ومن دون توقف.
تختلف مظاهر التوتر من شخص إلى آخر. على سبيل المثال، قد يتعرض المراهقون أو الآباء الجدد، أو الوالدان المنفصلان أو المتقاعدون الجدد، إلى ضغوط تتعلق بتغيير نمط حياتهم. وقد تنطوي بعض المهن "التعليم، الصحة، والخدمة المجتمعية، والإدارة العامة، والدفاع" على عديد من الضغوط. قد تساعد الإجابة عن الأسئلة أدناه على معرفة حجم التوتر والضغوط التي تتعرض لها، سواء من الناحية النفسية أو الفيزيولوجية. فإذا ما كانت معظم إجاباتك إيجابا، يجب عليك اتخاذ بعض الخطوات لمنع التوتر من التأثير سلبا في صحتك العقلية والجسدية.
اختبار التوتر
أجب عن الأسئلة التالية بالاستناد إلى واقعك الحالي:
- هل تشعر بأن حياتك خارجة عن سيطرتك، ويوجد عديد من الأشياء التي يجب عليك فعلها؟
- هل تشعر غالبا بالارتباك والقلق والانزعاج، أو بالإرهاق، أو الوهن الجسدي؟
- هل تزداد وتيرة النزاعات مع الأشخاص من حولك "مثل شريك حياتك، أبنائك، أعضاء العائلة، الأصدقاء أو الزملاء في العمل"؟
- هل تشعر بأن الأفكار والمشاعر السلبية تؤثر في أدائك، سواء في المنزل أو العمل؟
- هل حياتك الأسرية أو العملية لا تمنحك الشعور بالسعادة والرضا؟
- هل يشعرك البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي بضغوط؟
- هل تشعر بأن حياتك روتينية كحلقة مفرغة؟
- هل تشعر بالذنب في كل مرة تحاول فيها الاسترخاء وأخذ فترة راحة؟
- هل اختبرت أخيرا حدثا غيَّر حياتك مثل حالتك الاجتماعية، مسؤوليات جديدة في العمل، خسارة عمل، تقاعد، مصاعب مالية، إصابة، مرض، حالة وفاة في العائلة؟
- عندما تحس بالتوتر، هل تشعر بأنه لا يوجد أحد للتحدث معه؟ إذا كانت معظم إجاباتك "نعم"، فعلى الأرجح بدأت الضغوط في التراكم. وإذا ما شعرت بأنك أصبحت على وشك الانهيار، فقد حان الوقت لأخذ خطوات جدية.
لا بد أن تأخذ في الحسبان أن قدرتك على إحداث تغيير في حياتك لا تعتمد عليك فقط، بل على السياق الاجتماعي أيضا. فقد يكون التوتر بسبب ضغوط غير واقعية تضعها لنفسك، أو قد ينشأ بسبب متطلبات العائلة أو العمل. تبدأ الخطوة الأولى بتحديد مسببات الضغط، وبذلك يصبح تفاديها ممكنا. ومن ثم يجب عليك أن تدرك أن التوتر يعتمد على كيفية نظرك للأمور بشكل جزئي - يبدأ الجانب السيئ في داخلك بتحريكها.
* أعراض شائعة للتوتر
قد تتعايش أحيانا مع الضغوط، بحيث لا تستطيع كيفية تحديدها. إذا ما كانت إجاباتك عن الاختبار أعلاه مختلطة، فقد تساعدك القائمة التالية على تحديد الإشارات الأكثر شيوعا للإجهاد المفرط:
* تغيرات عاطفية
- تقلب المزاج، سرعة الانزعاج، نوبات غضب.
- الشعور بالإرهاق.
- الانسحاب الاجتماعي والوحدة.
- الاكتئاب، فقدان الاهتمام بالحياة "بما في ذلك الرغبة الجنسية".
- القلق، قلق دائم، الشعور بالذنب، الهلع.
* تغيرات جسدية
- انخفاض مستوى الطاقة، وتعب مستمر، وصداع متكرر، ألم أو تشنج العضلات، مشكلات في الجهاز الهضمي، ألم في الصدر، وتسارع نبضات القلب، وازدياد أو تراجع في الشهية، وأرق، كوابيس.
* تغييرات إدراكية وسلوكية
- صعوبة التركيز وتلاحق الأفكار.
- النسيان وحالة من التشوش.
- المماطلة وصعوبة اتخاذ القرارات.
- الشراهة بالتدخين، وتناول الممنوعات.
* أساليب صحية للتعامل مع التوتر
بمجرد أن تقر بوجود ضغوط وتوتر في حياتك، يكمن التحدي التالي في إيجاد استراتيجية فعالة للتعامل معها. وسنورد هنا بعض المقترحات التي قد تساعدك على التعامل مع التوتر بشكل أفضل:
* تخفيف التوتر
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- اللجوء إلى التأمل أو تقنيات أخرى للاسترخاء.
- التدرب على التسامح.
- تعلم كيفية التعامل مع الظروف الصعبة بشكل إيجابي
الاستمتاع بالحياة
- بناء شبكة من الأشخاص الداعمين والمحبين، مثل أفراد العائلة والأصدقاء.
- تعلم الاستمتاع بالموسيقى، أو حرفة أو نشاطات أخرى مبتكرة.
- اكتشاف الأمور التي تشعرك بالسعادة والراحة وتخصيص وقت لها.
- التركيز على النشاطات التي تلائم اهتماماتك وقيمك.
- الانخراط في أنشطة تتمحور حول الإيثار وتقدير ما تملك. في حال كان يصعب عليك ذلك، يجب أن تفكر في الحصول على المساعدة من أشخاص مختصين، كطبيب نفسي أو مدرب، والأهم من ذلك عدم ترك الأمور تتراكم. يبقى تخفيف حدة التوتر خيارا وتحديا إلى حد ما. ففي أي لحظة، يبقى لك الخيار في أن تنظر إلى الأمور بشكل إيجابي أم سلبي، بصبر وتفهم أو بغضب. إذا كنت مؤمنا بأن لحياتك معنى ومغزى، إذا ما شعرت بوجودك في أنشطتك اليومية، إذا أسهمت بشكل ما في نجاح الآخرين، إذا ما شعرت بقدرتك على ممارسة نشاطاتك اليومية، إذا كنت متفائلا تجاه المستقبل، فعلى الأغلب سيمنحك ذلك شعورا أفضل. يعد بناء شبكة من الأشخاص الداعمين الخيار الأفضل لعديد من الأشخاص. وأخيرا، تذكر مقولة هيرمان هيسه في روايته الكلاسيكية سدهارتا: "في داخلك الملاذ الآمن الذي يمكن أن تلجأ إليه في أي وقت لتكون على حقيقتك".

إنشرها