Author

محاربة السرطان

|
توفيت الطفلة نوال الغامدي، التي لقبت بمحاربة السرطان، تعاطف معها المجتمع السعودي بفئاته كافة، وظهرت في مقاطع كثيرة وهي تبتسم في وجه القاتل، الذي تمكن منها، وسيطر على حياتها خمس سنوات. كانت الطفلة نوال مثالا للأمل ومقاومة المرض، إن كان المرض قد انتصر في النهاية، فتلك الصغيرة تمكنت من زرع الأمل في قلوب كثيرين ممن باغتهم المرض الخطير. روح المقاومة التي كانت تبديها نوال هي التي دفعت كثيرين من متابعيها إلى مواجهة أيام وليالي الألم بقوة، والإبقاء على الأمل بالشفاء، ولا أشك أن هناك كثيرا من قصص الشفاء، التي كان لهذه الطفلة دور في تحقيقها مع الدعم النفسي الذي كانت تمثله. يعلم كل من تعامل مع مريض السرطان كم المعاناة التي يعيشها المريض وأسرته، هذه المعاناة التي انتهت بالنسبة لنوال - وقد تبقى آثارها على أسرتها بعد فقدها - تجمع القلوب وتزيل ما فيها من عتب وجفاء؛ لأنها تعيد جمع الأسرة، وتجعل القضايا الأكبر هي الأهم في عقول وقلوب الجميع. أقول هذا بعد أن عاشت أسرتي هذه الحالة أكثر من سنة، رأيت فيها تغييرات كثيرة، كان أهمها التفاعل مع المريض وأسرته الصغيرة، وأجملها استعادة الترابط الأسري الذي يعيد إلى المريض بعض الراحة النفسية. المؤكد أن كل من عرف نوال أحبها، ويشعر بالفقد الكبير لتلك الابتسامة، لكن المهم هو أنها تركت الحياة الدنيا وهي في كنف الله اليوم، والأمل في الله كبير، أن تكون من الشهداء؛ بسبب مرضها، فهي ماتت مبطونة، والمبطون شهيد كما قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. هذا يعيد إلى الأسرة بعض الراحة النفسية، رغم وجود الفراغ الكبير الذي أحدثه فقد نوال. يبقى أن تكون نوال مذكرة لنا جميعا بأن الابتسامة تصنع المعجزات، وأن المرض مهما سيطر على حالتنا الجسدية، فهو لا يستطيع أن يفقدنا توازننا النفسي ما دمنا نؤمن بالله ونرجو فضله، كما أن العمل الطبي الذي يتم في مستشفياتنا اليوم في مقاومة هذا المرض، الذي يفتك بكثيرين في حاجة إلى الدعم المادي والمعنوي والعلمي لتحقيق نجاحات في مواجهة هذا المرض وتداعياته، وما يتم عمله اليوم من التوعية والبحث العلمي في حاجة إلى دعم أكبر من الجميع كمسؤولية اجتماعية وإنسانية تعيد الفرحة إلى من يعانون المرض، وتكشف علاماته مبكرا لحماية الجميع.
إنشرها