أخبار اقتصادية- عالمية

تراجع الليرة يفاقم أزمة الاقتصاد التركي .. ويضع صفقة «دينيز» على المحك

تراجع الليرة يفاقم أزمة الاقتصاد التركي .. ويضع صفقة «دينيز» على المحك

مع تصاعد وتيرة هبوط الليرة التركية تتجه الأنظار نحو الاقتصاد التركي الذي يواجه أزمة تبدأ من تفاقم المديونيات مرورا بالعجز التجاري وانتهاء بالتضخم المرتفع.
وأدى ذلك التراجع في سعر العملة التركية إلى وضع صفقة بنك "دينيز بنك" على المحك، بعدما أعلن بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنوك دبي، أمس أنه يراقب وضع تركيا عن كثب، محجما عن التعليق بشأن ما إذا كان يعيد التفاوض على شروط استحواذه على "دينيز بنك" التركي من "سبير بنك" المملوك للحكومة الروسية في صفقة قيمتها 3.2 مليار دولار أُبرمت في أيار (مايو).
وبحسب "رويترز"، قالت أرقام كابيتال في مذكرة بحثية إن تراجع الليرة التركية 37 في المائة منذ إعلان الصفقة يعطي الإمارات دبي الوطني "فرصة لتقليص سعر الاستحواذ بما يصل إلى 27 في المائة".
يذكر أن دول الخليج ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في تركيا بعد بريطانيا وهولندا، حيث كشفت أرقام وزارة الاقتصاد التركية عن وجود 1973 شركة خليجية عملت في تركيا عام 2017.
وتقدر الوكالة التركية لدعم وتنمية الاستثمارات قيمة استثمارات الخليجيين في تركيا بنحو 19 مليار دولار، حيث شكلت هذه الأموال ما نسبته 9.4 في المائة من قيمة الاستثمارات الأجنبية كاملة في تركيا.
وتظهر بيانات رسمية أن المستثمرين السعوديين يتصدرون نظائرهم في دول الخليج من حيث حجم الاستثمارات الموجهة لتركيا خلال 2017، حيث بلغ عدد الشركات الجديدة في العام الماضي نحو 2000 شركة، من بينها 1.036 سعودية، وفي المرتبة الثانية جاء المستثمرون الإماراتيون بنحو 445 شركة، والكويت 291 شركة، وقطر 117 شركة، والبحرين 63 شركة، فيما كان نصيب المستثمرين العمانيين 21 شركة.
وبحسب الأرقام الرسمية لهيئة الإحصاء التركية، بلغ حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا في 2016، نحو 15.9 مليار دولار.
وكشف منتدى الاستثمار الخليجي التركي الثاني الذي عقد في البحرين في نوفمبر 2016، أن العقارات المبيعة لمستثمرين أجانب في تركيا تشكل 24 في المائة من المبيعات، ويشتريها مستثمرون أغلبهم خليجيون.
وبلغ عدد السياح الخليجيين لتركيا خلال 2017، نحو 1.257 مليون سائح، مقارنة بـ822.84 ألف في 2016.
وفيما يتعلق بسوق العقارات التركية كان مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي من بين الأكثر نشاطا في سوق العقارات في تركيا، واحتل المستثمرون السعوديون والكويتيون المرتبة الثانية والثالثة على التوالي في شراء المنازل التي تباع للأجانب في تركيا خلال عامي 2016 و2017.
واشترى مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من ربع العقارات، التي تباع للأجانب، وخلال 2017، وحتى شهر أيلول (سبتمبر) فقط، بلغ عدد العقارات التي قام المستثمرون الأجانب بشرائها في تركيا 15.382 عقارا، فيما قام المستثمرون الخليجيون بشراء 4.001 عقار.
في المقابل يهدد انهيار الليرة أوروبا؟، فقد أثارت مخاوف ضعف الاقتصاد التركي، ومخاطر انتقال الأمر إلى أوروبا، قلق المستثمرين، خاصة بعدما هوت الليرة، إلى مستوى قياسي أمام الدولار الأمريكي.
وقال رودريجو كاتريل، كبير محللي العملات في بنك أستراليا الوطني في سيدني، إن المستثمرين يشعرون بقلق متزايد بشأن ارتفاع التضخم، وقدرة البنك المركزي التركي، في القيام بأي شيء حيال ذلك.
وحافظ البنك المركزي، على أسعار الفائدة منخفضة على الرغم من التضخم الذي تجاوز 15 في المائة في تموز (يوليو).
وجاءت الخطة على عكس توقعات السوق، وترك السياسة دون تغيير في اجتماعه الأخير، لكن الاقتصاديين يقولون إن البنك المركزي من المحتمل الآن أن يضطر إلى اتخاذ إجراءات طارئة.
ويليام جاكسون، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، أكد أن "هناك أسبابا تدفعنا إلى الاعتقاد بأن ارتفاع أسعار الفائدة في حالات الطوارئ خلال أزمة العملة الحالية قد لا يؤدي إلا إلى مسكن عابر، وليس من الواضح أن تركيا ستكون قادرة على التراجع عن حافة الهاوية هذه المرة".
وخفضت الحكومة التركية بالفعل توقعاتها للنمو لهذا العام إلى 4 في المائة من 5.5 في المائة، ولكن الاقتصاديين يحذرون من أن الركود سيكون أسوأ بكثير إذا لم يتم استعادة الثقة بسرعة.
بدوره، يعتقد كارستن هيس، الاقتصادي الأوروبي في بيرنبرج أنه "لا يمكن استبعاد الركود وأزمة الديون، التي من شأنها أن تفرض على تركيا تطبيق ضوابط مالية وطلب إنقاذ من صندوق النقد الدولي".
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس أن المستوى الحالي لليرة وتقلبات سعر الصرف لا يمكن تفسيرها تفسيرا منطقيا، وإن هبوط العملة في الآونة الأخيرة يظهر مخططا ضد تركيا.
وأضاف أن بلاده ستبحث عن "أسواق جديدة وحلفاء" آخرين بعد تدهور العملة الوطنية، معتبرا أن تدهور الليرة "مؤامرة سياسية" ضد تركيا، لكن الشعب التركي لن يستسلم، وأن أسعار الفائدة أداة استغلال تجعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء أشد فقرا، ولن نقع في هذا الفخ. وقال أردوغان "سنعطي جوابنا من خلال التحول إلى أسواق جديدة، وشراكات جديدة وتحالفات جديدة (ضد) من شن حربا تجارية على العالم بأكمله وشمل بها بلدنا".
وفي حديثه أمام حشد من أنصاره في مدينة طرابزون المطلة على البحر الأسود، جدد أردوغان مناشدته للأتراك، لليوم الثالث على التوالي، بيع اليورو والدولار لدعم الليرة.
وأفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بأن البنك المركزي الأوروبي قلق بشأن مصير بنوك منطقة اليورو، التي تتعامل مع تركيا بسبب أزمة الليرة الخانقة.
وبشأن هذا الأمر رفض البنك المركزي الأوروبي التعليق على الأمر، فيما تظهر بيانات بنك التسويات الدولية أن بنوك منطقة اليورو لديها قروض تزيد قيمتها على 150 مليار دولار في تركيا، وتعد البنوك الإسبانية والفرنسية والإيطالية هي الأكثر تعرضا لتلك الأزمة، وتعرضت أسهم بعض أكبر البنوك في أوروبا الجمعة لضربة قوية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية