Author

وزارة العمل .. وتجربة رجل عصامي

|
الأسبوع قبل الماضي كتبت مقالا حول توطين الوظائف القيادية في القطاع الخاص، وطالبت بتصميم برنامج "نطاقات" خاص بهذه الوظائف التي أصبحت بيد وافدين بلا خبرات ولا مؤهلات حقيقية، تدربوا هنا ثم تكتلوا في تشكيل "لوبيات" تمنع أبناء الوطن من العمل في الوظائف المرموقة وتحاربهم بشراسة وأسهموا في فصل آلاف الشباب والشابات تحت أعذار مكررة، ومبررات غير مقبولة، منها عدم وجود كفاءات سعودية غير مؤهلة، أو السعوديون لا يصلحون لمثل هذه الوظائف، أو هناك تخصصات نحتاج إليها وغير متوافرة، وضعف إنتاجية الشباب السعودي في العمل، والحقيقة أنها ليست سوى حملات ممنهجة لمحاربة أبناء الوطن في بلدهم. وقد وصلني تعقيب على المقال، رسالة من المهندس أحمد الراجحي وزير العمل، يؤكد اهتمامه بالمقترح وتطبيقه على أرض الواقع، ونحن بدورنا نشكر الوزير على تفاعله السريع ونشد على يديه في تمكين أبناء الوطن من شغل هذه الوظائف المهمة التي تعد ركيزة التنمية البشرية وأحد معايير التفوق لسوق العمل. وأحب أن أهدي وزير العمل وزملاءه في الوزارة هذه التجربة التي اطلعت عليها في "فندق الإنتركونتيننتال" في الطائف، يقف خلفها رجل من رجالات التوطين الذين نذروا أنفسهم لخدمة الشباب وتمكينهم من النجاح والعمل بشغف. بطل القصة هو سالم أحمد البارقي، الذي بدأ العمل في الفندق قبل أكثر من 20 عاما موظفا بسيطا ثم وصل بعصاميته وجدارته إلى منصب المدير العام. ولأنه رجل وطني ومخلص، غيور على أبناء وطنه، لم يسع في محاربة أبناء الوطن والتضييق عليهم كما يفعل معظم الوافدين، بل سعى وبقوة لتمكين الشباب من العمل في كل الأقسام وفق المؤهلات والشواغر المتاحة. بدأ العمل على توطين الوظائف العليا، فتمكن السعوديون من العمل رؤساء أقسام ومديرين لكثير من الإدارات في التسويق والمبيعات والعلاقات العامة والموارد البشرية والمالية والأمن والضيافة، ثم عمل على توطين الوظائف الأخرى بمختلف مسمياتها، فأصبح السعوديون يعملون في خدمة العملاء والحجوزات والأمن، ثم تدرج التوطين ليصل إلى وظائف مهنية في المطاعم والمغاسل وأقسام النظافة وغيرها. ومن يصدق أن هذا الفندق يعمل فيه أكثر من 100 موظف سعودي، يعملون بانسجام تام وتنافس لتقديم أفضل الخدمات، يبذلون أقصى ما لديهم، لأنهم شعروا بعملهم في بيئة آمنة ومحفزة، لذلك كانت النتائج دائما متميزة، ولو سألت عن استمرار هؤلاء الشباب في وظائفهم، لوجدت أن متوسط استمرارهم للعمل في هذا الفندق لا تقل عن سبع سنوات، أما نسبة التسرب فلا تتجاوز 4 في المائة، وسنويا يحتفل الفندق بموظفين أكملوا السن القانونية للتقاعد منذ بدء العمل في الفندق. هذه التجربة الصغيرة لو لم يكن خلفها قيادي ناجح يتيح الفرص لكل المبدعين ويؤمن بقدرات أبناء الوطن، لما تحقق لها كل هذا النجاح، وليت مسؤولي "وزارة العمل" يبادرون إلى تكريم سالم البارقي ويستفيدون من هذه التجربة التي تنسف كل أوهام التوطين وعوائقها، ويبقى في ذهني السؤال الملح: ماذا سيتحقق لو كان مدير هذا الفندق وافدا؟!
إنشرها