default Author

قاتل يحصل على جائزة نوبل

|
في عام 1919 حصل جدل واسع وموجة غضب بين العلماء في أوروبا جعلت عالمين فرنسيين يرفضان تسلم جائزتيهما اعتراضا على فوز قاتل ومجرم حرب يدعى فريتز هابر بجائزة الكيمياء لذلك العام، كما قال عالم آخر إن هابر "غير مؤهل أخلاقيا لنيل شرف جائزة نوبل". فما حكاية ذلك العالم المجرم الذي استحق الفوز بجائزة نوبل لإنقاذه البشرية وفي الوقت نفسه نال سخط وغضب زملائه كمجرم حرب ليصبح عالما بوجهين! درس الألماني فريتز هابر الكيمياء وعشقها وقام بعديد من الاختراعات والاكتشافات في مجال الكيمياء والبترول كان من أهمها تمكنه من تصنيع السماد الكيميائي، الذي ساهم في إنقاذ حياة البشرية، التي كانت مهددة بمجاعة وشيكة نتيجة التضخم السكاني وقلة المحاصيل، إذ بلغ التعداد السكاني مليارا ونصف المليار نسمة مع بداية القرن الـ19، حين تمكن عام 1908 من تصنيع الأمونيا من غاز النيتروجين الجوي ودمجه مع الهيدروجين تحت ضغط عال، وتم تشييد أول محطة لإنتاجه عام 1911 في لودفيجسافن، ولكن مع الحرب العالمية الأولى، طور هذا العالم أحد الغازات السامة التي استخدمتها بلاده في الحرب العالمية الأولى، ففي مساء 22 نيسان (أبريل) 1915، طوقت خنادق العدو سحابة صفراء من الأبخرة السامة، وذلك عقب إطلاق نحو ستة آلاف أسطوانة غاز مضغوط، ونحو 150 طنا من غاز الكلور، بدأت الطيور تتساقط وتحول لون العشب إلى الرمادي وبدأ الجنود الفرنسيون يسعلون والدم يخرج من عيونهم وتفتتت أحشاؤهم، وقضي على آلاف الجنود الفرنسيين في وقت وجيز! المصيبة أن أحدا لم يطلب منه صناعة أسلحة كيماوية، بل تطوع لحماية بلده، واشتهر عنه قوله "الغاز ليس أبشع من القذائف" و"عدد لا يحصى من الأرواح سوف تنقَذ، إن ساعدت الأسلحة الكيماوية في إنهاء الحروب بشكلٍ أسرع". ورفض بعض ضباط الجيش الألماني استخدام الغاز في القتال باعتباره سلاحا لغير النبلاء! لم يكتف الصديق المقرب لألبرت أينشتاين، الكيميائي العبقري هابر بذلك؛ بل عمل على تطوير مجموعة أخرى من العناصر الكيميائية لاستخدامها في القتال، وقد أدت أفعاله إلى إدانته بوصفه "مجرم حرب"، كما اشتهر بألقاب منها "طبيب الموت"، و"أبو الحروب الكيميائية الثانية". لم تتحمل زوجته كلارا الكيميائية القديرة أفعاله وانتحرت بإطلاق النار على نفسها عام 1915 بعد أسبوع واحد من الهجوم بالغازات وتبعها ابنه أيضا. أما هابر فقد عاش أيامه الأخيرة متجولا في أنحاء أوروبا بحثا عن عمل بعد أن استقال من معهده البحثي، ليموت نتيجة قصور القلب عام 1934، عن عمر يناهز 65 عاما.
إنشرها