Author

عقوبة الحبس

|
إن لم تكن التنبيهات قد وصلت خلال الأسابيع والأشهر الماضية، فقد أصبحت العقوبات المنبه التالي للجميع. قررت محكمة في جدة حبس سيدة عشرة أيام على أثر التأكد من ثبوت تهمة السب والشتم من قبلها لإحدى قريباتها. هذه العقوبات المستجدة سيكون لها تأثير كبير في العلاقات في الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل؛ حيث ستتغير أساليب التعامل، ويحسب كل شخص حساب ما يمكن أن يفضي إليه ما يقول أو يكتب. استحقاق العقوبة لا نقاش فيه، لكنني أرجو ألا يكون وسيلة للوصول إلى معاقبة أشخاص من خلال استفزازهم والتعامل معهم بطريقة تدفعهم إلى التهور والخروج عن المألوف. هذه الإشكالية نراها كل يوم في عالم الواقع، ولست أشك في أن كثيرين سيستخدمونها لفرض حالات عصبية بينهم وبين آخرين، تدفع إلى قول أو كتابة ما يؤدي إلى العقوبات. هذه الحالة مربوطة بالأخلاقيات والسلوك العام، وهذا ما نعانيه في مناح عديدة، فكيف به اليوم ونحن نشهد أن هناك فرصة لتطبيق عقوبات كمنطلق لإيذاء الآخرين. يمكن أن نعود إلى مراجعة الشكوى، وهو ما دعاني إلى الكتابة اليوم، الإشكالية في هذه الشكوى أنها جاءت من إحدى قريبات المتهمة، وهنا أتساءل عن الأثر القادم للحبس الذي نالته السيدة مدار الموضوع. بالنظر إلى العلاقات الاجتماعية المتشابكة في بلدنا، نحن بصدد إشكالية حقيقية قد تؤدي إلى فرقة طويلة داخل الأسرة، وقد تتكون منها حالة تجاذب تفقد فيها العلاقة الأسرية كما كبيرا من كينونتها أو استقرارها. إن ردة الفعل التي قد تظهر هنا بحاجة إلى علاج يضمن عدم ظهور حالة من التفرق تجعل الجميع يخسرون جزءا مهما من علاقتهم الأسرية. إصرار صاحبة الحق على تطبيق العقوبة، يلزم الجهات العدلية والأمنية؛ فالمسؤولية تقع هنا على المتضرر، وهو ما يجعلني أقلق على الأوضاع الأسرية، فلو كانت المشكلة بين شخصين من أسر مختلفة أو أبعد في العلاقة الاجتماعية؛ فالنتيجة مفيدة للمجتمع وللنظام الصادر، بما يضمن التطبيق العادل والحصانة المفروضة. أزعم أن على الجميع أن يكونوا في مستوى التوقعات، فبعد أن يحصل صاحب الحق على إثبات حقه وإلزام المخطئ بما يقرره النظام، تبدأ المهمة الأسمى المتعلقة بالعفو عن المخطئ حفاظا على العلاقة الأسرية كما هو الحال في هذه القضية. المؤكد أن هناك حاجة ماسة لتفهم الجميع لروح ونص وواقع القانون، وهذا مجال نقاش آخر.
إنشرها