FINANCIAL TIMES

لا تأثير لغياب النفط الإيراني في معادلة العرض في السوق

لا تأثير لغياب النفط الإيراني في معادلة العرض في السوق

يظل من الممكن أن تعمل توقعات تأثير العقوبات الأمريكية على إيران، الرامية إلى الحد من إمداداتها النفطية، على عكس مسار الانخفاض الحاصل في أسواق النفط الخام في تموز (يوليو) الماضي، فقد تحركت كل من روسيا ومنظمة أوبك لرفع الإنتاج وسد النقص، وبالتالي تهدئة الاندفاع في الطلب في السوق العالمية، تحسباً لنقص الإمدادات.
حقق خام برنت أكبر خسارة شهرية له منذ عام 2016، بحيث انخفض 6.5 في المائة في تموز (يوليو) الماضي، ليصل إلى أقل من 75 دولارا للبرميل، بعد التحرك الوفاقي المنسق بين روسيا، ومنظمة أوبك لزيادة الإنتاج وضمان استقرار العرض في السوق.
على الرغم من أن هذا الانخفاض يعتبر كبيرا بموجب مقاييس العامين الماضيين، إلا أن الانخفاض يوضح وجود انقسام أوسع نطاقا في توقعات أسعار النفط: في الوقت الذي يتم فيه تزويد السوق بإمدادات جيدة بشكل مفاجئ بعد أكثر من 18 شهرا من الانخفاض في المخزونات، إلا أن أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت المنتجين إلى زيادة الإنتاج في حزيران (يونيو) الماضي، لا يزال عالقا فوق رؤوس المتداولين.
ابتداء من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سيتم خفض صادرات إيران من النفط الخام من خلال إعادة فرض العقوبات الأمريكية، ما يؤدي إلى إيجاد سوق تواجه فترة من الفائض قصير الأجل في العرض، في الوقت الذي يسارع فيه المنافسون إلى تخزين كميات كبيرة عازلة قبيل ما يمكن أن يكون فترة من التشديد الأكبر من جانب العرض، يفاقمه استمرار أو تزايد الطلب لتفادي النقص من باب التحوط.
قالت أمريتا سين من شركة إينرجي أسبكتس: "الزيادة في إنتاج أوبك والإنتاج الروسي للتعويض عن إنتاج إيران قبل توقف إنتاجها جراء العقوبات الأمريكية فاجأت الجميع، لكن خسارة النفط الإيراني يمكن أن تتسبب في قدر من التشدد النفسي في السوق العالمية، لا غير، كما اتضح".
يمكن تلمس الانقسام فيما يسمى منحنى خام برنت المتقدم، فقد دفع فائض الإنتاج قصير الأجل عقود التسليم الفوري لتصل إلى مستوى أقل من مستويات عقود التسليم في وقت لاحق من هذا العام، في إشارة تقليدية إلى أن السوق أصبحت غارقة في النفط الخام.
كان يتم تداول خام برنت تسليم أيلول (سبتمبر) المقبل، الذي انتهي يوم الثلاثاء الماضي، بسعر 74.30 دولار للبرميل، في الوقت الذي تم فيه تداول عقود كانون الأول (ديسمبر) المقبل بقيمة 74.81 دولار للبرميل.
هذه التركيبة في السوق، التي تعرف باسم التأجيل، تجعل أيضا اقتناء الصناديق لعقود النفط بصفته استثمارا أمرا أقل ربحية، ما أسهم في حصول تدفق خارجي كبير في أموال المضاربة من قطاع النفط، في وقت سابق من هذا الشهر.
يبدو وكأن أسوأ فترة من البيع من قبل الصناديق قد انتهت، مع إشارة المتداولين إلى وجود مخاوف تتعلق بحالة العرض في وقت لاحق من هذا العام.
قال المحللون لدى وكالة جيه بي سي للطاقة، إن سوق النفط الخام "ترسل كثيرا من الإشارات المتباينة" في الواقع الذي لا يزال يجري فيه استيعاب تأثير الارتفاع المفاجئ في الإنتاج الآتي من السعودية وغيرها من بلدان الخليج المصدرة الأخرى، في وقت سابق من هذا الصيف.
وفي حين كانت هذه البلدان تعمل على إضافة الإمدادات، إلا أن الأعضاء الآخرين في "أوبك" الذين كانوا يعانون للحفاظ على الإنتاج – وهو ما أسهم في اندفاع النفط ليصل إلى نحو 80 دولارا للبرميل الواحد في نهاية حزيران (يونيو) الماضي – لا يزالون يعانون حتى الآن، لأسباب تتعلق بنقص فائض الإنتاج.
قال المحللون في وكالة جيه بي سي: "بعد ارتفاع حاد في تدفقات النفط الخام من أمثال السعودية وغيرها من دول الخليج الأخرى المهمة المصدرة للنفط، تباطأ هذا التدفق قليلا، في الوقت الذي بقيت فيه التدفقات الإيرانية والليبية والفنزويلية المشتركة معا عند أدنى مستوى لها منذ كانون الثاني (يناير) الماضي. عموما، يتسبب هذا في بقائنا بشكل أو بآخر عند المستوى نفسه الذي كنا قد وصلنا إليه في نيسان (أبريل)" الماضي.
تم التركيز أيضا على مخاطر أخرى تترتب على إمدادات النفط، فقد أوقفت السعودية عددا من الشحنات ومنعتها من الإبحار عبر مضيق باب المندب في الجهة الجنوبية من البحر الأحمر (عاودت لاحقاً تسيير الناقلات لاحقاً)، بعد أن استُهدِفت إحدى ناقلاتها من قبل ميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن الأسبوع الماضي.
وقد رست ما لا يقل عن ثلاث ناقلات نفط سعودية قبالة الساحل الجنوبي لسلطنة عمان خلال اليومين الماضيين، وفقا لشركة تعقب الناقلات كبلير، بحيث أدى ذلك إلى تأخير عمليات التسليم إلى أوروبا ومصر.
قال المحللون لدى شركة كبلير: "يبدو وكأن السعودية، زعيم منظمة أوبك، ربما تتابع الموضوع من خلال إجراءات تحويل مسارات عدد كبير من السفن"، و(هو ما ثبت عكسه) بمعاودة مرور ناقلات النفط السعودية عبر مضيق باب المندب، بعد فترة وجيزة من إعلان التوقف.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES