أخبار اقتصادية- عالمية

إيران على حافة انهيار اقتصادي .. أسعار الأغذية تقفز 50% وانقطاع متكرر للكهرباء

إيران على حافة انهيار اقتصادي .. أسعار الأغذية تقفز 50% وانقطاع متكرر للكهرباء

قبيل دخول قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعادة فرض العقوبات على إيران حيز التطبيق الثلاثاء الماضي، تلقى الرئيس الإيراني حسن روحاني توجيهات صارمة من مختلف دوائر الحكم في طهران بالتعامل مع ملف الفساد، والحرس الثوري طالبه بالتحرك لوقف تدهور العملة الإيرانية، أما البرلمان فقد دعا روحاني إلى إلقاء كلمة أمامه عن الاقتصاد المتراجع.
ورغم ذلك لم تشر أي من هذه المؤسسات إلى كيفية التعامل مع الشارع الإيراني الذي تتزايد فيه مشاعر السخط والغضب من تدهور الأوضاع، بحسب وكالة بلومبرج للأنباء.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية شهدت إيران موجة حر غير مسبوقة مع انقطاع متكرر للكهرباء وارتفاع أسعار بعض أنواع الأغذية بأكثر من 50 في المائة وهو ما دفع أعداد كبيرة من المواطنين إلى التظاهر احتجاجا على سوء الأوضاع.
وأسفرت المظاهرات التي شهدتها مدينة كراج، غرب العاصمة طهران عن مقتل شخص وإصابة 20 آخرين.
وفي مدينة مجاورة استخدم أكثر من 500 متظاهر الأحجار في تحطيم نوافذ إحدى المؤسسات التعليمية ومحاولة إشعال النار فيها، بحسب ما ذكرته تقارير إعلامية محلية في إيران.
ورغم أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إيران سيئة للغاية الآن، فهي مرشحة لمزيد من التدهور، فالعقوبات الأمريكية الجديدة تحظر على إيران شراء الدولار الأمريكي وكذلك شراء الذهب والمعادن والسيارات من الخارج.
ومنذ تجدد الحديث عن عودة العقوبات الأمريكية تراجعت قيمة الريال الإيراني بنحو 70 في المائة من قيمته منذ أيار(مايو) الماضي.
وأدت محاولة الحكومة الإيرانية على استقرار العملة من خلال وضع تسعيرة رسمية للريال أمام الدولار إلى نتائج عكسية، حيث زادت وتيرة تدهور الريال.
وبحسب "الألمانية"، فإن الضربة الأمريكية الأكبر لإيران ستكون في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل عندما تعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات على صناعة النفط الإيرانية بما في ذلك معاقبة الشركات والدول التي تتعامل مع النفط الإيراني، الذي يمثل شريان الحياة لاقتصاد البلاد.
وتستهدف إدارة ترمب من هذه العقوبات إجبار طهران على إعادة التفاوض على الاتفاق الذي وقعته مع الدول الغربية الكبرى بما فيها الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني في 2015.
وكان الاتفاق النووي ورقة روحاني الرابحة عندما حاول الفوز بفترة رئاسة ثانية، في الانتخابات الرئاسية عام 2017 حيث ركزت دعايته الانتخابية على نجاح حكومته في التفاوض مع الدول الغربية الكبرى من أجل التوصل إلى اتفاق يتضمن إلغاء كل العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران.
ووعد روحاني في حينها بأن يؤدي الاتفاق إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية وانتعاش الاقتصاد الإيراني الذي عانى من سنوات العزلة والحصار.
ولكن بعد ثلاث سنوات فقط من الاتفاق انقلبت الأمور رأسا على عقب، وبدلا من أن يجني روحاني ثمار الاتفاق أصبح عليه أن يشرح للشعب كيف سارت الأمور في الطريق الخطأ وكيفية إصلاحها.
ويرى خبراء أن روحاني يتعامل مع أزمة العقوبات الأمريكية بنظام رد الفعل وليس وفق استراتيجية متماسكة.
ويقول سعيد لايلاظ الخبير الاقتصادي وأحد مستشاري الحكومة الإيرانية إن الحكومة "تتعامل مع الموقف كيفما اتفق"، مضيفا أن الشعب فقد ثقته بالحكومة وأصبح يتوق إلى الفعالية. ولم يعد يعنيه أن تأتي الفعالية من رجال ملتحين (في إشارة إلى حكم رجال الدين في إيران) أو يرتدون رابطة العنق".
والآن يجد روحاني نفسه بين شقي الرحى، فعلى اليمين يواجه ضغوطا من رجال الدين الذين كانوا يعارضون الاتفاق النووي منذ البداية، وعلى اليسار يواجه انتقادات لعدم قيامه بإصلاح النظامين السياسي والاقتصادي خلال أول عامين لتطبيق الاتفاق.
ولم تتمكن إيران منذ دخول الاتفاق الدولي حيز التطبيق من توفير وظائف جديدة في دولة يمثل الشباب الأقل من 30 عاما، نحو 60 في المائة من سكانها.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز "إيران بول" لقياسات الرأي العام في تورنتو، فإن 58 في المائة من الإيرانيين يرون أن الأوضاع الاقتصادية تتدهور، مقابل 28.5 في المائة كانوا يرون ذلك في آب (أغسطس) 2015 أي بعد شهر واحد من توقيع الاتفاق النووي.
في الوقت نفسه، أعلنت الشركات الأوروبية الكبرى مثل بيجو وتوتال ودايملر وقف أنشطتها في إيران، خوفا من العقوبات الأمريكية.
وإذا نجحت الولايات المتحدة في عرقلة قدر كبير من صادرات إيران النفطية، فستجد طهران نفسها في مواجهة أزمة هائلة، ومن المحتمل أن تتجه إيران إلى الصين بصورة متزايدة إذا تم حرمانها من الوصول إلى مصادر التمويل الغربية.
وبعد أقل من أسبوع على إعادة تفعيل الشريحة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران، امتلأت سوق الذهب في طهران بالإيرانيين الذين حاولوا شراء الذهب للمحافظة على قيمة مدخراتهم.
وفي أحد مكاتب الصرافة المزدحمة بالعملاء الذين يريدون استبدال اليورو بالريال، قالت سيدة تسمى معصومة إنها تحاول منذ شهور شراء اليورو لمساعدة ابنتها في دفع مصاريف دراستها لطب الأسنان في المجر، مضيفة "اليوم لا نجد أي مكتب صرافة مستعد لبيع العملات الأجنبية .. إنني أشعر باليأس".
من جهة أخرى، وعلى خطا فنزويلا التي استحدثت عملة رقمية خاصة بها مدعومة باحتياطيات النفط، للالتفاف على العقوبات الأمريكية، تدرس إيران إمكانية بدء تداول العملات الرقمية عبر المصارف المحلية، بهدف التغلب على هيمنة الدولار وتفادي العقوبات الأمريكية.
وكشف محمد جهرمي، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الإيراني، أن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، كلف البنك المركزي ووزارة الاتصالات بعقد اجتماع مشترك بشأن العملات الرقمية وتقديم اقتراحات جديدة لتداولها.
وأكد جهرمي، خلال اجتماع للحكومة الإيرانية، إمكانية تداول العملات الرقمية، مشيرا إلى أن الدراسات جرت في هذا الشأن لكن تفعيل الخطة لم يتم بعد، حسبما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
وأضاف الوزير الإيراني، أن رؤية الحكومة بهذا الشأن أن هذه العملات لا تشكل تهديدا بالضرورة، بل بإمكانها استحداث فرص.
وحتى الآن العملات الرقمية في إيران محظورة، لكن بعد دخول الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران، الثلاثاء، حيز التنفيذ، من الممكن أن تتجه طهران إلى هذه العملات، التي لا تخضع للرقابة، خاصة وأن العقوبات تستهدف النظام المصرفي الإيراني.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية