FINANCIAL TIMES

تجار التجزئة البريطانيون مستاؤون من الضرائب

تجار التجزئة البريطانيون مستاؤون من الضرائب

إنها حقيقة لافتة للنظر. نلاحظ أن قلة من الشركات تفشل على ما يبدو بسبب الرفع المالي المفرط، أو الاستراتيجيات الخاطئة، أو عدم القدرة على تلبية احتياجات عملائها. فهي تعاني لأن المصارف ترفض تقديم مزيد من الائتمان دون أسباب معقولة، أو بسبب الطقس غير المواتي، أو بعض الآثار السلبية غير المتوقعة، مثل وقوع هجوم إرهابي. لكن غالبا ما تكون صعوباتها نتيجة لبعض السياسات الحكومية غير المساندة بشكل كاف. التنفيذي في الشركة الذي يقول "لم نفهم الموضوع على الوجه السليم" هو شخص نادر مثل السياسي الذي يقدم اعترافا مماثلا.
لذلك أمضى أصحاب المتاجر في بريطانيا الأسابيع الأخيرة يشرحون كيف أن مشكلاتهم ناتجة عن العبء الضريبي المفرط وغير العادل على ممتلكات الشركات. عبء مفرط لأن الضرائب على العقارات التجارية تشكل نحو 5 في المائة من إجمالي الإيرادات الضريبية، وقطاع التجزئة يمثل نحو ربع ذلك الإجمالي. وغير عادل لأنه يقع على متاجر التجزئة الفعلية على الأرض بشكل أكبر من منافسيهم على الإنترنت.
الضغط على قطاع التجزئة كان يزداد منذ عقد من الزمان. في سنوات طفرة الائتمان كان التمويل متاحا بسهولة وبتكلفة منخفضة لتمويل تطوير العقارات الجديدة. وكان متاحا بسهولة وبتكلفة منخفضة لشراء الأسهم الخاصة بالرافعة المالية لسلاسل البيع بالتجزئة. لكن منذ 2008 توقف الإنفاق الاستهلاكي. وأصبح التسوق جزءا متناقصا من الإنفاق الأسري، وتوسعت المبيعات عبر الإنترنت.
لذلك أضعف تجار التجزئة كانوا يعانون – المتاجر الكبيرة العتيقة (كلنا نعرف أيها، حتى لو أننا لم نزرها أخيرا)؛ المجموعات ذات الهياكل التمويلية المحفوفة جدا بالمخاطر بحيث لا تستطيع الصمود بعد أي نكسة. ومن المؤكد أنه لا ينبغي أن يكون مفاجئا أن سوق السلع الرخيصة المستوردة والفوائض في مخزون بائعي الجملة التي تباع بسعر جنيه واحد لها حدودها. حتى أقوى السلاسل كان عليها مراجعة متاجرها الأقل ربحية.
كل هذا يعد استجابة مناسبة من جانب السوق لفائض الطاقة الواضح. سيكون هناك عدد أقل من تجار التجزئة، وعدد أقل من المتاجر، وشوارع رئيسة أقل شعبية، وستناضل مراكز التسوق إلى أن يتم استعادة نوع من التوازن. بالتالي ما هو دور الضرائب على ممتلكات الشركات في كل هذا؟
تفرض الضرائب على ممتلكات الشركات استنادا إلى القيمة الاسمية الافتراضية للممتلكات التجارية، ويزداد معدل الضريبة (المضاعف) سنويا تماشيا مع مؤشر أسعار التجزئة. قيم الإيجار المقدرة تخضع للمراجعة كل خمس سنوات. يتمثل تأثير إعادة التقييم في أنها تبقي إجمالي فاتورة الأسعار دون تغيير، لكنها تعيد توزيعها تماشيا مع التغيرات في قيم الإيجارات النسبية. وآخر مراجعة ـ تم تأجيلها لمدة عامين لتفادي صدام غير مرغوب فيه مع انتخابات عامة ـ دخلت حيز التنفيذ في نيسان (أبريل) 2017. وبعض الشركات تدفع أقل، لكن الذين يدفعون أكثر يحدثون ضوضاء أكثر.
استنادا إلى قيمة الإيجار المقدرة، فإن الضرائب على ممتلكات الشركات هي ضريبة على المبنى وقيمة الموقع، حيث تتكون العقارات من المبنى والأرض التي يقع عليها. بالنسبة للمستودعات اللوجستية خارج إحدى المدن الشمالية، تقع قيمة العقار بالكامل تقريبا في المبنى. وبالنسبة لمتجر عادي في وسط لندن تكاد تكون قيمة العقار بالكامل في الموقع. التحليل الاقتصادي البسيط يشير إلى أن الضريبة على المبنى ستقع بشكل رئيسي على الأشخاص الذين يستخدمون المبنى، في حين أن الضريبة على قيمة الأرض ستقع بشكل رئيسي على الأشخاص الذين يمتلكون الأرض. التحليل الاقتصادي البسيط نفسه يشير إلى أن الضريبة على الأراضي القيمة هي ضريبة ذات كفاءة عالية–الأرض في وسط لندن لن تختفي، أو تكون غير مستخدمة، مهما كنت تفرض عليها من ضرائب. لكنهم أقل تفضيلا للضرائب المفروضة على الهياكل–مستودع اللوجستيات قد ينتقل إلى موقع آخر، أو يتقلص.
الذين ينتقدون الضرائب على ممتلكات الشركات أساؤوا فهم الأمور. أولا، وبشكل أساسي، فشلوا في إدراك أن المشكلة الأساسية هي مشكلة الطاقة الفائضة في تجارة التجزئة. أصحاب المتاجر هم ضحايا غطرستهم التاريخية، وليس جشع الحكومة. ثانيا، لم يفكر هؤلاء النقاد بشكل واف من سيكون المستفيد الرئيسي من الإغاثة التي يبحثون عنها. المكاسب لن تذهب إلى شركات الخصم المتعثرة والمتاجر العامة التي عفى عليها الزمن. سيكون الفائزون هم أصحاب الأراضي الأكثر قيمة في إنجلترا. فكر في كبار ملاك الأراضي في وسط لندن، ويجب أن تتحول أفكارك إلى الملكة، ودوق وستمنستر وشركة التطوير العقاري الضخمة "لاند سكيوريتيز".
أخيرا، ليست هناك حقيقة تذكر في الادعاء بأن النظام الحالي يؤيد دون وجه حق تجار التجزئة عبر الإنترنت. صحيح أن تكلفة البيع بالتجزئة من مركز الطلبات في أمازون بالقرب من روغلي أقل بكثير من تكلفة البيع من متجر في شارع بوند. لكن جزءا صغيرا فقط من هذا الاختلاف يمكن تفسيره من خلال الضرائب على ممتلكات الشركات. ومن المفارقات أنه بمجرد أخذ الارتفاع في قيم الأراضي في الحسبان – تقريبا ليس لها وجود في روغلي وهي غالبا في شارع بوند – فإن تخفيض الضرائب على ممتلكات الشركات قد يخفض تكاليف أمازون أكثر من التكاليف على "تيفاني". أي شخص يعتقد أن الضرائب على ممتلكات الشركات هي عنصر مهم في صعود التجزئة عبر الإنترنت، ليس لديه إدراك حقيقي لما يحدث في الصناعة.
إذن، ما الذي ينبغي عمله بشأن الضرائب على ممتلكات الشركات؟ الحكومة الآن في مراحل مبكرة من برنامج لإعادة السيطرة على الضرائب على ممتلكات الشركات إلى السلطات المحلية. وفي حين يبدو هذا موضع ترحيب، إلا أنه يحمل في طياته خطر أن المجالس غير المسؤولة سترى الشركات المحلية كبقرة حلوب للنقد لتعويض التمويل غير الكافي من الحكومة المركزية. واقترحت الحكومة أيضا إعادة تقييم كل ثلاث سنوات بدلا من خمس سنوات. من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تقليل الحجم، حتى مع زيادة تردد صرخات الألم.
شهدت السنوات الأخيرة تقريرين حول مستقبل الشوارع التجارية الرئيسية. اقترح أحدهما ـ مقدم من مستشارة التجزئة، ماري بورتاس ـ مجموعة من السياسات للحفاظ على الوضع الراهن. المقترح الآخر، وهو أكثر إدراكا، قدمه بيل غريمزي، الرئيس السابق لـ "ويكيس" و"آيسلاند"، اتخذ منظورا أوسع. نريد مراكز نابضة بالحياة في مدننا وبلداتنا. لكن ليس شوارع تصطف عليها مجموعات مماثلة من منافذ سلسلة متاجر التجزئة نفسها. فكر في الشوارع الرئيسة كمراكز مجتمعية بدلا من كونها مراكز للتسوق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES