Author

هل أزمة العرض في أسواق النفط حتمية؟

|

في الوقت الحاضر، تعد صناعة النفط العالمية أكثر ربحية من أي وقت في سنوات، إلا أن الصناعة قد تفشل في توفير ما يكفي من إمدادات النفط لتلبية الطلب العالمي المتزايد في غضون بضع سنوات فقط.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، كشفت سلسلة من تقارير الشركات العالمية لأرباح الربع الثاني زيادة في أرباح الصناعة النفطية، حيث سجلت بعض الشركات أرباحا مضاعفة أو ثلاثة أضعاف، مقارنة بالعام الذي سبقه. ولكن على الرغم من تدفق هذه الأموال، إلا أن الصناعة لم تعد إلى مستويات الإنفاق المسرفة التي كانت سائدة قبل هبوط أسعار النفط في منتصف عام 2014.
لكن وفقا لشركة Carbon Tracker، فإن صناعة النفط لديها تريليونات من الدولارات من المشاريع المخطط لها، التي قد تصبح عبئا ماليا على الشركات إذا ما طورت، حيث تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم لمعالجة قضية تغير المناخ. حسب وجهة النظر هذه، سيبقى كثير من احتياطيات النفط والغاز العالمية في باطن الأرض بسبب الضرائب أو التنظيمات المقبلة أو ببساطة نتيجة تراجع الطالب على النفط، كلما توسع استخدام بدائل الطاقة. على هذه الخلفية، فإن نقص الإنفاق على المشاريع النفطية ليس بالأمر السيئ.
من ناحية أخرى، حذرت وكالات الطاقة العالمية، مثل وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك، من أن الوتيرة الحالية للإنفاق على المشاريع الاستخراجية من جانب صناعة النفط العالمية غير كافية لتلبية الطلب المتزايد على النفط.
لقد أدى التباطؤ، الذي بدأ في عام 2014 إلى خفض حاد في الإنفاق على مشاريع التنقيب والتطوير، حيث انخفض الإنفاق بنسبة 25 في المائة في عام 2015، وتلاه انخفاض آخر بنسبة 26 في المائة في عام 2016. ومنذ ذلك الحين، توقف تراجع نفقات المشاريع الاستخراجية، حيث ارتفعت بنسبة 4 في المائة في العام الماضي. كما أن الصناعة النفطية في طريقها لزيادة الإنفاق بنسبة 5 في المائة أخرى في عام 2018. ولكن هناك بعض المؤشرات على أن الصناعة ستعود إلى الإنفاق بالمعدل نفسه الذي كانت عليه قبل انهيار الأسعار.
وقد ترجم الإنفاق المنخفض على المشاريع الاستخراجية إلى انخفاض حاد في الاكتشافات الجديدة. على سبيل المثال، في عام 2014، اكتشفت الصناعة النفطية في المتوسط نحو 1.35 مليار برميل نفط مكافئ mboe كل شهر. في عام 2015، ارتفع هذا المتوسط إلى 1.404 مليار برميل نفط مكافئ في الشهر، وفقا لشركة Rystad Energy، لكن هذا الرقم انهار في عام 2016، حيث تراجع إلى 697 مليون برميل في الشهر، ثم هبط مرة أخرى إلى 625 مليون برميل في الشهر في العام الماضي. من المتوقع أن تنتعش الاكتشافات الجديدة في هذا العام إلى 826 مليون برميل نفط مكافئ في الشهر مع زيادة نشاط الحفر بمعدل 30 في المائة، مقارنة بالعام الماضي. وتمثل اكتشافات شركة إكسون موبيل الثلاثة في غيانا جزءا كبيرا من ذلك الإجمالي.
لكن الاكتشافات لا تزال تمثل جزءا بسيطا عما كانت عليه من قبل، عندما كانت صناعة النفط تنفق أكثر من ذلك بكثير. ووفقا لشركة ريستاد للطاقة، تحتاج صناعة النفط العالمية إلى إضافة نحو 33 مليار برميل من النفط سنويا، لكن الصناعة في طريقها لإضافة 20 مليار برميل فقط في عام 2018. قد تبدو زيادة نشاط الحفر بنسبة 30 في المائة عن المستويات المنخفضة بشكل غير طبيعي في عام 2017 مشجعة، لكن شركات التنقيب والإنتاج تواجه حاليا نسبة تعويض احتياطي منخفض جدا، في المتوسط أقل من 10 في المائة. وهذا أمر مثير للقلق بالنظر إلى التأثير على إمدادات النفط العالمية على المدى الطويل. بما أن عدد المشاريع الجديدة من المتوقع أن يتراجع خلال السنوات القليلة المقبلة، لذلك قد تنشأ فجوة في العرض. في هذا الصدد، قال بعض المحللين إن سنوات نقص الاستثمار تهيئ المشهد لأزمة في الإمدادات.
ومما يثير القلق بشكل خاص هو معدل النضوب في الحقول التقليدية. فبعد أكثر من ثلاث سنوات من نقص الاستثمار في مشاريع الاستكشاف والتطوير، بدأت معدلات الإنتاج العالمية تظهر علامات متسارعة للضعف مع انخفاض ملحوظ في الإنتاج على مدار العام في 15 دولة منتجة للنفط في العالم. وتؤكد هذه التطورات الحاجة المتزايدة إلى زيادة الإنفاق على مشاريع الاستكشاف والتطوير، حيث أصبح من الواضح جدا أن المشاريع الجديدة التي من المتوقع أن تبدأ الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة لن تكون كافية على الأرجح لتلبية الطلب المتزايد على النفط. في هذا الجانب، تشير بعض المصادر إلى أن معدل تراجع الحقول العالمي ارتفع من 3 في المائة في عام 2014 إلى 6.3 في المائة في عام 2016، على الرغم من تحسنه إلى 5.7 في المائة في عام 2017.
من المتوقع أن يتباطأ نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة خلال العام المقبل، لكن يتسارع بعد ذلك مرة أخرى بعد أن تبدأ عديد من المشاريع في الحوض البرمي بالإنتاج في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020. وسيكون الحوض البرمي واحدا من أكبر مصادر نمو العرض على المدى المتوسط. لكن معظم المحللين يتوقعون أن يصل إنتاج النفط الصخري إلى ذروته في منتصف العقد المقبل أو نحو ذلك قبل أن يبدأ بالتراجع. إن الافتقار إلى مشاريع جديدة تبدأ بالإنتاج في أوائل العقد المقبل يزيد من خطر حدوث أزمة في العرض.

إنشرها