Author

هل تُباع السعادة؟

|

هل تُباع السعادة وتُشترى؟ الحكمة السائدة تقول، لا. هل السعادة مسؤولية حكومية حتى تخصص لها وزارة؟ إحدى المسؤوليات الرئيسة لأي حكومة، تحقيق مستوى عال من الرضا عند المواطنين. خذ أحمد، مواطن متزوج، له أربعة أبناء ويتوقع خامسا. ما الذي يؤثر في مستوى سعادة الأسرة؟ أمور كثيرة، وللوصول للقصد، لنستبعد كل شيء ما عدا ما قد يؤثر في رضا الأسرة "سعادتها" بما توفره الحكومة من خدمات. تخيّل أن أكبر الأبناء أنهى الثانوية وحصل على بعثة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين، ذلك سيسعد الأسرة. ولكن تصوّر أن الابن عاد بشهادته من جامعة أمريكية مرموقة ولم يجد عملا، فذلك لن يرضي الأسرة، والعكس تماما لو أنه حصل على عمل مرموق يدر عليه دخلا عاليا، فذلك سيعزّز رضا الشاب وأفراد أسرته. ننتقل للأم الحامل، فإن كان بالقرب منها مركز رعاية صحية أولية أو مركز لرعاية الأم والطفل على مستوى مرموق وخدمات مهنية معتبرة، وكان بوسعها أن تراجع فيه للاطمئنان على وضعها الصحي ووضع جنينها، فستكون أكثر انشراحا وراحة وكذلك أفراد أسرتها، وسيوفر ذلك على الأب مصروفات قد يصل متوسطها إلى ألف ريـال، إذ إن جودة الرعاية الصحية قد تغنيه عن اصطحاب زوجته إلى مستوصف خاص للمراجعة الدورية ومصروفاتها العالية، وقد يغنيه توافر مستشفى حكومي عن أن تلد زوجته في مستشفى خاص وما يصاحب ذلك من مصروفات. وعندما افتتحت وزارة التعليم مدرسة جديدة في الحي عوضا عن المبنى المستأجر المتهالك، اصطحب الأب ابنه اليافع، وهو أكثر ثقة أن ركنا مهما من أركان العملية التربوية قد تطور، ولعل ذلك يقنع الأم بالتنازل عن إلحاحها على إلحاق ابنها "دلوع ماما" بمدرسة خاصة، وسيوفر للأب ما يزيد على ألف ريـال ثانية شهريا، وتصور أن الحلم تحقق وتوافر للأسرة منزل من برامج الإسكان، فذلك سيعني أن الأسرة برمتها ستكون أكثر رضى، فيما يوفر رب الأسرة ألف ريـال ثالثة. ما يوفره الأب من مال سيمكنه من الإنفاق على احتياجات أخرى، فقد يسهم بصورة أفضل في بر والديه، أو يصبح بوسعه اقتناء بعض الأثاث الجديد، أو أخذ الأسرة في رحلة سياحية، أو افتتاح حسابات توفير للأبناء. فإن طبّقنا هذا الأمر على آلاف الأسر، فسنجد أننا لسنا في حاجة إلى وزارة للسعادة، بل إن قيام كل وزارة بعملها سيسهم في إسعاد المجتمع برمته.

إنشرها