Author

مقاومة التغيير

|
لعل العنوان يجذب الكثير من المهتمين بعلم الإدارة، لكن هذه الحالة الإنسانية مهمة اليوم، ونحن نشاهد الكثير من التغيير الذي يمس معظم مكونات الحياة والمجتمع. يأتي اليوم الذي نشاهد فيه الجديد الذي لم نتعود على وجوده، تكون ردود أفعال الناس متباينة. يغلب الرفض على كبار السن والأقل تعليما والأكثر شعورا بالخسارة سواء كان الشعور من العقل الباطن أو الظاهر، لكنه لا يقتصر على هؤلاء، ففئات الشباب قد تتحفظ على التغيير بحكم التعود والنمطية التي يحاط بها إدخال مفاهيم هذا التغيير. إشكالية المجتمعات تتمثل في القدرة على تبرير كل شيء. عندما يصبح الوضع القائم غير مبرر ــ وإنما حالة من التعود ترتبط بالاستقرار في ذهن الناس ــ نكون في منطقة الخطر. على أن المجتمعات الشرق أوسطية بما تحمله من العاطفة والنظر للأمور من منظور محدود يحكمه الآخرون ونستنبط بداياته ونهاياته مما يقال لنا، هذه المجتمعات تقاوم التغيير بشكل أكبر، معتمدة على البحث عن الأجوبة من مواقع ثقة سيطرت على الفكر سابقا. تتأكد الأزمة حين يجد هؤلاء من يشرح لهم الواقع بنمط مختلف وبرأي جديد يختلف عما تعودوه من محرك الرأي، لهذا كنت دوما ممن يطالبون بالواقعية في التعامل مع الأشياء حتى وإن بدت غريبة. هناك كثير ممن يتبنون هذا الفكر ويحاولون الوصول للعقول بدل القلوب، نحتاج إلى تصدرهم في وقت التغيير الشامل الذي نعيشه. يمكن أن نربط الكثير مما نشاهده من الحدية في التعامل مع الواقع لما تحدثت عنه هنا، الشاب الذي أحرق سيارة سيدة لسبب غير مقنع يدل على أن هناك حاجة للتوعية واستخدام العقول لتبرير المواقف بعيدا عن العصبية والرفض الصارم غير المفهوم لما يحدث من تطور في المجتمع أساسه القناعة بتطور الفكر والإنسان والقدرة على التفاعل مع المستجدات بعقلانية. التغيير الذي نعيشه حتى وإن لم يرق للبعض، هو واقع يلزم التعايش معه وقبوله بالعقل وربطه بالمزايا الاجتماعية والاقتصادية والدينية التي نفهمها عندما نبعد العاطفة ونعمل العقل في القراءة، مع لزوم وجود التحصين المنطقي والصحيح داخل الأسرة بدلا من مطالبة المؤسسة الرسمية بتقييد كل شيء بسبب فشلنا في تكوين الحصانة الفكرية والسلوكية للأبناء والبنات والكبار والصغار.
إنشرها