السياسية

«الفهد» .. ملك الحكمة والحنكة والمواجهة

«الفهد» .. ملك الحكمة والحنكة والمواجهة

«الفهد» .. ملك الحكمة والحنكة والمواجهة

«الفهد» .. ملك الحكمة والحنكة والمواجهة

أحيت المملكة العربية السعودية أخيرا ذكرى وفاة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود – يرحمه الله -، وهو الملك الأول الذي واجه مطامع النظام الإيراني الجديد حينها، ليمد الملك الراحل يده إلى إيران ونظامها من باب الجيرة، لكن رأس النظام مرشد الثورة الخميني رفض الحسنى ورفض العرض السعودي السخي، ليصرح في تلك الأيام بأن أهداف الثورة والنظام الناتج عنها هو التوسع والسيطرة على مزيد من الدول.
وقف الملك الراحل إلى جانب الصف العربي ودعم نظام صدام حسين في العراق في مواجهة إيران، بهدف الحفاظ على الدول العربية ووحدتها، وها هي اليوم السعودية تقف موقف القوي في وجه إيران المنهارة، وذلك بفضل النهج الحكيم الذي وضعه الملك الراحل فهد وأكمله ولاة أمر المملكة حتى يومنا هذا، إذ يعد الملف الإيراني إرثاً ثقيلاً يتوارثه حكام السعودية للدفاع عن الوطن العربي برمته، نظراً إلى حجم الكره والضغينة الذي تحمله مرجعية طهران ضد العرب، خصوصاً الخليج العربي.

الفهد رجل الحكمة والحنكة
طغت الحكمة والاتزان على أسلوب الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز - يرحمه الله - في إدارة الصراع العربي الإيراني، على عكس التسرع الذي مارسه صدام حسين في محاربته، حيث قال للفهد شخصياً "سأذهب إلى طهران وأجر الخميني من لحيته"، ليرد عليه الفهد حينها "لا تشده من لحيته ولا يشدك من لحيتك"، ليدرك صدام فيما بعد أن هذه العنتريات لم يكن لها أي أثر إيجابي في العراق، فكان الفهد لا يفضل المواجهة المباشرة لأسباب عدة، كما قدم عديدا من النصائح لصدام حسين "بألا تحارب دولة أكبر منك جغرافياً وعدد شعبها أكبر من عدد شعبك"، إضافة إلى أنها جديدة في الحكم، ما سيكسبها تماسكاً والتفافاً شعبياً. وعلى الرغم من إصرار صدام على الحرب وقفت السعودية إلى جانب العراق، ودعمته بالمال والسلاح، لدرجة أنها اشترت من الصين الأسلحة التي ستباع لإيران، ومنحتها للعراق، وكل ذلك كان فداء للعرب والعروبة، وبعد انتهاء الجولة الأولى من الحرب أقر صدام حسين بحكمة الملك فهد، وأنه لم يصب في محاربة إيران، متمنياً أنه لو استمع لكلام الفهد ونصيحته.
أدرك الفهد خطورة المشروع الإيران الرامي إلى إغلاق الخليج حينها، ليواجه الخطر بخطة سرية، تتمثل في إنشاء قاعدة عسكرية في حفر الباطن، إضافة إلى بناء خط أنابيب عملاق ينقل النفط من الخليج إلى البحر الأحمر في حال أغلقت إيران الممرات البحرية المحاذية لها، كما عقد - يرحمه الله - صفقات عسكرية عدة، جلبت إلى المملكة قوة عسكرية كبيرة تتمثل في طائرات الـ F15 الأمريكية، التي جعلت من سلاح الجو السعودي اليوم أقوى قوة جوية في المنطقة، ولم يكتف - يرحمه الله - بذلك، بل كان يطمح في الحصول على سلاح استراتيجي ليكون رادعا لإيران. وعلى الرغم من الرفض الأمريكي لتزويد السعودية بالصواريخ حينها بعد تصويت الكونجرس بعدم منح المملكة صواريخ أرض – أرض، اتجه نحو الصين للحصول على السلاح الاستراتيجي وحصل عليه دون علم الأمريكان، وحافظ على بلاده وشعبه من التوسع الإيراني.

على خطى الفهد
تسير المملكة العربية السعودية هذه الأيام مرحلة من الازدهار والتطور في مجالات الحياة كافة، كما أنها تعد الحاضنة الأولى للعرب والمسلمين، إذ أكمل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رسالة ولاة عهد المملكة، بالحفاظ على هذه الأمة، من خلال حفظ الدول العربية، إذ وقفت المملكة بجانب الأشقاء في مصر ودعمت الاقتصاد المصري ونظامه السياسي عقب الأحداث السياسية التي عصفت بها عقب "الربيع العربي"، وسيطرة الظلاميين على البلاد، كما وقفت المملكة بجانب الشعب اللبناني الشقيق منذ الحرب الأهلية ورعت اتفاقات عدة، منحته السلم والأمان، وحتى يومنا هذا تعمل المملكة على حفظ لبنان وأمنه من آلة الدمار التي تقودها إيران في لبنان من خلال الجماعة الإرهابية المعروفة بحزب الله.
وامتد دور المملكة في الحفاظ على الدول العربية، ترجمة لمضامين الأسس التي بنيت عليها، إذ اأطلقت المملكة "عاصفة الحزم" في وجه إيران وميليشياتها المهترئة في اليمن، ودعمت الشرعية هناك، وما زالت تدافع عن حق الشعب اليمني في الحرية والعيش بديمقراطية في وجه آلة الدمار الحوثي، المعروفة بأنها الوجه الإيراني المسعور في جزيرة العرب، ولم يقتصر دورها في الدفاع عن اليمن بالسلاح بل بذلت المملكة الأرواح، من خلال قوافل الشهداء الذين سطروا أروع البطولات الملحمية للدفاع عن العروبة. إذ تذكرنا هذه البطولات التي يقدمها الجيش السعودي في الحد الجنوبي ببطولات من سبقوهم من رفاق السلاح الذين رووا تراب القدس بدمائهم، كما تسعى المملكة إلى الحفاظ على استقرار عديد من الدول العربية سياسياً واقتصادياً، كان آخرها الوقوف إلى جانب الشقيقة المملكة الأردنية الهاشمية ودعم اقتصادها، من خلال قمة مكة المكرمة في رمضان، إضافة إلى الوقوف بجانب الشعب السوري والعراقي والسوداني، وبقية الشعوب العربية.

ربح الرهان
ربحت السعودية وحلفاؤها الرهان في المواجهة الإيرانية، فقبل نحو 20 عاما ظهر مرشد الثورة الإيراني علي خامنئي للرد على تصريحات الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، بأن سعر صرف الدولار سيصل إلى نحو 120 ألف ريال إيراني بـ "خسئت.. لن تحدث هذه الأوهام إلا في أحلامك"، وتحدث حينها بخطاب ناري عن انهيار أمريكا وحلفائها في المنطقة، وهاجم الخليج العربي، وأطلق تهديدات مبطنة بأن السيطرة على المنطقة باتت أمراً محتوماً، وقد وعى الفهد ذلك جيداً، وتعامل مع الملف الإيراني بأسلوب من يسحب الشعرة من العجين، لتتصدى لها المملكة طوال هذه السنوات وتحافظ على نفسها وعلى الأشقاء العرب، كما راهنت المملكة على بطلان التجاوزات الإيرانية، في الوقت الذي حافظت فيه على حق الجوار، حتى أصبحت كلمة إيران في العالم علامة إرهاب شهيرة متورطة في دماء عديد من الناس حول العالم، وها هي بعدم مد يد السلم والصلح للفهد، إذ تشهد البلاد اجتياحات شعبية واسعة مطالبة باسقاط نظام الملالي، الذي تسيطر عليه مجموعة من تجار الدين والحروب الذين جلبوا إلى بلادهم التخلف والعداوة. فالعقوبات الدولية المفروضة جراء الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران دخلت حيز التنفيذ، فيما تعاني خزانة الدولة نقصا حادا في مخزون العملة الصعبة، إضافة إلى نزيف حاد في العملة المحلية، في حين عمد النظام إلى ضخ أموال الشعب الإيراني لدعم القمع والقتل في سورية والعراق واليمن ولبنان.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من السياسية