FINANCIAL TIMES

لهيب الحرائق الغابية - الصيفية يجتاح العالم

لهيب الحرائق الغابية - الصيفية يجتاح العالم

لهيب الحرائق الغابية - الصيفية يجتاح العالم

لهيب الحرائق الغابية - الصيفية يجتاح العالم

كان ثاناسيس كونتيديس يشطف شرفة منزل عائلته الصيفي في ماتي، إحدى ضواحي العاصمة اليونانية أثينا، بعد ظهر يوم اثنين، عندما لمح نفحة من الدخان اللاهب. وقال: "نظرت لأعلى ورأيت السماء بلون البيج؛ لذا عرفت أن هناك حريقا في مكان ما، لكنني لم أدرك أنه كان يقترب منا".
بعد نصف ساعة، كان الطالب الجامعي البالغ من العمر 22 عاما يهرب للنجاة بحياته.
ويقول: "كانت الرياح تسير في اتجاهات مختلفة وكان هناك وهج برتقالي عن بُعد. بللت أحد مناديل والدتي، وربطته على أنفي وفمي وأمسكت هاتفي. ثم دخلت السيارة وحاولت الابتعاد".
غير أن الشوارع الضيقة في المنتجع اليوناني الساحلي المحاط بغابات الصنوبر كانت مزدحمة بالمركبات التي تهرع للهروب من الحريق. ترك كونتيديس سيارته وبدأ في الجري نحو البحر، الذي كاد أن يحول دون الوصول إليه تزاحم السيارات.
وفي حين أنه نجا، إلا أن 87 شخصاً لقوا مصرعهم في الحرائق في أثينا وحولها، ولا يزال هناك 100 شخص في عداد المفقودين.
قال مسؤولون إن الحريق لم يسبق له مثيل بالنسبة لليونان، ولكنه حدث من عدة أحداث للنيران الغريبة ودرجات الحرارة الشديدة للغاية من كندا إلى البرتغال واليابان، التي أثارت القلق بشأن تأثير أنماط الطقس المتغيرة في حياة الناس.
تغير المناخ هو "مسرِّع" لهذه الحرائق، وفقا للعلماء الذين يدرسون هذه الحرائق، رغم أنه ليس السبب الوحيد.
التحضر، وتغيير أنماط استخدام الأراضي، ووصول الأنواع الحية الغازية، حتى التقشف، هي من العوامل المساهمة.
كان هناك أكثر من 450 حريقًا تغطي أراضي أكثر من 300 ألف متر مربع في أوروبا حتى الآن هذا العام، وفقًا لبيانات الاتحاد الأوروبي، وهي أعلى 40 في المائة من المتوسط خلال العقد الماضي.
وفي حين أن الحرائق شائعة في بعض أجزاء العالم مثل كاليفورنيا وأستراليا، إلا أن ما هو غير معتاد في هذا العام هو أن هذه الكوارث تحدث في أماكن مختلفة، وتأخذ الناس على حين غرة.
الحرائق المشتعلة داخل الدائرة القطبية الشمالية نتيجة الجفاف والحرارة التي جعلت الغابات هناك قابلة للاشتعال بشكل غير عادي. كانت أراضي الخث في المملكة المتحدة، المحمية تقليديا من الحرائق نتيجة الرطوبة، تحترق أيضا وسط موجة حر.
في الولايات المتحدة، تضاعف المتوسط السنوي لعدد الحرائق الكبيرة منذ السبعينيات، وخلال هذا الأسبوع تم إخلاء وادي يوسمتي، وهو متنزه وطني في كاليفورنيا، بسبب حريق قريب.
يقول ديفيد بومان، بروفيسور علم بيئة الحرائق في جامعة تاسمانيا: "هناك كثير من أحداث الحرائق الشديدة التي تقع". ويشير إلى حريق توماس الذي اجتاح ضواحي لوس أنجلوس والحرائق الغريبة في وسط تشيلي العام الماضي. "إنه أمر غير طبيعي – ينبغي ألا تغمرني الفرحة لوجود فرص لدراسة أحداث النيران الشديدة".
هناك أيضا فهم متزايد لتكاليف تلك الحرائق، فقد سلطت الحرائق الأخيرة الضوء على بعض هذه التكاليف، الاقتصادية منها والبشرية على حد سواء: 87 قتيلاً في أثينا، وحرق ما قيمته 100 مليون دولار من الغابات في السويد، وأكثر من ملياري دولار تم إنفاقها للقضاء عليها في الولايات المتحدة العام الماضي.
يقول تريفور هاوزر، المدير المشارك لمختبر التأثيرات المناخية: "مع كل حدث مناخي متطرف، نحصل على معلومات جديدة لنماذجنا الإكتوارية عن مدى احتمال حدوث هذه الأحداث وتكلفتها".
في السويد، كافحت السلطات من أجل الاستجابة؛ لأن فرق الإطفاء لديها ليست كافية للتعامل مع الحرائق بهذا الحجم – المنطقة التي أصابتها الحرائق أكبر بأربعين مرة من المعدل السنوي في البلاد على مدى العقد الماضي، ولا تزال الحرائق خارجة عن السيطرة. قامت البلدان الأوروبية الأخرى بإرسال المساعدة.
في اليونان، التي لم تكن تعاني موجة حر طويلة قبل الحريق، كان السكن العشوائي الكثيف غير القانوني والرياح العاتية والاستجابة البطيئة من السلطات سببا رئيسا وراء اشتعال هذه الحرائق، كما يقول إفثيميوس ليكاس، أستاذ علم الأرض وعلم الجيولوجيا في جامعة أثينا. وقد تفاقم هذا الأثر؛ لأن خدمات الطوارئ التابعة لها واجهت تخفيضات شديدة في الميزانية أثناء الأزمة المالية للبلد.
كما فشل المسؤولون الحكوميون المحليون في ماتي هذا العام في إتمام عملية القص السنوي للشجيرات المتشابكة التي يفرضها القانون، تاركين بذلك طبقة سميكة من إبر الصنوبر القابلة للاحتراق، والفروع الميتة على الأرصفة وفي الأماكن العامة حول المنتجع.
يقول روان سوتون، مدير أبحاث المناخ في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في المملكة المتحدة: "أنت في حاجة إلى عدد من المكونات، لحرائق الغابات خصوصا.
تغير المناخ عامل واحد فحسب، لكنه عامل مهم للغاية. إذا كان الجو حارًا وأكثر جفافًا، فإن الخطر أكبر".
تغير المناخ عامل محوري في فهم العلماء للمناطق التي من المحتمل أن تواجه مخاطر حرائق أكبر في المستقبل. من المتوقع أن تشهد مناطق مثل الغابات في المملكة المتحدة زيادة في الحرائق حين تصبح الظروف أكثر حرارة.
تأتي حرائق هذا الصيف في وقت يتزايد فيه القلق بشأن الأحداث المناخية المتطرفة التي ضربت الكوكب، من الأعاصير، إلى موجات الحرارة والفيضانات.
وبينما لا يمكن أن تُعزى أحداث الطقس المحددة مباشرة إلى المستويات المرتفعة للكربون في الغلاف الجوي، إلا أن هناك ترابطا بين تغير المناخ وتزايد تكرار هذه الكوارث الطبيعية.
ومع ذلك، فإن حساب التأثير الاقتصادي لتغير المناخ يظل مجالًا هو في جزء منه فن وفي جزء منه علم، وذلك بسبب عوامل اللبس الكبيرة حول مقدار ومدى سرعة تغير درجات الحرارة وأنماط الطقس العالمية.
وتقدر "لويدز" وهي سوق التأمين في لندن، أن ما يصل إلى 123 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي في المدن قد يكون معرضاً للخطر بسبب تأثير كوكب يعاني الاحترار، بما في ذلك العواصف والسيول.
وفي الوقت نفسه، توصلت دراسة أجرتها مجلة "نيتشر" (الطبيعة) عام 2015 إلى أنه بسبب تغير المناخ، من المرجح أن تكون الدخول العالمية أقل بمقدار الخمس عام 2100 مما ستكون عليه مع مناخ مستقر. وفي وقت لاحق من هذا العام، ستصدر الأمم المتحدة تقريرًا مهما للغاية يحدد مدى تأثير ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، مقارنةً بـ 2 درجة مئوية. تشير النسخ التي تسربت إلى أن العالم سيتجاوز هدف الاحترار البالغ 1.5 درجة بحلول عام 2040.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES