Author

الصلح خير

|
تابعت مشاهد الصلح الذي تم بين قبيلتين بعد خلاف دام سنين، عمل رجال خيرون على تحقيق ذلك الصلح بالاستعانة بالعقلاء واستمرار دعم مفاهيم القيمة التي يعطيها الدين للصلح والتوافق بين المسلمين. على أنه ليس للمسلم أن يقاطع أخاه المسلم ثلاثا، فكيف بمجموعة من العقلاء الذين عرفوا الحياة وشربوا من مشاربها وخبروا صعوباتها في الحقب السابقة. إن المسؤولية الأخلاقية التي تقع على كل قدوات المجتمع، تتطلب أن يبحثوا عن مناطق التقارب ويعملوا على إصلاح ذات البين، ذلك أن هناك كثيرا مما نشاهده اليوم من النزاعات التي يختلقها صغار الناس، ويقع كبارهم ضحايا لها. هذه المسؤولية تستدعي أن نوقف المتجاوزين عند حدهم، ونمنع سيطرتهم على المشهد العام، التي نراها تتجسد في كثير من المناسبات العامة. تؤدي جلسة بين كبار القوم إلى معرفة ما تعانيه القبائل والأسر من استغلال هؤلاء لمفاهيم القبيلة والأسرة واستخدامها للإساءة للجميع، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى جرائم تتحمل وزرها الأسر والقبائل التي كانت تتأذى منهم في الأساس. أذكر أن أحد شيوخ القبائل سجل أسماء مجموعة ممن يخالفون النظام من أفراد قبيلته لدى الشرطة وطالب بمراقبتهم لمنع تأثيرهم على الآخرين، وإساءتهم لسمعة المجموعة ككل. قد يكون مثل هذا السلوك مطلوبا في حالات مماثلة بسبب تجاوز كثيرين ممن يستغلون العلاقات الأسرية والقبلية في الجريمة على أساس أن هناك من سيتحمل وزرهم ويقف معهم باسم الرابطة الأسرية. كم واجهت مجتمعاتنا من حالات افترقت فيها الأسر إلى فئات متنازعة بسبب سيطرة هذا الفكر على عقليات الكبار ليورثوها من يأتي بعدهم. لهذا أؤكد أن هناك كثيرا مما يمكن تحقيقه من التقارب بين الأسر والقبائل، وأن مثل هذه المصالحات يجب أن تليها قرارات تمنع ظهور مشاكل جديدة وتحجم من أدوار من يمكن أن يساهموا في الفرقة والتناحر بين المجتمع. هذا أمر كان تحت السيطرة على مدى قرون ونحن بحاجة لأن نعيد الاهتمام به. أهم عنصر يجب أن نخرج منه هو ممارسات ما يعرف بـ"الهياط" المستجد الذي يأخذ أشكالا كثيرة اليوم، وتظهر أشكال جديدة منه كل يوم، والالتفات إلى فقراء ومحتاجي القبائل والأسر بدلا من هدر الأموال على ما لا يفيد أحدا.
إنشرها