Author

العقوبات القاصمة ضد الملالي

|

مع بدء العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران، يضيق الخناق أكثر وأكثر على هذا النظام الإرهابي الحاكم فيها، كما أن هذه العقوبات تأتي في الوقت الذي تشهد فيه البلاد واحدة من أكثر الانتفاضات الشعبية قوة وانتشارا على الساحة الداخلية ضد هذه السلطة التي تسببت خلال أربعة عقود في انهيار الاقتصاد الوطني، وإدخال البلاد في نفق ليس مظلما فحسب، لكنه بلا نهاية. كان بإمكان علي خامنئي والعصابة التي تحكم إيران بناء علاقات جديدة مع المجتمع الدولي، وقبلها مع الجيران العرب، ما يجنب البلاد المشكلات والأزمات الاقتصادية والشعبية التي تعيشها.. إلا أنه مصر على أوهام تصدير الطائفية البغيضة، ونشر ما أمكن له من خراب وإرهاب هنا وهناك. لماذا؟ لأن ذلك استراتيجية أقسم نظام الملالي على تنفيذها تحت أي ظرف كان.
الأمور لا تجري بالتمنيات ولا بالأوهام. إيران تحصد الآن ثمار ما زرعه "ويزرعه" نظامها الإرهابي. والعقوبات الأمريكية الجديدة هي في الواقع أداة ليست لتجويع الشعب الإيراني، بل لتغيير الاستراتيجية الإرهابية للنظام الحاكم من أجل الإيرانيين أولا. فهذا الشعب هو أكثر الجهات تضررا من نظام لم يحب يوما بناء علاقات طبيعية مع العالم الذي يعيش فيه. وفي الواقع لا تربطه علاقات إلا مع أنظمة مارقة مشابهة له. أنظمة من تلك التي لا تتمتع بشرعية وطنية مثله تماما. الأيام تتغير، وإيران الآن دخلت مرحلة كسر العظم فعلا. العقوبات التي تنطلق اليوم تشمل كل شيء تقريبا، بما في ذلك منع النظام الإيراني من تصدير النفط، من أجل تجفيف منابع المال الذي يذهب لتمويل استراتيجية الخراب، ولا يحظى الشعب الإيراني بشيء منها.
ليس مهما عمليات التجميل التي يقوم بها النظام من تغييرات إدارية هنا وأخرى هناك، فالمصيبة ليست في الموظفين، إنها حكر على علي خامنئي وبقية العصابة. في الفترة المقبلة ستحدث تحولات كثيرة، بما في ذلك توقف البلدان الأوروبية عن محاولات تغطية بشاعات نظام الملالي. الشعب الإيراني لم يعد قادرا على الصمت أكثر من ذلك على هذا النظام. ورغم وحشية رده على الانتفاضات المتلاحقة والمظاهرات العارمة، لم يعد الشارع يحفل بذلك، دون أن ننسى أن المجتمع الدولي يقف مع الشعب الإيراني باعتباره الضحية الأولى لنظام وجد المال للاستثمار في الإرهاب، لكن لم يجده لتحسين ظروف المستشفيات في البلاد! وجد المال لشن الحروب في بلدان أخرى، ولم يجده للحد من عديدي العاطلين عن العمل، وجده لإنشاء العصابات الإرهابية، ولم يجده من أجل إسكان لائق لسكان الكهوف!
المرحلة الجديدة من العقوبات الأمريكية تطلق معها متغيرات كثيرة على الساحة الإيرانية، خصوصا مع إصرار الملالي على عدم التفاهم مع العالم، بل تحدي هذا العالم ببلاهة لا مثيل لها. مع ضرورة الإشارة إلى أن الآلة التسويقية الداخلية للنظام استنفدت منذ سنوات أدواتها. ليس من قلة أنواعها، بل من نتائج تلك الاستراتيجية الماثلة على الأرض. سيدفع النظام الثمن الذي يستحق أن يدفعه، وليس أمام الشعب الإيراني إلا أن يمضي قدما للتخلص من هذا النظام، وبناء آخر يقوم على أسس واقعية لا وهمية، وقواعد إنسانية لا إرهابية. نظام يعيش بصورة طبيعية في محيطه الإقليمي، وفي الساحة العالمية. إنها الأساسيات البديهية لأي بلد يريد أن يسير نحو العيش الكريم.

إنشرها