Author

نيوم .. بين الأمس والغد

|

في شهر أكتوبر السنة الماضية كان إعلان البدء في إنشاء مدينة نيوم، وفي هذه السنة في شهر يوليو عقد أهم اجتماع على مستوى المملكة - مجلس الوزراء - في هذه المدينة البكر. عشرة أشهر فقط، هي رسالة واضحة للمضي قدما في تحقيق رؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة في المملكة.
ويعد هذا المشروع أحدث المشروعات الطموحة التي حظيت بدعم الأمير، ومن المنتظر له أن يقابل بشيء من التطلع والترقب، حيث تعد مدينة نيوم الجديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر أحدث مشروع في حملة ولي العهد لإعادة تشكيل المملكة في وقت تتراجع فيه الموارد. وتشمل خطة المدينة جسرا يمتد فوق البحر الأحمر ليربط المدينة المقترحة بمصر وبقية إفريقيا.
وتقع المدينة عند مفترق طرق العالم في موقع شاسع متفرد يضم تضاريس متنوعة تحميها الجبال وتبردها نسائم البحر الأحمر في درجة حرارة مناخ البحر الأبيض المتوسط. وتمتد المدينة بطول 468 كيلو مترا على ساحل يضم شواطئ وشعابا مرجانية، فضلا عن جبال يصل ارتفاعها إلى 2500 متر. ولا شك أن الموقع الاستراتيجي على أحد الشرايين الاقتصادية الأبرز في العالم يجعل "نيوم" مركزا عالميا للتجارة والابتكار والمعرفة.
وستركز المنطقة التي تبلغ مساحتها 26500 كيلو متر مربع "10230 ميلا مربعا" على صناعات من بينها الطاقة والمياه، والتقنيات الحيوية والمواد الغذائية والتصنيع المتطور والترفيه. وسيتم تزويد "نيوم" بالكهرباء المستمدة بالكامل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتأتي "نيوم" في إطار جهود المملكة لتحويل اقتصادها من اقتصاد يعتمد كليا على عائدات النفط عبر تنويعه، في ظل تراجع أسعار النفط عالميا. ومن المنتظر أن تتبنى المدينة أسلوب حياة مستدامة بالكامل، حيث تحظى النساء بفرص عمل في تكافؤ مع الرجال، وتستخدم الروبوتات والسيارات من دون سائق، وتزدهر البحوث العلمية وتسود الطاقة النظيفة مع إيجاد فرص عمل للشباب السعودي في القطاع الخاص وخفض الاعتماد على النفط.
وبكل فخر تتبلور رؤية "نيوم" في "مكان نعيش فيه المستقبل، ونحن نصنع المستقبل". والتصور الخاص بالمدينة يجعلها الأفضل من حيث المفهوم، والأذكى على الإطلاق، ويحررها من قيود التاريخ، ويؤسسها على أعظم الموارد البشرية، ألا وهو الخيال. وينظر إلى "نيوم" كنوع جديد من المستقبل يصنع في مكان بكر على الأرض بلا مثيل سابق عليه. وستكون "نيوم" محطة تاريخية للحياة المستدامة المنفذة على نطاق لا مثيل سابق له.
وقال الأمير محمد بن سلمان، إنه من المتوقع أن تستثمر الحكومة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة في المملكة والمستثمرون المحليون والدوليون أكثر من نصف تريليون دولار في المنطقة خلال السنوات المقبلة.
وسيقوم نظام المعيشة في نيوم والآفاق الاقتصادية التي لا مثيل لها على اقتصاد مربح من شأنه أن يراود المستقبل بالتركيز على تسعة قطاعات، هي: مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات.
وسيضمن الموقع الاستراتيجي للمنطقة الصناعية والعلمية بزوغها كمركز عالمي يربط آسيا وأوروبا وإفريقيا. وستكون البنية التحتية في هذه المدينة العظيمة نظيفة غير متأثرة بالتلوث. وستبقى المباني بكرا والهواء نقيا ونظيفا. وسيحتل علماء نيوم الريادة في مجال إنتاج واستخدام وتخزين الطاقة من المياه والغاز والنفط والشمس والرياح والطحالب، بل وأنواع جديدة بالكامل من الطاقة لم يسمع بها العالم بعد. وداخل حدود المدينة سيتم تسخير أنظمة التنقل الآلية المتقدمة الخضراء بنسبة 100 في المائة التي تتحرك بسلاسة وأمان في ثلاثة أبعاد على مسارات ذات كفاءة فائقة ومحاطة بمناظر خلابة في الوقت نفسه.
ويطمح ولي العهد في إنشاء مدينة تعتمد على التطبيقات الإلكترونية وتكون مؤتمتة بالكامل تقريبا ومتجاوبة مع احتياجات سكانها، ومن المتصور أن يوكل عالم التقنية الفائقة في "نيوم" بتنفيذ المهام الروتينية المتكررة إلى الروبوتات أو تحويلها إلى نظام مؤتمت بالكامل. ومن المتوقع لطموحات المملكة المستقبلية أن تساعد على زيادة الإيرادات غير النفطية للحكومة من 43.4 مليار دولار إلى 266.6 مليار دولار سنويا.

إنشرها