FINANCIAL TIMES

شركات النفط الكبرى تحول تركيزها من الأرباح إلى الإنتاج

شركات النفط الكبرى تحول تركيزها من الأرباح إلى الإنتاج

ساعد انتعاش أسعار النفط الخام شركات الطاقة الكبرى في العالم على تحقيق أرباح أعلى في الربع الثاني، لكن في النهاية كانت كمية النفط والغاز التي أنتجتها هذه الشركات هي التي ميزت حظوظها.
بالنسبة لشركة إكسون موبيل التي كان يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها الأسوأ أداء من بين جميع الشركات الرئيسة، الأسعار المرتفعة قابلها انخفاض بنسبة 7 في المائة في إجمالي إنتاج النفط والغاز في الربع الثاني، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
بول سانكي، وهو محلل لدى شركة ميزوهو في نيويورك، وصف نتائج إكسون بأنها "صاعقة"، وقال إن رقم الإنتاج يؤكد على حاجة أكبر شركة منتجة للطاقة في العالم إلى تسريع المشاريع.
الشركة التي كانت معروفة في السابق بتركيزها على التكاليف والعوائد، تنفق بشكل مكثف ـ زادت النفقات الرأسمالية 68 في المائة عن الربع الماضي. وهي تركز الآن على تعزيز الإنتاج في حوض بيرميان في الولايات المتحدة واكتشافات بحرية جديدة في غيانا، لكن لا يتوقع أن تسفر كثير من المشاريع عن تحقيق الإنتاج المستهدف من النفط حتى أوائل عام 2020.
نيل تشابمان، نائب أول للرئيس وعضو في لجنة إدارة شركة إكسون، أكد على تركيز الشركة على "القيمة" أكثر من "الحجم". كان هذا هو شعار الصناعة على مدى السنوات الثلاث الماضية، لكن المستثمرين يريدون رؤية نمو الإنتاج الآن.
وأضاف سانكي: "قليل من المستثمرين لديهم الصبر في هذه الأيام للانتظار لمدة خمس سنوات أو أكثر". وقد أثرت هذه المخاوف بشكل كبير على سعر سهم إكسون، الذي انخفض إلى مستوى أدنى مما كان عليه عندما تم تداول خام برنت آخر مرة عند أقل من 40 دولارا للبرميل في آذار (مارس) 2016.
بالنسبة لشركات النفط الكبرى بصورة عامة، لم يكن الإنتاج سيئا بشكل عام. كثير من الشركات آخذة في زيادة الإنتاج على الرغم من الحفاظ على التكاليف تحت السيطرة. وكانت شركة توتال الفرنسية الكبرى من أفضل الشركات أداء، إذ أضافت ما يقارب 9 في المائة، مقارنة بالربع نفسه عام 2017، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الإنتاج إلى مستويات قياسية بعدما بدأت الاستثمارات التي ضختها في فترة التباطؤ تؤتي ثمارها.
مع ذلك، قال فيريندرا تشاوهان، المحلل في إينيرجي آسبكتس، إن "اتجاهات التدفق النقدي الحر والسيولة الناتجة كانت راكدة" في جميع أنحاء القطاع.
وإدراكا منها إلى أن تأمين عمليات إنتاج جديدة أمر أساسي للأرباح المستقبلية، أعلنت شركة بريتيش بتروليوم في الأسبوع الماضي عن صفقة بقيمة 10.5 مليار دولار تحصل بموجبها على أصول نفط صخري أمريكي في شركة BHP. وهذه أكبر صفقة لها منذ 20 عاما ومن المنتظر أن تعزز الإنتاج الذي ارتفع 1 في المائة في الربع الثاني.
إليسا لوكاش، المحللة في شركة ريستاد إنيرجي، ترى أن "هذه الأصول ستكون حيوية بالنسبة لجهود شركة بريتش بتروليوم للحفاظ على مستويات الإنتاج الإجمالية من الآن وحتى عام 2025". وأضافت أن الصفقة "من شأنها أن تمثل نحو 10 في المائة من إجمالي موارد النفط لشركة بريتيش بتروليوم".
وبحسب كريستيان مالك، رئيس فريق أبحاث النفط والغاز في "جيه بي مورجان" في لندن، مع انتعاش أسعار النفط إلى أكثر من 70 دولارا للبرميل، بدأت الشركات والمستثمرون في إعادة التركيز على إنتاج كميات جديدة تدعم جميع الأعمال وعائدات المساهمين. وقال: "يركزون بشكل أكبر على الأحجام كدعم لأهداف التدفق النقدي التي حددوها والعوائد التي وعدوا بها المستثمرين".
في الوقت نفسه، انخفض إنتاج رويال دتش شل 2 في المائة، لكن هذا كان بسبب بيع النفط وحقول الغاز. ومع الاستثناء الملحوظ لشركة إكسون موبيل، أظهرت معظم شركات الطاقة، كما قال مالك، أنها قادرة على زيادة الإنتاج بسرعة حتى عند الاستثمار بأقل مما اعتادت عليه. وأضاف: "كنا نظن جميعا أن الإنتاج سينخفض من أعلى المنحدر من شركات النفط الكبيرة عندما بدأت في خفض الإنفاق في عام 2014، لكنه لم ينخفض. غالبيتها تفوقت من حيث الإنتاج". ومع ذلك، لم يقتنع الجميع. حيث يقول بعض مراقبي الصناعة إن جانبا كبيرا من نمو الإنتاج يأتي من حقول الغاز أو استثمارات ذات دورات قصيرة، مثل حقول النفط الصخري في الولايات المتحدة التي تتأرجح صعودا وهبوطا أسرع من التطورات ذات التأثيرات واسعة النطاق التي كانت تحدث في السنوات الماضية.
كما أنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا الإنتاج من النفط الصخري الأمريكي يمكن أن يولد مستوى التدفقات النقدية نفسها على المدى الطويل. وإذا ارتفعت التكاليف مرة أخرى، سيتعين على الاستثمار أن يرتفع للحفاظ على مستوى الإنتاج. كما تقدم شركات إنتاج النفط الكبرى دليلا على ما إذا كان انهيار الاستثمار بعد انهيار الأسعار في عام 2014، خاصة في مشاريع النفط الخام التقليدية طويلة الأجل، سيؤدي إلى أزمة إنتاج. قال بول هورسنيل، المحلل لدى ستاندرد تشارترد، إن المشاريع التي تمت الموافقة عليها أولا في عالم يبلغ سعر البرميل فيه 100 دولار بدأت العمل، لكن سرعان ما ستبدأ في الظهور آثار الانسحاب الضخم من الإنفاق الرأسمالي. وأضاف: "من المرجح أن تكون أرقام الانخفاض أعلى من الأرقام في إضافات الإنتاج".
لكن بن فان بوردن، الرئيس التنفيذي لشركة شل، قال الأسبوع الماضي إن الاستثمارات الكبيرة في الإنتاج المستقبلي ضرورية، لكن لن تتحقق إلا إذا كانت هناك ثقة بأن هذه المشاريع "سوف تسدد تكاليفها بالكامل".
وبالنسبة للوقت الحاضر، قال فان بوردن إن أساسيات العرض والطلب على المدى القصير "تشير إلى أسعار أعلى للنفط"، معربا عن أمله في أن "نتجنب الوقوع في انقباض حقيقي في الطلب وأن نُحضِر ما يكفي من الطلب الجديد من خلال مستوى استثماري متواضع".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES