Author

للآباء فقط: لا تهتموا بالثانوية العامة بأكثر من 30 %

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
إلى جميع الآباء - ممن هم في جيلي تقريبا - الذين لهم أبناء في الثانوية العامة ولديهم اعتقاد قديم بأن التفوق في الثانوية هو بوابة القبول في الجامعة والنجاح فيها وفي الحياة، أقول لهم، تخلوا عن ذلك الاعتقاد تماما ولا تحملوا له هما بأكثر من 30 في المائة. فمن أجل ذلك الاعتقاد القديم "والخاطئ في هذا اليوم" تحملنا أثناء دراستنا الثانوية هموما كالجبال، وهناك من تخطى وهناك من تعثر وهناك الذكريات. فلقد كانت الثانوية - وما زالت في اعتقادي - تمثل ماردا فكريا وعلميا تم تضخيمه في عقول الطلاب على مدى سنوات الدراسة في التعليم العام، ثم جاءت خطط الوزارة الأخيرة في التعليم المطور وبالمعدلات التراكمية لتزيد من الهم القديم هموما لا تحصى ورعبا لا نهائيا، خاصة على الآباء. ومع هذا الرعب الذي يجتاح الأسر والقلق الرهيب من فشل الطالب في الحصول على معدل مرتفع في الثانوية والفشل "تبعا لذلك كما يعتقد الآباء" في القبول والحياة، تكمن هناك الخلافات الأسرية غير النهائية التي تصل في بعض الأحيان إلى مشكلات نفسية خطيرة جدا لبعض الطلاب والطالبات الذين لا يستطيعون تحمل كل ذلك الثقل الرهيب لنتيجة الثانوية العامة وقلق الآباء منها، في نهاية المطاف تقوم الجامعات باحتساب 30 في المائة فقط لكل هذا الرعب في خلطة نسبة القبول المشهورة. من المؤلم ما يفعله الآباء بالأبناء والأسر إذا كان هناك طالب أو طالبة في مرحلة الثانوية العامة، فالجميع بأمر الأب في انشغال كامل مع الطالب، والعلاقات الاجتماعية متوقفة، والأسرة بأكملها في حالة غليان، لينتهي ذلك كله فقط بوزن 30 في المائة. وإذا فكرت في ذلك جيدا أيها الأب المرعوب من الثانوية "مثلي" تجد أن رعبك لم يعد له معنى اليوم، وقلق الأسرة وارتباكها لم يعد مجديا أبدا. فهذه النسبة الموزونة بـ"30 في المائة" قد ألغت الفوارق بين الطلاب تماما، فالفرق بين طالب حصل على 80 في المائة وطالب حصل على 99 في المائة في الثانوية هو مجرد خمس نقاط في النسبة الموزونة، ونحن نعرف جيدا الفرق بين جهد أسرة وغليانها مع طالب حصل على معدل 99 في المائة في الثانوية العامة وطالب حصل على 80 في المائة، وهذا المعدل تراكمي منذ السنة الثانية وليس معدل الفصل الأخير فقط، كما ندرك حجم العمل الذي تم وما أنفقته الأسرة على الطالب والطالبة ومعهم طلبات المدرسة غير النهائية، وهذا كله جنبا إلى جنب مع الجهد الكبير من المعلم أو المعلمة، ولأنني لا أقلل من جهد الذين حصلوا على 80 في المائة، فإنني أقارن بين من حصل على 99 في المائة ومن حصل فقط على 64 في المائة وهي نتيجة تصنف ضمن فئة المقبول، فإن الفرق بين الطالبين في موزونة القبول، وبالتالي نظرة الجامعة لاستحقاقه مقعدا، هي عشر نقاط فقط. فهل يستحق هذا الفارق كل ذلك القلق الرهيب من الأسر، ولن أقول هنا أن يحصل ابنك أو ابنتك على 64 لكني أقول ما المشكلة إذا حصل على 85 أو 88 وحصل زميله على 99، الحقيقة الواضحة أنه لا فرق يدعونا لأن نهتم. سياسات القبول في الجامعة تقوم ببساطة على خلطة لا معنى لها أبدا، وهي - كما أشرت لها من قبل - لا تستند على أي دراسة أو منطق، بل مجرد اقتراحات من عمداء القبول أو من لجان اجتمعت في غرف مغلقة حتى بعيدا عن مؤسسة التعليم العام نفسها، ولقد استبشرت خيرا عندما تم ضم التعليم العالي مع العام في وزارة واحدة، لكن يبدو أن هذا لم يغير من الواقع المؤلم شيئا، فالدرجة المخلوطة التي تبنتها الجامعات تأخذ من الثانوية فقط 30 في المائة ومن اختبارات قياس 70 في المائة، هكذا جزافا، وهي بذلك تضع 12 سنة من التعليم في مهب الريح، كما وضحتها أعلاه، وبعد الخلطة يظهر للطالب رقم جديد لا يعرف ما هو سوى أنه ترتيبه في القبول في الجامعة، وكثير من الطلاب لن يدخل التخصص الذي يرغبه أبدا، وفي كل فصل دراسي يقف الطلاب في صفوف المحبطين بعد أن تم إقصاء رغبتهم الخاصة تماما، وبعد أن أصبحت 12 عاما من الدراسة مجرد 30 في المائة. المسألة الأكثر جدلا أنه لم يثبت لنا أحد حتى الآن دقة القياسات هذه، ولا أعتقد أن أحدا قد استطاع أن يثبت العلاقة بين معدل الطالب في الثانوية ودرجاته في اختبارات قياس، ولا أحد يستطيع أن يثبت حتى الآن العلاقة بين الدرجة المخلوطة للقبول وبين النجاح في الجامعة، ولا بين كل ما أنفقته الدولة على التعليم العام والميزانية السنوية التي تتجاوز 20 مليارا والمقاعد الدراسية وأكثر من 500 ألف معلم ومعلمة وبين 30 في المائة التي حددتها الجامعة للثانوية في خلطة القبول. ولهذا، أعود وأقول للآباء، لا تهتموا للثانوية العامة كما اهتم بها جيلنا، خففوا الضغوط على الطلاب وركزوا أكثر على تنمية مهارات الإجابة السريعة في اختبارات قياس.
إنشرها