default Author

الأوضاع المالية في الأسواق الصاعدة «2 من 2»

|
تعرضت اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية لتيارات معاكسة في الشهور الأخيرة، تمثلت في تصاعد أسعار النفط وارتفاع عائد السندات في الولايات المتحدة، وارتفاع سعر الدولار الأمريكي، والتوترات التجارية، والصراعات الجغرافية - السياسية. ومن ثم، فإن الآفاق المتوقعة للمناطق والاقتصادات المنفردة تتباين حسب كيفية تفاعل هذه العوامل العالمية مع العوامل المحلية المتفردة. ولا تزال الأوضاع المالية داعمة للنمو بوجه عام، وإن كان هناك تفاوت بين البلدان تبعا لأساسيات الاقتصاد وعدم اليقين السياسي. ويتوازن جانب كبير من عبء التيار المتصاعد الذي تتعرض له البلدان المصدرة للنفط والناجم عن ارتفاع أسعار النفط مع العوامل الموصوفة آنفا التي تشكل مجتمعة عبئا على الاقتصادات الأخرى، ومن ثم تظل تنبؤات النمو الكلي للمجموعة في عامي 2018 و2019 دون تغيير عما ورد في عدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، أي 4.9 في المائة و5.1 في المائة على الترتيب. من المتوقع أن يستمر الأداء القوي في آسيا الصاعدة والنامية، حيث يصل النمو إلى 6.5 في المائة في 2018 - 2019. فيتوقع أن يتراجع النمو في الصين إلى مستوى معتدل من 6.9 في المائة في 2017 إلى 6.6 في المائة في 2018 و6.4 في المائة في 2019، مع ترسخ دعائم التشديد التنظيمي للقطاع المالي وتراجع الطلب الخارجي. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في الهند من 6.7 في المائة في 2017 إلى 7.3 في المائة في 2018 و7.5 في المائة في 2019، مع انحسار الأثر المعوق لمبادرة تبادل العملة وتطبيق ضريبة السلع والخدمات. وتشير التوقعات إلى انخفاض النمو بواقع 0.1 نقطة مئوية و0.3 نقطة مئوية في 2018 و2019 على الترتيب مقارنة بتوقعات عدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، وهو ما يرجع إلى الآثار السلبية لارتفاع أسعار النفط في الطلب المحلي وتشديد السياسة النقدية بسرعة أكبر من المتوقع بسبب ارتفاع توقعات التضخم. ومن المتوقع أن يستقر النمو في مجموعة اقتصادات آسيان - 5 حول معدل 5.3 في المائة مع بقاء الطلب المحلي قويا واستمرار تعافي الصادرات. وفي أوروبا الصاعدة والنامية، من المتوقع أن يتراجع النمو من 5.9 في المائة في 2017 إلى 4.3 في المائة في 2018 ثم 3.6 في المائة في 2019 "أي أقل بنسبة 0.1 نقطة مئوية من المتوقع لعام 2019 في عدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي". وقد زاد ضيق الأوضاع المالية لبعض الاقتصادات ذات العجز الخارجي الكبير - ومن أبرزها تركيا، حيث يتوقع أن يهبط النمو من 7.4 في المائة في 2017 إلى 4.2 في المائة هذا العام. وفي أمريكا اللاتينية، من المتوقع أن يسجل النمو بعض الارتفاع من 1.3 في المائة في 2017 إلى 1.6 في المائة في 2018، ثم 2.6 في المائة في 2019 "أي أقل من توقعات عدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي بنسبة 0.4 نقطة مئوية و0.2 نقطة مئوية على الترتيب". وفي حين أن ارتفاع أسعار السلع الأولية لا يزال يدعم البلدان المصدرة للسلع الأولية في المنطقة، فإن تراجع الآفاق المتوقعة مقارنة بشهر نيسان (أبريل) يعكس احتمالات متوقعة أصعب للاقتصادات الرئيسة، بسبب تضييق الأوضاع المالية والتعديل المطلوب في السياسات "الأرجنتين"؛ والآثار الباقية للإضرابات وعدم اليقين السياسي "البرازيل"؛ والتوترات التجارية والفترة الطويلة من عدم اليقين الذي يحيط بعملية إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا" وجدول أعمال السياسات للحكومة الجديدة "المكسيك". ورغم تحسن أسعار النفط، أدى الهبوط الحاد في إنتاج النفط إلى تخفيض أكبر للتوقعات المتعلقة بفنزويلا التي تمر بانهيار حاد في النشاط الاقتصادي وأزمة إنسانية كبيرة. واستفادت البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان من تحسن التوقعات المتعلقة بأسعار النفط، لكن الآفاق المنتظرة للبلدان المستوردة للنفط لا تزال هشة. فهناك عدة اقتصادات لا تزال تواجه احتياجا كبيرا للضبط المالي إضافة إلى خطر احتدام الصراعات الجغرافية - السياسية الذي لا يزال يشكل عبئا على النمو في المنطقة. ومن المتوقع أن يرتفع النمو من 2.2 في المائة في 2017 إلى 3.5 في المائة في 2018 ثم 3.9 في المائة في 2019 - بارتفاع قدره 0.2 نقطة مئوية في المعدل المتوقع لعام 2019 في عدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. ومن المنتظر أن يستمر التعافي في إفريقيا جنوب الصحراء، بدعم من ارتفاع أسعار السلع الأولية. فمن المتوقع أن يرتفع النمو في المنطقة ككل من 2.8 في المائة في 2017 إلى 3.4 في المائة هذا العام، ثم إلى 3.8 في المائة في 2019 "بارتفاع قدره 0.1 نقطة مئوية لعام 2019 مقارنة بتنبؤات عدد نيسان (أبريل) من آفاق الاقتصاد العالمي". ويرجع رفع التنبؤات إلى تحسن الآفاق المنتظرة لاقتصاد نيجيريا. فمن المنتظر أن يزداد النمو في نيجيريا من 0.8 في المائة في 2017 إلى 2.1 في المائة في 2018 و2.3 في المائة في 2019 "بارتفاع قدره 0.4 نقطة مئوية عن المتوقع لعام 2019 في عدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي" نتيجة لتحسن الآفاق المنتظرة لأسعار النفط. ورغم أن نتائج الربع الأول من العام جاءت أضعف من المتوقع في جنوب إفريقيا "لأسباب يتمثل بعضها في عوامل مؤقتة"، فمن المتوقع أن يحقق الاقتصاد بعض التعافي على مدار الفترة الباقية من 2018 وفي عام 2019 مع زيادة الاستثمارات الخاصة بالتدريج في ظل تحسن الثقة الذي ارتبط بالقيادة الجديدة. ومن المتوقع أن يستقر النمو في كومنولث الدول المستقلة حول معدل 2.3 في المائة في 2018 - 2019، مع رفع التوقعات بمقدار 0.1 نقطة مئوية لكل عام مقارنة بعدد نيسان (أبريل) من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. ويلاحظ أن آفاق الاقتصاد الروسي مقاربة لتوقعات نيسان (أبريل)، حيث تتوازن الآثار الإيجابية لارتفاع أسعار النفط مع تأثير العقوبات، بينما تحسنت الآفاق المتوقعة لكازاخستان نتيجة لارتفاع أسعار النفط.
إنشرها