default Author

خطأ 404

|
نصور ، نكتب، نسجل لحظاتنا العائلية المميزة وأبحاثنا وخواطرنا وأغلب تجاربنا على أجهزة الكمبيوتر أيا كانت سواء كاميرات رقمية، هواتف ذكية أو حواسيب محمولة ومكتبية، ظنا منا أننا نحتفظ بها في مكان آمن و نخلدها. تخلينا عن الدفاتر والكتب وألبوماتنا القديمة وعن الصحف التي كان مجرد لمسها وتقليب صفحاتها سعادة لصالح الحواسيب، لكن تخيل معي لو أن كل ما احتفظت به ذهب هباء، أين ذهب الفلوبي ديسك قبل أن يأتي السي دي الذي بدأ يختفي وتحل محله الفلاش ميموري، هل تستطيع الآن تشغيل سي دي لحفل تخرجك أو يوم زواجك الذي مر عليه سنون أو الحصول على بيانات من هاتفك القديم؟ حتما لا، وستظهر لك على جهازك تلك العباره المحبطة (خطأ 404) التي تشعرك بضياع جزء مهم من تاريخك. حصل معي هذا منذ أيام وأنا أرتب أوراقي القديمة جدا حيث وجدت مجموعة من الفلوبي ديسك استحال فتحها، ليظهر لي مع ذلك الإحباط دفتر لإحدى صديقاتي كنا نتبادله لنذاكر منه لجمال خطها ما زال كأنه كتب اليوم بجدولنا الدراسي وبعض الذكريات وأرقام هواتف لزميلات انمحت صورهن من الذاكرة. نعتقد أننا في عصر التكنولوجيا وأن بإمكاننا الاحتفاظ بذكرياتنا وبياناتنا على المستويين الشخصي والعالمي لكن الواقع يقول غير ذلك تماما ، ففي رحلة ناسا إلى المريخ عام 1976 أرسلوا كما هائلا من المعلومات والبيانات للأرض واحتفظوا بها ولكن بعد 20 عاما وعندما أرادوا استرجاعها وقع ما لم يكن بالحسبان، لم يستطيعوا الحصول على أي معلومة فالأجهزة لم تعد متوافقة والمبرمجون القدامى الذين يستطيعون التعامل مع البيانات رحلوا وظهرت لهم الرسالة المشؤمة (خطأ 404). فما حكاية تلك الرسالة؟ كانت فكرة إنشاء الشبكة العنكبوتية قائمة على دمج النصوص مع الصور في شبكة واحدة ووضعوا الخادم في (غرفة رقم 404) وعلى كل من أراد الحصول على أصل المعلومات الذهاب إلى تلك الغرفة، عندما كبرت واتسعت الشبكة العنكبوتية بدأت بعض المعلومات تختفي، وتتآكل كما تأكل العثة الورق وظهرت تلك الصفحة التي تقول (خطأ 404 لا يمكن الوصول للصفحة)، صورنا، وصفحاتنا على وسائل التواصل الاجتماعي التي سكبنا فيها خواطرنا ومشاعرنا وخلافاتنا وصراعاتنا الثقافية والفكرية كلها ستختفي لن يجد أحفادك إرثك الإلكتروني، نعم اجتهدنا في تطوير كثير من التقنيات في عصرنا لحفظ البيانات بينما أهملنا تطوير وسائل استرجاعها، تستطيع أن ترى جداريات ورسومات وتتصفح كتابا مر عليه الآف السنين لكن لن تستطيع فتح سي دي مضى عليه عشر سنوات، لن يتبقى من هذا الزمن شيء سيتآكل ويلتهمه وحش التقنية ليغوص في عصر الظلمات.
إنشرها