Author

الموارد الهيدروكربونية في صميم «الرؤية»

|
تحرك المملكة نحو توحيد الأطر والهياكل الخاصة بالموارد الهيدروكربونية، يدخل في الواقع ضمن السياق العام لاستراتيجية البلاد الاقتصادية والتنموية، كما أنه يصب ضمن الإطار الخاص بـ"رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول الوطني المصاحب لها. والحق، أن كل شيء يخص التنمية واقتصاد المستقبل في السعودية يدخل ضمن نطاق "الرؤية"، التي تؤسس "كما هو واضح على الأرض" لاقتصاد جديد يأخذ في الاعتبار كل المعطيات والاستحقاقات. ومثل هذه الخطوة ضرورية، لأنها تختص في النهاية بالجانب الأكبر من الدخل الوطني، علما بأن هذا الجانب سيكون واحدا من الجوانب الأخرى التي تشكل التنوع المطلوب لمصادر الدخل. والتنوع هنا هو استراتيجية بحد ذاته، خصوصا مع وجود إمكانات حقيقية بهذا الصدد على الساحة السعودية. المملكة اتخذت سلسلة من الخطوات على صعيد الطاقة في أعقاب إطلاق "رؤيتها" الاستراتيجية، ومن أهمها النظرة المستقبلية للطاقة بشكل عام، والتطوير اللازم لهذا القطاع بما يخدم المخططات الوطنية كلها. ومن هنا يمكن النظر إلى تأسيس "اللجنة العليا لشؤون المواد الهيدروكربونية"، على أنها عملية تعزيز جديدة لقطاع محوري، ولا سيما أن هذه اللجنة ستكون برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يشرف عمليا وبصورة مباشرة على تنفيذ "الرؤية" وعلى رسم معالم المستقبل في البلاد. وقيادة ولي العهد لهذه اللجنة، سيوفر أدوات فاعلة وسريعة وعملية لها، ليس فقط من قوة صنع القرار، بل أيضا من جانب المواءمة مع المشاريع الاستراتيجية الأخرى، وأيضا من المرونة المطلوبة في التعاطي مع هذا القطاع الحيوي. تشكل المواد الهيدروكربونية 85 في المائة من صادرات المملكة في السنوات العشر الماضية، وهي نسبة عالية جدا، ولذلك، فإن أي تحرك في عملية تنظيم أداء هذا القطاع سيكون إضافة أخرى للحراك العام كله. فالاستراتيجية الاقتصادية الراهنة تتطلب إنفاقا، والقيادة في البلاد تقوم بذلك من أجل تحقيق أهداف "الرؤية". دون أن ننسى - بالطبع - أن مثل هذه التغييرات الهيكلية والإدارية تصب أيضا في الثقة العالمية بهذا القطاع. وهناك جانب مهم أيضا، هو أن الكوادر الوطنية الخبيرة بهذا المجال متوافرة بأعلى معايير الجودة العالمية، ما يؤكد مجددا نجاعة قرار تشكيل "اللجنة العليا لشؤون المواد الهيدروكربونية"، علما بأن جهات عالمية مختصة وجدت أن هذا القرار يطرح مرحلة جديدة مختلفة في القطاع المذكور، تناسب ما يجري على الأرض. فاللجنة ستكون الجهة العليا التي تتخذ القرارات الخاصة بالنفط والغاز والتنسيق مع بقية الوزارات والجهات الحكومية ذات الصلة. وهذا يعني أيضا مسيرة التخلص التدريجي من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل الوطني، ستسير بصورة سلسة أكثر، وستكون في قلب التحول نفسه. سيكون ذلك أيضا ملائما لكل الخطوات التي تتخذ ضمن الإطار العام لـ"الرؤية"، مع ضرورة الإشارة إلى أن ذلك سيعزز الاستثمارات في مجال الطاقة وما يرتبط بها. إنها خطة أخرى نحو البناء الاستراتيجي الجديد، كما أنها أداة من أدوات التنفيذ المحورية. كل ذلك يؤكد دائما أن ما يجري على الساحة المحلية في المملكة يتم وفق الأطر ذات الجودة العالية، بوجود قيادة لا ترضى بأقل من الجودة في كل شيء، خصوصا فيما يرتبط بمستقبل البلاد ورفاهية مواطنيها.
إنشرها