FINANCIAL TIMES

سراج الحق - الجماعة الإسلامية

سراج الحق - الجماعة الإسلامية

لا يزال زعيم الجماعة الإسلامية البالغ من العمر 55 عاما هو الصوت السياسي الرئيس لرجال الدين المسلمين السنة في باكستان، مذهب الأغلبية في البلاد. من غير المحتمل أن تحقق الأحزاب الإسلامية الفوز بأكثر من عدد قليل من المقاعد، لكن نفوذ سراج نابع بشكل أكبر من قدرة حزبه على تحريك واستثارة تظاهرات معادية للغرب في الشوارع. يعتقد كثير من المحللين أن حزب الجماعة الإسلامية سيكون من بين الأحزاب الإسلامية الأولى في البرلمان الجديد، من التي تضم الصفوف مع حزب (حراك الإنصاف) برئاسة عمران خان بعد فوزه في الانتخابات، لتشكيل اتئلاف حكومي.
“الطريقة الوحيدة التي تستطيع من خلالها باكستان الآن تقديم المساعدة لأمريكا هي استخدام نفوذها في السيطرة على “طالبان”، وإقناعها باللجوء إلى المحادثات بحيث يتم التوصل إلى حل سياسي لهذه القضية” في رأي سراج. التناقض مع خصمه الرئيس أمر لافت للنظر – ويعطي إحساسا يبين الاحتمال الكبير بأن تصبح هذه الانتخابات مهمة بالنسبة لكل من واشنطن وكابول.
خلال حديثه مع صحيفة الفاينانشيال تايمز وهو يجلس وسط الأشياء الهادئة في منزله ذي الديكورات باهظة الثمن، في مودل تاون الفخمة في لاهور، يقول شهباز شريف: “لتحقيق الرفاهية في باكستان، نحن نتوجه نحو تحقيق فهم أفضل لصديقنا الأقدم، الولايات المتحدة”.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه كلا المرشحين بإسهاب حول خطط الصين المتمثلة في إنفاق 60 مليار دولار على البنية التحتية في باكستان، يقول أيضا حزب حراك الإنصاف خان إنه يرغب في إعادة تشكيل البرنامج، ونشر مزيد من التفاصيل حول التمويل – وهو شيء لا تزال تقاومه بكين حتى الآن، بكل قوة.
نتيجة الانتخابات ليست مهمة بالنسبة لدور باكستان التي تمتلك السلاح النووي في العالم، إذ تعهد خان بإنفاق مبالغ كبيرة على الخدمات العامة، في محاولة منه لإيجاد ما يسميه “دولة الرفاه الإسلامية”.
من جهة أخرى، يحذر الخبراء من أن محاولاته فعل ذلك يمكن أن تبوء بالفشل قبل أن تكون قد بدأت أصلا، بسبب أزمة عملة تلوح في الأفق يمكن أن تضطر أي رئيس وزراء إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، طلبا للإنقاذ في غضون أشهر من توليه منصبه.
مع تراجع الصادرات، الذي يقول عنه النقاد إنه نتيجة للفشل في الاستثمار في الصناعة والبنية التحتية، وأسعار النفط المتصاعدة التي تؤدي إلى رفع تكاليف الاستيراد لمستويات أعلى، تنخفض بشكل خطير أرصدة العملات الأجنبية.
كان لدى بنك باكستان المركزي 9.1 مليار دولار في خزائنه لا أكثر – ما يكفي لتغطية قيمة الواردات لأقل من شهرين فحسب – في الثالث عشر من تموز (يوليو) الجاري.
يقول إشفاق حسن خان، مسؤول كبير سابق في وزارة المالية، ويعمل الآن أستاذا للاقتصاد في جامعة إسلام آباد الوطنية للعلوم والتكنولوجيا: “الخيارات لدينا آخذة في النفاد. والاستعانة بصندوق النقد الدولي مرة أخرى أصبحت أمرا لا مفر منه”.
فوز خان يعني أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تصيب التأييد الشعبي الذي حصل عليه بالوهن، خاصة إذا اضطر إلى التوقيع على ضوابط إنفاق صارمة يقدمها صندوق النقد الدولي، التي قد تتسبب في تقويض وعوده التي قدمها خلال حملته الانتخابية والمتمثلة في تعزيز الخدمات العامة.
يعتقد البعض أن خان هو الزعيم الوحيد الذي يحظى بهذا الزخم السياسي لاتخاذ مثل هذا القرار الصعب. يقول رئيس أحد مصارف البلاد المملوكة للقطاع الخاص: “السنوات القليلة المقبلة ستكون قاسية جدا على باكستان، في الوقت الذي نحاول فيه الخروج من أزمة ميزان المدفوعات. نحن بحاجة إلى زعيم يستطيع أفراد الشعب الباكستاني الوثوق به؛ لأن معظم الناس اليوم لا يثقون بـ(الحزبين) الآخرين”.
بالنسبة للمراقبين الخارجيين، يبدو وكأن هنالك خيارا واضحا. بعد تصويت يوم الأربعاء الماضي، ستخضع الباكستان لرئاسة شخص غير معروف من أصحاب الوضع السياسي مثل شريف، بل هو عند البعض منشق على الطبقة السياسية التقليدية. بعد تلقي تعليمه في جامعة أكسفورد، وقضاء كثير من فترات حياته في الخارج، تزوج خان ثلاث مرات، وكان معروفا في الماضي بأنه شخص يحب الحفلات باستمرار.
وعلى الرغم من صورته الدمثة ومظهره العصري، يتسم ببعض الآراء الاجتماعية المحافظة جدا. في السنوات الأخيرة، طالب بفرض قوانين صارمة ضد التجديف في باكستان، وهاجم المؤلف سلمان رشدي؛ لأنه استفز مشاعر المسلمين في كتابه آيات شيطانية، وقال إن الحركة النسائية تتسبب في إهانة الدور التقليدي للأمومة.
كما دافع أيضا عن “طالبان” وهاجم حلف النيتو واصفا إياهم بـ”الليبراليين الغربيين المتعطشين للدماء”.
البعض يقارن صعود خان – وهو شخص من خارج الطبقة السياسية كان يستخدم الوسائط الاجتماعية للتواصل مع الناخبين الشباب والمصابين بخيبة الأمل في الأشهر الأخيرة – بصعود رجب طيب أردوغان في تركيا أو ناريندرا مودي في الهند أو حتى صعود ترمب، على خلفية من موجة الشعبوية. بالنسبة للآخرين، هو ببساطة علامة على التوترات الداخلية التي تعبر عن طبيعة بلده: بلد ديمقراطي مسلم يتنافس فيه المحافظون والليبراليون والعسكر والساسة جميعا من أجل الهيمنة.
يقول غازي صلاح الدين، وهو كاتب عمود لدى صحيفة “الأخبار”: عمران خان هو علامة على كثير من التناقضات. هو غير مستقر في تأملاته الاجتماعية والسياسية والفكرية؛ وليست لديه أسس أيديولوجية”.
يعتقد كثيرون أنه بعد سنة شهدت إرسال رئيس الوزراء إلى السجن، واتهام العسكر بأنهم وراء مؤامرة غير ديمقراطية، وانتخابات مليئة باتهامات التجاوزات والفساد، فإن أكبر عمل ينتظر رئيس الوزراء المقبل في باكستان، سيكون تحقيق المصالحة في بلد مفكك.
يقول صلاح الدين: “ستحتاج باكستان إلى فترة من التهدئة والوحدة الوطنية. بعد الانتخابات الحالية، ستكون هناك حاجة فورية لإصلاح ذات البين. نحن بحاجة إلى فترة من التهدئة”. تلك أول تحديات عمران خان.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES