الطاقة- النفط

أسعار النفط تتجاهل مخاوف ضعف النمو العالمي .. العوامل الجيوسياسية تزيد مكاسب الخام

أسعار النفط تتجاهل مخاوف ضعف النمو العالمي .. العوامل الجيوسياسية تزيد مكاسب الخام

توقع مختصون ومحللون نفطيون أن تحقق أسعار النفط الخام مكاسب خلال الأسبوع الجاري، وذلك بعد أن أدى توقف شحنات النفط السعودي عبر مضيق باب المندب إلى تحقيق خام برنت مكاسب في نهاية الأسبوع الماضي، وسط تزايد المخاوف على المنطقة من تأثير الصراعات والعوامل الجيوسياسية.
وأوضح المختصون أن المخاوف على النمو الاقتصادي تتسع، الأمر الذي قد يؤثر سلبا في معدلات نمو الطلب، نتيجة اشتعال الصراع التجاري الأمريكي – الصيني، كما أن الأسعار ما زالت تحت وطأة عودة زيادة الحفارات الأمريكية، إضافة إلى استمرار ضخ الزيادات الإنتاجية التي توافقت عليها دول "أوبك" وخارجها في اجتماع حزيران (يونيو) الماضي.
وقال لـ "الاقتصادية" دان بوسكا، كبير الباحثين فى بنك "يوني كريديت" البريطاني، "إن العوامل الضاغطة على الأسعار ذات تأثير مؤقت، وأغلب التوقعات تصب فى مصلحة نمو الأسعار وتسجيلها مستويات قياسية بنهاية العام الجاري، خاصة في ضوء تزايد المخاطر الجيوسياسية وتطبيق العقوبات الاقتصادية على إيران وعلى مشتري النفط الإيراني بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل".
ولفت إلى أهمية أن نأخذ في الحسبان أساسيات السوق أيضا وندرك أن استهلاك النفط الخام سيرتفع إلى مستويات قياسية هذا العام، وأن المحرك الرئيس لقفزة الطلب المتوقعة هي منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تمثل وحدها نحو 77 في المائة من الزيادة المتوقعة في الطلب في السنوات القليلة المقبلة.
من جانبه قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن فرص نمو الأسعار كبيرة فى الشهور المقبلة، خاصة إذا أدركنا التحديات الواسعة التي تواجه العرض في ضوء نقص المعروض من المنتجين التقليديين وبالتحديد فنزويلا وإيران وليبيا".
وأشار إلى أن النفط الصخري الأمريكي سيتباطأ بشكل حتمي وسيحقق انخفاضات واسعة مرة أخرى في ضوء اختناقات النقل والإنتاج الحالية، منوها بأن "أوبك" تستعيد السيطرة على السوق وتتسع حصتها بعدما حققت أكثر من 42 في المائة من المعروض النفطي العالمي في عام 2017.
بدورها قالت الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبيرة الباحثين فى المعهد الدولي لدراسات الطاقة، "إن السعودية وروسيا تقودان زيادة الإنتاج بنجاح حاليا وتسعيان إلى تعويض انخفاضات الإنتاج خاصة في فنزويلا وإيران ونيجيريا"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تحظي بدعم وتأييد الولايات المتحدة، لافتة إلى أن السعودية وروسيا رفعتا إنتاجهما بنحو 1.7 و1.2 مليون برميل يوميا على التوالي منذ وقوع الأزمة المالية العالمية في 2008.
وأشارت إلى أن طفرة النفط الضيق في دول أمريكا الشمالية كانت صاحبة التأثير الأكبر في تغيير ملامح سوق النفط الخام فى العالم، لافتة إلى أن دول أمريكا الشمالية أصبحت تسهم بنحو 22 في المائة من المعروض النفطي العالمي، لتحل ثانيا بعد منطقة الشرق الأوسط التي تسهم بنحو 34 في المائة من المعروض النفطي، وهذه الزيادة في الإنتاج تجيء على الرغم من تعثر إنتاج كل من كندا والمكسيك أخيرا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار فى ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط الجمعة تحت وطأة انخفاض في سوق الأسهم الأمريكية، لكن "برنت" حقق زيادة أسبوعية مدعوما بانحسار التوترات التجارية وتوقف مؤقت لشحنات الخام السعودية عبر مسار ملاحي رئيس.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 25 سنتا ليتحدد سعر التسوية عند 74.29 دولار للبرميل لكنها حققت زيادة أسبوعية 1.8 في المائة هي الأولى في أربعة أسابيع.
ونزلت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 92 سنتا لتغلق عند 68.69 دولار للبرميل وتتراجع للأسبوع الرابع على التوالي بنسبة 2.4 في المائة هذا الأسبوع.
وتأثرت أسعار النفط سلبا بالتراجع الواسع النطاق لأسواق الأسهم الأمريكية في نهاية الأسبوع. ويحدث أحيانا أن تقتفي عقود الخام أثر الأسهم.
وقال فيليب سترايبل كبير محللي السوق لدى "آر.جيه.أو" للعقود الآجلة، "لعل في ذلك ما يشير إلى تباطؤ في الاقتصاد، ما قد يؤثر بدوره في استهلاك النفط".
وتجاهلت سوق النفط بدرجة كبيرة بيانات حكومية صدرت في نهاية الأسبوع، وأظهرت أن الاقتصاد الأمريكي نما في الربع الثاني بأسرع وتيرة له في نحو أربع سنوات.
وقال فيل فلين المحلل لدى مجموعة برايس للعقود الآجلة في شيكاغو، "كان رقما قويا ينبئ بطلب قوي على الطاقة لنهاية العام، سبب عدم حدوث صعود بناء على ذلك هو أنه جاء منسجما مع التوقعات، لكن عندما يكون الناتج المحلي الإجمالي بتلك الضخامة، فذاك كثير من النفط".
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية في الأسبوع المنتهي في 27 تموز (يوليو) بمقدار ثلاثة حفارات، وذلك للمرة الأولى في الأسابيع الثلاثة الأخيرة حسبما ذكرت الجمعة شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة التابعة لمجموعة جنرال إلكتريك.
وقال ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، "إن السوق ما زالت متقلبة وخاضعة لتأثير التصريحات"، مضيفا أن "السوق استوعبت بالفعل المخاطر المتعلقة بالعقوبات الأمريكية على إيران".
وأضاف أن "منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها لا يبحثون خيارا لتعزيز الإنتاج أكثر من مليون برميل يوميا".
وكانت "أوبك" ومنتجون آخرون بقيادة روسيا قد اتفقوا الشهر الماضي على تخفيف قيود الإنتاج، يزيد الاتفاق عمليا الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا، حصة روسيا منها 200 ألف برميل يوميا.
وفي وقت سابق من الأسبوع قالت السعودية "إنها علقت شحن النفط عبر مضيق باب المندب على البحر الأحمر، أحد أهم مسارات الناقلات في العالم، بعد أن هاجمت جماعة الحوثيين اليمنية المتحالفة مع إيران سفينتين في الممر المائي".
وستعني أي خطوة لغلق المضيق وقفا عمليا لشحنات النفط عبر قناة السويس المصرية، وخط أنابيب نقل الخام سوميد الذي يربط البحرين الأحمر والمتوسط.
وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن 4.8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات المكرر تدفق عبر باب المندب في 2016 متجها صوب أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.
وتدعمت أسعار النفط هذا الأسبوع بانفراجة في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد توصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية إلى اتفاق مفاجئ الأربعاء خفف من مخاطر اندلاع حرب تجارية وشيكة.
وفى سياق متصل، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أن جميع الدول المنتجة المشاركة في الاجتماعات الأخيرة سواء الأعضاء في المنظمة أو الشركاء من خارجها وعلى رأسهم روسيا، أعادت تأكيدها الالتزام بسوق مستقرة وتحقيق المصلحة المتبادلة في الحفاظ على مستوى الإنتاج الملائم، والوصول إلى مستوى الإمدادات الفعال والاقتصادي لتأمين احتياجات المستهلكين، وفى نفس الوقت تحقيق عائد عادل على رأس المال المستثمر.
وذكرت أحدث تقارير المنظمة الدولية، أن اجتماعات "أوبك" الأخيرة خاصة على المستوى التقني والفني، التي جمعت المختصين في الدول المنتجة والشركاء من خارج "أوبك" ناقشت بشكل رئيس التطورات حول أساسيات سوق النفط، كما تناولت على وجه التحديد مستوى الطلب في أكبر ثلاث دول مستهلكة للنفط الخام في العالم هي الولايات المتحدة، والصين، والهند، مشيرا إلى أنها تمثل نحو 70 إلى 80 في المائة من مستوى الطلب العالمي.
ولفت التقرير إلى أنه حتى عام 2023 يمكن القول إن هناك حالة من عدم اليقين المتزايدة تهيمن على السوق في ضوء تزايد مخاطر الهبوط على مستوى الطلب الأمريكي متوسط الأجل على وجه الخصوص، مشيرا إلى أنه بعد عام 2018 هناك حالة من توقع نمو معظم الطلب على غاز الإيثان والغاز الطبيعي المسال.
ونوه بأن أساسيات العرض تواجه تحديات واسعة في السنوات المقبلة في ضوء التركيز بشكل خاص على ضرورة تعزيز الاستثمار العالمي، بما يؤمن إمدادات النفط، لافتا إلى وجود تدارس واسع للجوانب المالية لشركات إنتاج النفط الأمريكي الضيق، وبرامج التوسع فى الرقمنة واستيعاب التطورات التكنولوجية.
وذكر التقرير أن واحدة من أكثر القضايا أهمية اليوم هي ضمان وجود مستويات الاستثمار كافية، ويمكن التنبؤ بها للوفاء بمتطلبات العالم الحالية والمستقبلية، وتجنب احتمال حدوث فجوة في مستوى العرض، التي يمكن أن تشكل تحديا خطيرا لهذه الصناعة على المديين الطويل والمتوسط.
ونقل التقرير عن الأمين العام لمنظمة "أوبك" تأكيده أن الرقمنة والتطورات التكنولوجية أدت الى تحقيق عديد من المكاسب الإنتاجية وتحسين الكفاءة في سوق النفط منذ عام 2014.
وأوضح أن المنتجين في المنظمة وخارجها يركزون فى المرحلة الراهنة على زيادة أوجه التعاون من أجل الوصول إلى مستقبل مزدهر ومستدام لصناعة الطاقة بشكل عام، مشيرا إلى أنه في هذا الإطار تركز "أوبك" على تحقيق نجاحات واسعة وملموسة في مجال التكنولوجيا وبرامج التحول في مجال الطاقة واستيفاء المحاذير البيئية، والتعامل بشكل جيد مع كافة تحديات صناعة النفط، خاصة تحفيز الاستثمارات وتسريع معدلات نمو الاقتصاد العالمي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط