FINANCIAL TIMES

اختفاء 140 مليار دولار يصيب مستثمري «فيسبوك» بالدوار

اختفاء 140 مليار دولار يصيب مستثمري «فيسبوك» بالدوار

عندما دق الجرس مع إغلاق السوق يوم الأربعاء، كان سهم "فيسبوك" في أعلى مستوياته على الإطلاق. بعد أشهر من استجواب السياسيين والمنظمين لـ "فيسبوك"، ربما كان المساهمون هم الأشخاص الوحيدون الذين اعتقدوا أن الشركة لن ترتكب أي خطأ.
لكن المديرين التنفيذيين في "فيسبوك" صدموا المستثمرين حين كشفوا عن توقعات وأرباح الربع الثاني التي جاءت مخيبة للآمال. هبطت الأسهم بما يصل إلى 24 في المائة، ماحية بالتالي نحو 140 مليار دولار من قيمة الشركة، في واحدة من أكبر الانخفاضات في تداولات ما بعد الإغلاق.
فوتت "فيسبوك" توقعات الإيرادات للمرة الأولى منذ عام 2015، وكان نمو مستخدميها في تباطؤ، ما أدى إلى انخفاض السهم 10 في المائة. لكن المكالمة مع المحللين أحدثت الضرر الأكبر، بعدما توقع ديفيد وينر، كبير المسؤولين الماليين في "فيسبوك"، حدوث تباطؤ كبير في النصف الثاني من العام وضغطا على الهوامش على المدى المتوسط.
وسارع المحللون إلى إعادة تشكيل نماذجهم لعالم يزداد فيه دخل "فيسبوك" بنسبة 20 في المائة، وليس 40 في المائة. بعد عامين، تتوقع "فيسبوك" تراجع هوامش الربح من 44 في المائة في هذا الربع، إلى منتصف الثلاثينات. وقال دانيال إيفز، محلل في "جي. بي.إتش إنسايتس"، "كان هذا إرشادا صادما. كانت حبة صعب على المستثمرين المتفائلين ابتلاعها".
وجرى تداول السهم عند 172 دولارا بعد مكالمة "فيسبوك" الإحاطية، مقابل سعر إغلاق بلغ 217.50 دولار، أي أقل 22 في المائة تقريباً.
وقال إيفز "إن "فيسبوك" باعتبارها واحدة من مجموعة "فانج" ذات النمو المرتفع، موضوعة في "معيار أعلى" بالنسبة إلى المستثمرين. توقعاتهم للنصف الثاني و2019 تضع الشركة بقوة في صندوق الجزاءات لدى المستثمر".
لكن لم يلق أي من "فيسبوك" أو المحللين اللوم بشأن التوقعات على التداعيات الناجمة عن الكشف في آذار (مارس) عن تسريب كبير للمعلومات إلى "كامبريدج أناليتيكا"، شركة تحليلات البيانات التي عملت لمصلحة حملة الرئيس دونالد ترمب الانتخابية.
وكان من الصعب تحديد سبب الانخفاض في التوقعات. وقال وينر "إن هناك عديدا من العوامل وراء التوقعات المنخفضة، بما في ذلك العملات وصيغ الإعلانات الجديدة والخصوصية".
وأضاف "نتوقع أن تشكل العملة رياحا معاكسة في النصف الثاني مقابل الرياح الخلفية التي شهدناها على مدار الفترات الماضية". وتابع "نحن نخطط للنمو وتشجيع بعض التجارب الجذابة مثل ميزة القصص التي توجد فيها إعلانات أقل حاليًا، كما أننا نمنح الأشخاص الذين يستخدمون خدماتنا مزيدا من الخيارات حول خصوصية البيانات التي قد يكون لها تأثير في نمو عائداتنا".
وعمل إدخال "نظام حماية البيانات العامة" في أوروبا على تقليص معدل نمو المستخدمين والمشاركة. إذ انخفض عدد المستخدمين النشطين يوميًا في أوروبا بواقع ثلاثة ملايين مستخدم في الربع الثاني، أي بنسبة 1 في المائة تقريبًا، كما انخفض عدد المستخدمين النشطين شهريًا، لكن بنسبة أقل. وقالت الشركة "إن هذا يتفق مع التوقعات التي قدمتها في الربع السابق ولم تقل ما إذا كانت تتوقع أن يستمر الانخفاض".
لكن "فيسبوك" قالت "إن نظام حماية البيانات العامة لم يكن له حتى الآن أي تأثير كبير في الإعلان في أوروبا، وإن الغالبية العظمى من المستخدمين فضلوا خيار جمع البيانات، بما في ذلك السماح لـ "فيسبوك" بتتبع المواقع الأخرى التي زاروها". وقال وينر "في المستقبل لن يكون هناك سوى تأثير متواضع في نمو الإيرادات".
واتفق إيفز مع ما ذهب إليه وينر: أظهرت دراسات استقصائية أجراها على المعلنين أن نحو 3 في المائة من عائدات "فيسبوك" عرضة للخطر، بسبب مخاوف متعلقة بالخصوصية عقب تطبيق نظام حماية البيانات العامة في أوروبا وبسبب فضيحة كامبريدج أنالتيكا.
وفي حين إن مخاوف الخصوصية أيقظت السياسيين والمنظمين، صُدم المستثمرون من عودة ظهور قلق قديم: فقد بلغت "فيسبوك" الحد المسموح به من كمية الإعلانات التي تظهر في خدمة التغذية الإخبارية، قبل أن تجد أماكن أخرى فعالة لوضع الإعلانات.
تراجع الانخراط في الربع الرابع من العام الماضي، عندما قالت "فيسبوك"، "إن المستخدمين في أمريكا الشمالية قضوا وقتا أقل بملايين الساعات على المنصة وانخفض المستخدمون النشطون يوميًا لأول مرة".
وفي بداية العام حذرت "فيسبوك" من أن الوقت المستغرق على تغذية الأخبار من المرجح أن ينخفض على اعتبار أنها أعادت ترتيب الخوارزمية لخفض الاستهلاك السلبي للأخبار ومقاطع الفيديو، وذلك لمصلحة تحديد أولويات "الاتصالات المفيدة" مع الأصدقاء والعائلة.
وكانت شيريل ساندبيرج، كبيرة الإداريين التشغيليين في "فيسبوك"، متفائلة بأن زيادة المخزون من القصص، وهي صيغة جمع الصور التي تمت استعارتها من "سناب شات"، ستكون "فرصة مهمة للنمو" لأنها تظهر على شاشة كاملة وأكثر "صدقية" و"مشاركة".
لكنها أضافت أن "الأمر سيستغرق بعض الوقت لتحديد ما إذا كان في وسع "فيسبوك" بيع الإعلانات في القصص بالمعدل نفسه الذي يمكن أن يكون عليه في تغذية الأخبار". وقالت "نحن بالتأكيد نرى أن الأمر يستغرق بعض الوقت للمعلنين لتبني أشكال جديدة".
وتحدثت ساندبيرج أيضًا عن فرص طويلة الأجل لجني المال من "فيسبوك ماسنجر" وتطبيق "واتساب" للأعمال.
وقالت جيسيكا ليو، وهي محللة في "فورستر ريسيرش"، "إن عائلة تطبيقات "فيسبوك"، بما في ذلك "إنستجرام" و"ماسنجر" و"واتساب"، هي على قيد الحياة وبصحة جيدة". وأعلنت "فيسبوك" عن قاعدة مستخدمي جميع تطبيقاتها لأول مرة، مبينة أن عددهم يبلغ 2.5 مليار من المستخدمين النشطين شهريا.
وقالت "إن ضررا طفيفا في مجال واحد مثل مستخدمي "فيسبوك" الأساسيين يمكن تعويضه عن طريق مجالات أخرى، مثل نمو "إنستجرام".
وقال إيفز "إن التغييرات في الأخبار تؤدي إلى تفاقم مشكلات الإعلان. لا يزال الانخراط يمثل مشكلة على منصة فيسبوك. الانخراط يحرك الإعلانات"، لكنه حافظ على التوصية "بالشراء" على السهم، لأنه يعتقد أن توقعات "فيسبوك" دليل على "فترة انتقالية تراوح بين ستة وتسعة أشهر"، تحاول خلالها الشبكة الاجتماعية إنشاء "المرحلة التالية من قصة نموها".
لكن بريان ويزر، وهو محلل في "بيفوتال ريسيرش"، لديه توصية "بالبيع" على السهم. وجادل بأن "فيسبوك" تبلغ الآن حدود نموها في سوق الإعلان الرقمي، الذي فاز بسرعة بالميزانيات من الإعلان المطبوع ووسائل الإعلام الأخرى – لكن التلفزيون ليس بعد.
ومن ثم، فإن فرص فيسبوك للنمو تكمن في سرقة الحصة السوقية من "جوجل"، التي هي اللاعب الآخر "الأكبر" في صناعة الإعلان الرقمي، أو إنشاء محتوى فيديو عالي الجودة يجذب الدولارات الإعلانية من التلفزيون. وأضاف ويزر أن "فيسبوك" تستثمر في إنتاج فيديوهات أطول وأكثر إنتاجًا لخدمة "ووتش" Watch الخاصة بها – لكن ذلك لا محالة سيسجل هامشا أدنى".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES