FINANCIAL TIMES

لماذا يمكن لتعديل بسيط من بنك اليابان أن يهز الأسواق

لماذا يمكن لتعديل بسيط من بنك اليابان أن يهز الأسواق

كان اجتماع بنك اليابان الذي عقد في 30 و31 تموز (يوليو) بمنزلة حدث "مثير للاهتمام" بالنسبة إلى الأسواق. وهو مهم لأنه يخص اليابان، لكن لا يوجد شيء يدعو إلى القلق الزائد.
بدأ هذ التصور يتعرض للتشكيك في أواخر الأسبوع الماضي بعد أن أشارت عدة تقارير إلى أن صانعي السياسة كانوا يفكرون في إدخال بعض التعديلات على التحفيز النقدي للبنك المركزي - على الأرجح في محاولة للتخفيف من الآثار الجانبية للتسهيل الموجود حالياً في القطاع المصرفي الياباني المرهق بصورة واضحة.
تسبب ارتفاع في عوائد السندات اليابانية في إحداث ارتدادات في الأسواق الأمريكية والأوروبية، التي لجأ إليها المستثمرون اليابانيون في السنوات الأخيرة في محاولة للهرب من العائدات المنخفضة الموجودة محليًا. على الرغم من أن ردة الفعل الأولية لم تعد بتلك الأهمية بحلول يوم الثلاثاء، إلا أن اجتماع الأسبوع المقبل أصبح الآن حدثًا عالميًا لا بد من متابعته.
بينما يحاول المستثمرون معرفة مدى عمق تأثر بنك اليابان المركزي بأن حوافزه - التي تتضمن مقياسًا للتحكم في منحنى العائد YCC المصمم للحفاظ على عائدات السندات المرجعية لمدة عشر سنوات عند مستوى قريب من صفر في المائة - غير قابل للاستمرار، كانت ردة فعل السوق تذكيرا بالدور الذي لعبه بنك اليابان المركزي في تثبيت عوائد السندات العالمية.
قال إد يارديني، من "يارديني ريسيرش"، "لقد انخفضت عائدات سندات الخزانة ذات العشر سنوات نحو 3 في المائة منذ بداية العام". وعزا ذلك إلى أن "المستثمرين العالميين ينجذبون إلى سندات الحكومة الأمريكية، لأن العوائد المماثلة في ألمانيا واليابان قريبة من مستوى الصفر".
في الأسبوع الماضي، أظهرت دراسات استقصائية أن غالبية الاقتصاديين توقعوا أن تكون الخطوة التالية للبنك المركزي متجهة إلى تقليص سياسة التسهيل الكمي، لكن أقل من ربعهم يعتقدون أن هناك احتمالا لحدوث أي شيء هذا العام، ناهيك عن هذا الشهر. وكان بعض المستثمرين المضاربين، يعكسون هذا المزاج، ببنائهم مراكز دائنة في العقود المستقبلية لبنك اليابان المركزي.
تصفية هذه المراكز، كما قال متداولون، أسهمت في ارتفاع في العائدات يوم الإثنين، وفي إعلان بنك اليابان في ذلك اليوم عن عملية نادرة لشراء كمية غير محدودة من سندات الحكومة اليابانية ذات السنوات العشر إذا وصل العائد إلى 0.110 في المائة - وهو عرض أدى، في هذه الحالة، إلى عدم ظهور بائعين لأن العائدات انخفضت قليلا.
ويبقى كثيرون مقتنعين بأن من السابق لأوانه أن يفكر بنك اليابان المركزي في تغيير سياسته مع معدل تضخم يقف بعناد دون هدف البنك البالغ 2 في المائة. وقال سكوت ديماجيو، الرئيس المشارك للدخل الثابت في "أليانس بيرنشتاين"، "نعتقد أن من المبكر للغاية أن يغير بنك اليابان المركزي سياسته. مع استمرار تخلف معدل التضخم من الصعب معرفة سبب تغيير الموقف. لذا نعتقد أن هذا تحرك في سبيله إلى الزوال"، مضيفًا أن "تشديد سياسة بنك اليابان المتزامن مع تشديد البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي وإن كان يوحي بـ "سيناريو معركة سوق السندات الفاصلة"، إلا أن هذا أمر لا يتوقع حدوثه قبل أواخر عام 2019". هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان، خرج من اجتماعات مجموعة العشرين في الأرجنتين ليقول "إنه ليس لديه أي فكرة عن الأساس الذي استندت إليه تقارير وسائل الإعلام".
لكن بالنسبة إلى آخرين، فإن قناعتهم بأن لا شيء سيحدث هذا العام قد تغيرت. مثلا، وهذا أمر لافت، ناكا ماتسوزاوا، المختص بأسعار الفائدة الأعلى في "نومورا"، قدم توقيت توقعات شركته الخاصة بحدوث زيادة في العائد المستهدف من جانب بنك اليابان على سندات الحكومة اليابانية ذات السنوات العشر، من آذار (مارس) 2019 إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2018، مضيفا "إنها يمكن أن تحدث في وقت أقرب من ذلك". وقال "إذا كلف هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان، موظفيه بدراسة تعديلات في إطار السياسة في اجتماع تموز (يوليو) في الأسبوع المقبل، فإن الزيادة في العائد المستهدف في اجتماع أيلول (سبتمبر) ستصبح السيناريو الرئيسي لدينا".
من بين التقارير التي ظهرت بين يومي الجمعة والأحد، لم يكن هناك إجماع واضح على ما يفكر فيه بنك اليابان، أو ما إذا كان بالفعل يخطط لقول أي شيء في اجتماع الأسبوع المقبل أو بعده. بالنسبة إلى بعض المحللين كان تركيزهم منصبا على الاتفاق حول موضوع تخفيف "الآثار الجانبية" للتحكم في منحنى العائد YCC، وهي عبارة تكررت باستمرار في محضر البنك المركزي الياباني عندما كان يعمل على زيادة التحفيز قبل عام 2016، لكن قل ذكرها منذ ذلك الحين. وأشار محللو "دويتشه بانك" إلى أنها عادت إلى الظهور بشكل غير مرحب به، لأن YCC لم تعد تحمي المصارف من سياسة سعر الفائدة السلبي لبنك اليابان، وبالتالي هناك حاجة إلى الابتكار.
إن أبسط تفسير، وفقاً جوناثان ألوم، الاستراتيجي في "نيكو إس. إم. بي. سي"، هو أن التسريبات التي هزّت السوق في الأيام الأخيرة كانت محاولة لمعرفة آراء الناس قامت بها مجموعة صغيرة من داخل بنك اليابان، هم الأكثر قلقاً بشأن الآثار الجانبية لسياسة YCC. وقال "من خلال الحفاظ على منحنى العائد مستويا بشكل مصطنع، يخفض بنك اليابان ربحية القطاع المصرفي، مع احتمال وجود عواقب وخيمة على المدى الطويل (...) ويشوه أيضا سوق سندات الحكومة اليابانية إلى حد يجعلها خالية من أي معلومات اقتصادية".
إن احتمالية حدوث تغيير في السياسة من قبل بنك اليابان ستترتب عليها آثار في أسواق السندات العالمية، ويشير البعض إلى أن العائدات المرتفعة في اليابان قد تضعف شهية المستثمرين اليابانيين القوية للأصول الأجنبية. كان صافي مشتريات المستثمرين اليابانيين من الأسهم والسندات الخارجية في موقع إيجابي منذ أوائل عام 2014، وفقا لبيانات من "نومورا". وهذا على نقيض المستثمرين الأمريكيين الذين قلصوا تعرضهم الخارجي بشكل ملحوظ منذ أن قام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتحرك لتطبيع السياسة النقدية. وقال بلال حفيظ، وهو استراتيجي في "نومورا"، "إن تحولاً تصاعدياً في العائدات اليابانية يمكن أن يرى المستثمرين المحليين يبدأون في إعادة الأموال إلى بلادهم"، لكنه أضاف أنه "لا يوجد دليل على ذلك حتى الآن"، ويشير إلى أن مشتري الأصول اليابانية لم يتوقعوا تصرفاً مبكراً لبنك اليابان. إذا فعلوا ذلك، فسيتم إدراكه على نطاق عالمي، كما يقول المستثمرون.
وقال تشارلز زيره، مدير الدخل الثابت العالمي في إدارة الأصول الفرنسية كارميجنياك، "إن البنك المركزي الياباني بحاجة إلى إبلاغ خططه لمستقبل برنامجه لشراء السندات للأسواق بحلول نهاية هذا العام".
وقال "ستكون له عواقب مهمة في عديد من الأسواق الأخرى لأن اليابان كانت مصدر رأس المال في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الاستثمار بكثافة في سوق السندات في منطقة اليورو، خاصة في فرنسا". وأضاف "لهذا رأينا بعض التأثير في النهاية الطويلة للانحناء في كل من أوروبا والولايات المتحدة في الأيام القليلة الماضية".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES