FINANCIAL TIMES

إصلاحات ما بعد 2008 .. طريق المصارف الأوروبية لا يزال طويلا

إصلاحات ما بعد 2008 .. طريق المصارف الأوروبية لا يزال طويلا

إصلاحات ما بعد 2008 .. طريق المصارف الأوروبية لا يزال طويلا

إصلاحات ما بعد 2008 .. طريق المصارف الأوروبية لا يزال طويلا

ليس من السهل أن تجعل الأزمة المالية تبدو مملة. هذا الأسبوع، بن برنانكي وهنري بولسون وتيموثي جايتنر كادوا أن يفعلوا هذا الشيء بالضبط. مع اقتراب الذكرى السنوية العاشرة لانهيار "ليمان براذرز"، كانت هذه الشخصيات الثلاث البارزة – التي كانت تشغل مناصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (برنانكي)، ووزير الخزانة (بولسون)، ورئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك (جايتنر) – تتحدث إلى وسائل الإعلام حول الأزمة. حُكْمهم على الموضوع كان يدل على التفاؤل، وإن كان يدل أيضا على الترفع إلى حد ما.
الأمر اللافت للنظر أنه بعد مرور عقد على الأزمة، يعتقد هذا الثلاثي أن عالم التمويل الأمريكي حقق انتعاشا جيدا إلى درجة أنه يتمتع بصحة جيدة الآن. ومن رأيهم أن هذه النتيجة السعيدة تؤكد إلى حد كبير سلامة استجابتهم في مجال السياسة النقدية والمالية بعد الأزمة، بما ذلك قراراتهم المتمثلة في إعادة الرسملة النشطة للمصارف باستخدام الأموال الحكومية، والكشف عن الديون المعدومة، وفرض إجراءات إشرافية أكثر تشددا – وتنفيذ التسهيل الكمي بسرعة.
بطبيعة الحال يعترف الرجال الثلاثة بأن السياسة واردة الذكر لم تكن كاملة. إنهم يشعرون بالضيق من أن الكونجرس قلص الصلاحيات القانونية لإخماد صدمة عام 2008. قال جايتنر: "الدفاعات أفضل الآن لكن لديك مجموعة أدوات أضعف من أجل التعامل مع أزمة حادة". وهم يشعرون بالقلق كذلك حول ديون الحكومة الأمريكية المتصاعدة، وحول ما يمكن أن يحدث إذا تم إلغاء الإصلاحات التي فُرضت بعد الأزمة.
المصارف الأمريكية تبدو في وضع جيد الآن. تمتعت الولايات المتحدة بتسعة أعوام من النمو – واستعادت الحكومة الأمريكية الأموال التي استخدمتها لمساندة المصارف، مع تحقيق ربح، كما يقولون. أداء السياسة النقدية والمالية بعد الأزمة ربما لا يستحق علامة (أ+) وإنما العلامة (أ) أو نحو ذلك.
هذا رأي لن يوافق عليه جميع الأمريكيين. المراقبون من اليسار يشعرون بالغضب – وهذا أمر مفهوم – من أن عددا قليلا من العاملين في قطاع التمويل تعرضوا للعقاب. ويشتكي النقاد من اليمين من أن الأسواق تشوهت على نحو لا رجاء فيه بسبب التدخل الحكومي. في هذه الأثناء، هناك هيئات، مثل بنك التسويات الدولية، تخشى أن أسعار الفائدة العالية سوف توجد مشاكل في قطاع الرفع المالي للشركات، وتلاحظ أن قطاع المشتقات لا يزال معتما فوق الحد. كل هذه النقاط تحتاج إلى مزيد من النقاش.
لكن النقاش المهم (والعاجل) الذي يجب أن يتم استجابة لآراء برنانكي والآخرين لا يخص الولايات المتحدة على الإطلاق. كشف الثلاثي أيضا أنهم يستغربون ويشعرون بالفزع من مقدار الاعتلال الذي لا يزال يعانيه النظام المالي الأوروبي بعد مرور عقد على الأزمة.
ليس السبب في ذلك هو أنهم يتوقعون أزمة وشيكة – فقد رفضوا التعليق على نقاط الاشتعال الحالية، مثل المصارف الإيطالية الصغيرة، أو دويتشه بانك العملاق. لكنهم يشعرون بالقلق من أن النظام لا يزال ضعيفا، ويعتقدون أنهم يعرفون السبب في ذلك: على خلاف المصارف الأمريكية، زعماء أوروبا القارية لم يستخدموا الأموال الحكومية بشكل استباقي لإعادة رسملة مصارفهم، أو يصروا على الشفافية اللازمة بشأن الديون المعدومة، أو يغلقوا المصارف عديمة الملاءة.
بعض اللوم في ذلك يُلقى على الأنظمة المحاسبية. قال بولسون: "في الأيام الأولى من الأزمة، كانت المصارف الأوروبية في وضع أسوأ من المصارف الأمريكية، وهم أخفوا هذه الحقيقة لأن النظام المحاسبي الأمريكي للمصارف أقوى وأمتن بكثير". كذلك يجادل الثلاثي بأن السياسيين والناخبين الأوروبيين كانوا حريصين للغاية على معاقبة المصارف إلى درجة أنه كان من الصعب استخدام الأموال الحكومية.
لكن المشكلة الأكبر كانت الهيكل السياسي. في عام 2008 كان برنانكي وبولسون وجايتنر يتمتعون بصلاحيات كافية كفريق موحد لاستشكاف عوامل المقايضة في السياسة النقدية والمالية، وتطبيق قرارات لا تحظى بشعبية. لكن لأن النظام السياسي في منطقة اليورو مفكك للغاية، لم يتمكن صناع السياسة من اتخاذ الإجراءات الجماعية السريعة والقوية التي كانت تدعو الحاجة إليها لإيقاف الانهيار.
قال جايتنر: "كنا محظوظين. بعض الخيارات (التي استخدمناها) لم تكن متاحة للأوروبيين لأن من الصعب تنفيذ استراتيجية بين هذا (العدد الكبير) من البلدان ذات السيادة". وأضاف بولسون: "كان الأوروبيون يخدعون أنفسهم ويظنون أن مصارفهم تتمتع برسملة جيدة منذ فترة طويلة. أعتقد أنهم كانوا أبطأ في تنفيذ الأمور التي كانوا بحاجة إلى تنفيذها".
هذا الحكم اللاسع، الذي يشي بنوع من الترفع، ربما يثير سخط كثير من الأوروبيين، بالنظر إلى أن أزمة عام 2008 كانت ذات أصول أمريكية. لكن هذا لا ينبغي أن يشتت الانتباه عن النقطة الرئيسة: هذه الملاحظة الانتقادية سليمة تماما. ما عليك سوى أن تنظر إلى أسعار أسهم المصارف الأوروبية. أو خذ الطريقة التي يتحدث بها بنك التسويات الدولية في تقريره السنوي الأخير عن الكيفية التي تستخدم بها المصارف الأوروبية سوق إعادة المشتريات للدولار من أجل الانخراط في "التزويق" بهدف تجميل حساباتها.
اسأل نفسك سؤالا بسيطا: لو كانت أوروبا تُجري الآن نقاشا حول السياسة في الذكرى العاشرة، فأي ثلاثي، أو أي فريق سيحضر المناسبة؟ رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي بطبيعة الحال. لكن من غيره؟ هنا تكمن مأساة الاقتصاد السياسي في أوروبا، ويكمن أيضا السبب في أن المستثمرين بحاجة إلى مواصلة الشعور بالقلق حول المصارف الأوروبية بعد مرور عقد على الأزمة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES