default Author

التطلعات خلال المفاوضات عبر محاكاة البدائل

|
لم تعد عروض العمل على الوتيرة نفسها التي عهدتها سابقا. فعلى سبيل المثال، وجد مسح أجراه، أخيرا، مجلس اختبار القبول للدراسات العليا في مجال الإدارة، أن خريجي برامج إدارة الأعمال يحصلون وسطيا على عرض عمل واحد كأحد الخيارات المتاحة. ما يدفع عديدين إلى قبول العرض المقدم في ظل عدم وجود خيارات أخرى متاحة. يعد وجود بدائل خلال المفاوضات أمرا جيدا، كونها تتيح إمكانية التفاوض على العروض المطروحة بتصميم أكثر. ومع ذلك، يبدو أن افتقار المفاوضين في بعض الأحيان إلى البدائل التي تخولهم التراجع، أمر لا مفر منه. فما الذي يمكنهم فعله لتحقيق أقصى نتائج ممكنة من المفاوضات؟ وجدنا في ورقة عمل أجريناها أخيرا، التي حملت عنوان "البدائل التصورية: تأثيرات المحاكاة الذهنية على المفاوضين الذين لا يمتلكون مفاتيح قوة"، وستنشر قريبا في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، أنه بإمكان المفاوضين الاستفادة من العروض التي تقدمها البدائل عن طريق محاكاة ذهنية بوجود بديل جذاب. قوة المحاكاة الذهنية افترضنا خلال سبع دراسات أن محاكاة البدائل تؤثر في المفاوضين، من خلال تعزيز تطلعاتهم وتحفيزهم على طلب مزيد من الطرف المقابل. فعلى سبيل المثال: قمنا خلال دراسة واحدة ضمت 306 مشتركين "عبر الإنترنت" بتقسيمهم إلى ثلاث مجموعات. وطلب منهم بيع قرص مدمج مستعمل إلى مشتر محتمل، وتم توجيههم لتقديم العرض الأولي. تم إخبار المجموعة الأولى أن مشتريا آخر عرض سعر ثمانية دولارات للشريط، مما منحهم بدائل قوية. افتقرت المجموعة الأخرى إلى العروض المتاحة. أما المجموعة الثالثة، فعلى الرغم من افتقارها للبدائل، لكن طلب منها تخيل شعورها في حال امتلكت واحدا، وما سيبدو عليه البديل وكيف سيؤثر ذلك في المفاوضات المقبلة. جاءت النتائج متسقة مع فرضيتنا، حيث قدمت المجموعة التي قامت بمحاكاة وجود بديل، عرضا أفضل من الأخرى التي لا تمتلك بدائل. فتحديد البديل أعطى المفاوضين ثقة أكبر لتقديم عروض أولية أفضل، عندها بحثنا إذا ما أدت البدائل التصورية للوصول إلى نتائج أفضل خلال المفاوضات. أجرينا بعدها دراسة أخرى بمشاركة 300 شخص تفاوضوا وجها لوجه على سعر كوب ستاربكس، سواء في ظل وجود بديل فعلي، أو دون بديل، أو مع محاكاة بديل. وتم تحفيز المفاوضين للتفاوض بشكل أفضل مقابل الحصول على المبالغ التي كسبوها والاحتفاظ بكوب القهوة. كانت هناك جولتان من المفاوضات. أخبرنا المفاوضين خلال الجولة الأولى أن سعر الكوب يراوح بين 3.5 و11.50 دولار. وتم إعطاؤهم عرضا بديلا بقيمة تسعة دولارات، أو لم يتم إعطاؤهم أي عرض من حليف عبر الهاتف. طلب من أولئك الذين لم يتلقوا عرضا أن يستأنفوا المفاوضات بشكل مباشر مع مشتر آخر، أو التصور بأن لديهم بدائل مغرية أولا. وجدنا أن المحاكاة الذهنية للبدائل رفعت تطلعات المفاوضين ممن لا يمتلكون السلطة: لم يقتصر الأمر على المطالبة بمزيد في الجولة الثانية، بل باعوا أكوابهم بسعر أعلى بمقدار دولار مقارنة بأولئك الذين لم يشاركوا في المحاكاة الذهنية. وكان أداؤهم متقاربا مع أولئك ممن لديهم بديل قوي. يساعد تطبيق المنهج الذي اعتمدناه في الدراسة على تعزيز التطلعات والنتائج خلال المفاوضات. ومن الممكن أن يشمل ذلك التفكير بعرض جذاب، لكن واقعي. على سبيل المثال، منتج تقوم ببيعه أو عرض عمل بديل قبل توجهك إلى طاولة المفاوضات. متى يفشل أسلوب المحاكاة الذهنية؟ على الرغم من التأثيرات الإيجابية لأسلوب المحاكاة الذهنية، يبقى هناك بعض التحذيرات المهمة التي يجب النظر إليها. عملنا على عديد من الحالات التي لم يثمر فيها أسلوب المحاكاة الذهنية عن نتائج أفضل أو أدى إلى نتائج عكسية. أولا، وجدنا أن نوع البدائل التي تتصورها له تأثير. فعندما طلبنا من المفاوضين محاكاة بدائل غير جذابة عوضا عن أخرى جذابة، كان أداؤهم أسوأ، كون البدائل غير الجذابة تقلل من التطلعات. ويتماشى ذلك مع ما أظهرته ورقة عمل سابقة أن المفاوضين يبدون تململا من الروابط الضعيفة لمثل تلك البدائل. ثانيا، وجدنا أن المزايا التي يوفرها أسلوب المحاكاة الذهنية لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع في حال لم يبادر المفاوضون إلى تقديم عرض أولي ومبادرة الطرف الآخر في المقابل. أو في حال شارك الطرف الآخر في المحاكاة الذهنية. وبالتالي، ينجح أسلوب محاكاة بدائل جذابة في تعزيز التطلعات بشكل خاص عندما تبادر بالخطوة الأولى في المفاوضات، وفي حال كنت الطرف الوحيد الذي يستخدم هذه الاستراتيجية. أخيرا، وجدنا أن أسلوب المحاكاة الذهنية يأتي بنتائج عكسية في حال كانت القضايا التي يتم التفاوض عليها يصعب التوافق عليها. في تلك الحالات، فإن العروض الأكثر طموحا التي تتيحها المحاكاة الذهنية، كفيلة بالوصول إلى طريق مسدود. على الرغم من أهمية البدائل القوية لتحقيق نتائج أفضل، يتعين علينا في عديد من الحالات التفاوض دونها. ففي ظل الظروف المناسبة، مثلا، عندما تكون المصالح الأساسية متداخلة، وعندما يمكن للمفاوضين تقديم عرض أولي، بإمكان أسلوب المحاكاة الذهنية لبدائل جذابة، توفير بعض المزايا التي توفرها البدائل الحقيقية عادة.
إنشرها