Author

زينة

|
توقفت زينة أحمد الشهري عن الدراسة عندما أنجبت في سن مبكرة. رأت أن تركز على تربية أبنائها. بعد أن اطمأنت أن آخر العنقود "11 عاما" تسير في الطريق الذي تتمناه، راودها الحنين إلى مقاعد الدراسة وهي على مشارف الـ60. لكن كلما أبدت رغبتها علنا في متابعة الدراسة ثبط عزائمها الآخرون. أطلقوا نحو قلبها كلمات كالسهام في حدتها مثل: "ماذا تريدين من الهم والغم؟" أو "استمتعي ببقية حياتك". وهناك سهام أشد حدة على شاكلة: "هل ستتوظفين، ماذا تريدين من الدراسة في هذا العمر؟" كادت هذه السهام تودي بحلمها. لكنها تحاملت على ألمها وأوجاعها وتقدمت باتجاه إكمال دراستها. أكملت ثالث متوسط ثم درست المرحلة الثانوية التي أنهتها بتفوق من الثانوية الثامنة بأبها قبل عدة أسابيع. والآن ترغب زينة في إكمال الجامعة في تخصص الحاسب الآلي. فهي تشعر أنها أصبحت فتاة في الـ20. تشير زينة إلى أنها كلما تجاوزت مادة شعرت أنها صغرت عاما. تقول: "العلم يجعلني أصغر وأكثر إقبالا على الحياة". لم تكن تحقق زينة هذا النجاح لولا توفيق الله ثم دعم أبنائها الذين أرجأت الدراسة لأجلهم. فقد كانوا خير داعم لها واحتفلوا بإنجازها وتربيتها في حفل جميل أقاموه لها بعد تخرجها من الثانوية. وأجمل تكريم تلقته السيدة العظيمة زينة، هو انتهاء آخر العنقود، إيلاف، من ختم القرآن. فألبستها تاجا يزيد فخرها فخرا. أثبتت زينة أن رهانها على أطفالها كان هو الخيار الأنجع. فهو الرهان الذي لن تندم عليه أبدا. وبالفعل حقق أبناؤها كل ما تتمنى أي أم وأكثر. فلم يكتف أبناؤها بنجاحهم العلمي والعملي. إذ سجلوا تفوقا أكاديميا وعمليا. وبرعوا في التفافهم حولها. وفي برهم بها. كانوا ومازالوا خلف هذا الحماس الكبير الذي يتدفق من حيويتها وطموحها. ما أعظم أن ترى ثمرة تعبك ترتفع وتزهر! تراها تتألق وتضيء. تجعلك في شباب لا ينطفئ. شباب يلمع في الأمنيات والتطلعات. يقول هنري فورد: ‏"أي شخص يتوقف عن التّعلم هو عجوز، سواء كان في الـ20 أو الـ80". تجربة زينة تخبرنا جميعا أن العلم حياة، وأن الاستثمار في الأبناء أعظم استثمار. فما تغرسه جذرا يرتفع جذعا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها