FINANCIAL TIMES

تحديات تواجه ثقافة الشركات الاستهلاكية

تحديات تواجه ثقافة الشركات الاستهلاكية

من المعروف عن مايك جاجر - أحد مؤسسي فرقة "ذي رولينج ستونز" الغنائية - أنه لا يشعر بالرضا. هذا أيضا هو شأن العاملين في بعض أكبر الشركات الاستهلاكية في العالم، إذا حكمنا من خلال التعليقات التي ينشرها الموظفون عبر "جلاسدور" Glassdoor.
هذا الموقع الإلكتروني الذي يدخل الآن في عقده الثاني، يتيح للناس فرصة التحدث حول إيجابيات وسلبيات أرباب عملهم – ومن ثم إعطاؤهم تقييما معينا. نشر مصرف "يو بي إس" الأسبوع الماضي أحدث تحليل له، متضمنا 23 ألف مراجعة نشرت عبر الموقع لـ 19 شركة من شركات المواد الغذائية الاستهلاكية بين عامي 2015 و2018. وهو يظهر اختلافات كبيرة في رضا العاملين بين أوروبا والولايات المتحدة.
أسعد العاملين يوجدون ضمن مجموعة من شركات المواد الغذائية الأساسية الأوروبية والأمريكية. أربع من سبع شركات حصلت على أعلى التقييمات كانت أوروبية، بما في ذلك "يونيليفر"، و"هاينكن"، و"نستله"، و"بيرسدورف" التي تصنع مستحضرات نيفيا. أما الشركات الأمريكية فهي "بروكتر آند جامبل"، و"مارس" المملوكة لإحدى العائلات، و"كولجيت- بالموليف" وهي شركة عائلية.
لكن الأمر الملفت للنظر بشكل كبير هو مستوى رضا العاملين الأقل بشكل ملحوظ عن شركة كرافت هاينز قياسا على أية شركة أخرى. تم دمج شركة صناعة الكاتشب الأمريكية مع شركة كرافت لتصبحا شركة واحدة للمواد الغذائية عام 2015 من قبل "3جي كابيتال" ومجموعة هاثاواي بيركشاير، التابعة لوارين بافت. المستوى العام لرضا العاملين في "كرافت هاينز" يقبع عند مستوى 2.4 من 5، وهو أقل بكثير من مستوى المجموعة التالية من حيث العاملين المستائين، وهي مجموعة كيلوج. حصلت شركة صناعة الحبوب الأمريكية على 3.2، وفقا لتحليل "يو بي إس". 36 في المائة فقط من العاملين في "كرافت هاينز" يوافقون على وجود الرئيس التنفيذي، بيرناردو هيز. كما حصلت ثقافة الشركة وقيمها، والإدارة العليا فيها، على تقييمات متدنية، بلغت 2.3 من 5.
وتشتهر شركة "3جي" بثقافة العمل الشاقة فيها. في "كرافت هاينز"، يجري تعليق الأهداف التي يتوقع من العاملين تحقيقها على مكاتبهم ليراها الجميع. وتشير التعليقات على موقع جلاسدور إلى الضغوط المفروضة: قال أحد التعليقات "بيئة عمل رهيبة، أهداف مستحيلة"، في الوقت الذي يبدي فيه تعليق آخر استياءه من "إرغام على العمل ستة أيام في الأسبوع، بوجود مراقب يرصد تحركاتك باستمرار".
تم تسليط الضوء أيضا على الجانب الإيجابي لسياسات "كرافت هاينز" القائمة على الجدارة. قال أحد التعليقات: "تعويضات رائعة وفرص ترقية إن كنت مستعدا للعمل بجد واجتهاد". بينما يتحدث تعليق آخر بنوع من الجفاف: "ستحصل على الترقية، لأن العاملين يغادرون العمل".
وجهة نظر "يو بي إس" هي أن الشركات التي تطبق شكلا متطرفا من الميزانية الصفرية – بمعنى إعداد ميزانيات جديدة من الصفر كل عام – عادة ما تحصل على العاملين الأقل ارتياحا ورضا. تخفيض التكاليف زيادة عن الحد، يؤدي بحسب نيك أوليفر، المحلل لدى "يو بي إس"، إلى "تعزيز قصير الأجل في الهوامش، لكن مصدر القلق هو أن هذا يؤثر على معنويات العاملين".
تقول "كرافت هاينز"، إن السبب في التقييم المتدني الذي حصلت عليه، هو "عملية التحول الكبيرة" التي شهدتها الشركة منذ عملية الاندماج التي تمت في عام 2015. رغم ذلك، بحسب ما تقول، معدل تغير العاملين لديها مساو لمتوسط التغير في الصناعة. قالت الشركة لـ "فاينانشيال تايمز": "بينما تواصل شركتنا التطور، سيستمر التحسن في التقييمات على مواقع مثل جلاسدور. نحن نعد شركة استثنائية بالنسبة للذين يعتمدون ثقافة الجدارة والملكية الخاصة بنا".
وتتصدر شركة بروكتر آند جامبل، التي مرت بسنوات من تراجع الأداء في الأعمال وبحالة من الجيشان، قوائم رضا العاملين، والثقافة، والقيم. ربما يبدو هذا من المفارقات، رغم أن العاملين كثيرا ما يشيرون إلى المنافع الجيدة والتدريب الذي يحصلون عليه عند التعليق عبر "جلاسدور".
الآن هناك كثير من الأسباب التي تدعو إلى عدم الحكم على أي كتاب من خلال "جلاسدور". يمكن القول، إن مواقع المراجعات تجتذب قدرا غير متناسب من التعليقات السيئة من أشخاص ساخطين، بعضهم حتى لم يعد يعمل لدى الشركة. يقول "يو بي إس" إنه يستبعد تعليقات العاملين السابقين، لكن لا يزال من المستحيل معرفة مقدار صدق التعليقات.
لماذا يعد هذا أمرا مهما؟ لأنه بغض النظر عن مدى العيوب التي يمكن أن تكون لدى المواقع التي من هذا القبيل، إلا أن المرشحين للحصول على عمل يلجؤون إليها بأعداد متزايدة. في العام الماضي، استخدم 29 في المائة من طالبي الوظائف في أمريكا الشمالية موقع جلاسدور، أو فولت، أو جريت ريتيد، أو مواقع مماثلة، للبحث عن شركة معينة. هذه النسبة أعلى من 20 في المائة في عام 2014، وفقا لشركة أبحاث التوظيف "تالنت بورد".
لا تستطيع شركات السلع الاستهلاكية تجاهل الرسالة التي تقدمها تلك المواقع. فقد ولت منذ زمن طويل الأيام التي كانت فيها عمليات التدريب في "بروكتر آند جامبل"، أو "يونيلفر"، أو "نستله"، هي الأكثر طلبا. الآن تواجه الشركات الاستهلاكية منافسة شديدة للحصول على الأفضل – بما في ذلك علماء البيانات والمختصين في وسائل الإعلام الرقمي – من قطاع التكنولوجيا الأكثر بريقا. يقول جون زيلي من شركة أكسنتشر: "الشركات التي كانت في الماضي هي الوجهة الأولى لمديري العلامات التجارية الناشئين، تعاني الآن لتكون بالتألق نفسه في أعين الجيل المقبل من المواهب". ويرى أن هناك "حرب مواهب جديدة في الوقت الذي تتنافس فيه تلك الشركات بشكل متزايد مع شركات ناشئة أصغر حجما ومُحدِثة للتعطيل وتخضع لقيادة المؤسس ولاعبي تكنولوجيا مبدعين".
التحدي الذي تواجهه الشركات الاستهلاكية، أينما كانت، هو تحسين مستوى الربحية في الوقت الذي تعزز فيه جودة ثقافة الشركات التي يريد من أجلها الأشخاص أن يعملوا لديها. هذا ليس بالأمر السهل، لكن مرة أخرى، هناك ملاحظة يمكن أن يكون مايك جاجر هو أول من يشير إليها، وهي أنه لا يمكنكم دائما الحصول على ما تريدون.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES