default Author

التكنولوجيا ونقل العمالة في الاقتصاد غير الرسمي

|

تمثل التكنولوجيا وما ستفعله لتغيير أسلوب عملنا، الفكرة المتسلطة في الوقت الحالي. الحقيقة هي أنه لا أحد يعلم -على وجه اليقين- ما سيحدث، فالشيء الأكيد الوحيد هو حالة الشك والريبة وعدم اليقين. كيف إذن ينبغي لنا أن نخطط لوظائف لم توجد بعد؟ نقطة البداية بالنسبة لنا هي التعامل مع ما نعلمه وأكبر تحد يواجهه مستقبل العمل وظل يواجهه على مدى عقود من الزمن هو العدد الكبير من البشر الذين يعيشون يوما بيوم على العمل المؤقت، ولا يعلمون ما إذا كانوا سيجدون عملا في الأسبوع المقبل أم لا، ومن ثم لا يستطيعون التخطيط للمستقبل، فما بالنا بعلمهم بما ستكون عليه الشهور المقبلة أو الأعوام التالية لرخاء أطفالهم. نطلق على هذا "الاقتصاد غير الرسمي" ومع كل هذا الكم من المصطلحات شبه الفنية التي تقيم الحواجز، تعجز الجملة عن توصيف حالة الضياع التي حُكم بها على ملايين العمال وأسرهم في جميع أنحاء العالم. يصبح العامل عاملا غير رسمي عندما لا يمتلك عقدا للعمل، وضمانا اجتماعيا، وتأمينا صحيا، أو أي نوع من الحماية. والعمل في الاقتصاد غير الرسمي وسيلة للبقاء على قيد الحياة، ليس أكثر. ومن عمال جر عربات الريكشو في شوارع داكا، إلى باعة الفاكهة الجائلين في نيروبي، يبقى الاقتصاد غير الرسمي سيد الموقف. ويشكل العمل غير الرسمي 70 في المائة من الوظائف في مناطق إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، وأكثر من 50 في المائة في أمريكا اللاتينية، كما أنه يشكل أكثر من 90 في المائة في كوت ديفوار ونيبال، فإن العمل في القطاع غير الرسمي أكثر انتشارا في البلدان منخفضة الدخل منه في البلدان مرتفعة الدخل. رغم التحسينات التي طرأت على بيئة الأعمال، تظل نسبة الوظائف في الاقتصاد غير الرسمي مرتفعة. ومنذ عام 1999، شهد قطاع تكنولوجيا المعلومات طفرة في الهند التي أصبحت قوة نووية، وسجل رقما قياسيا عالميا في عدد الأقمار الصناعية التي أطلقت بصاروخ واحد، وحققت نموا سنويا بلغ 6 في المائة. بيد أن حجم قطاع الأعمال غير الرسمي فيها ظل وفق بعض التقديرات عند 90 في المائة. وفي إفريقيا جنوب الصحراء، ظل القطاع غير الرسمي عند نحو 75 في المائة في الفترة بين 2000 و2016. وفي جنوب آسيا، زاد من متوسط 50 في المائة في بداية الألفية الثالثة إلى 60 في المائة في الفترة من 2010 إلى 2016. يعمل أغلب العمال في القطاع غير الرسمي في أنشطة منخفضة الإنتاجية تؤدي إلى قليل من تنمية المهارات وانعدام آفاق النمو تقريبا. ففي الهند، تبلغ حصيلة العمل في القطاع الرسمي لمدة عام ضعف العمل في القطاع غير الرسمي للفترة نفسها. ولا يختلف هذا عن الوضع في كينيا، فالفارق قوي، والفقراء هم الذين يمارسون الأعمال غير الرسمية. ويحد نطاق مساعيهم الضيق من فرص خروجهم من دائرة الفقر. إذن، ماذا يمكن أن نفعل حيال ذلك؟ بالطبع، ليس هناك حل واحد يناسب الجميع بيد أن الإجابة تنطوي على مزيج يعتمد على المناخ المحيط من تحسين بيئة النشاط إلى الاستثمار في رأس المال البشري والتكنولوجيا الواعدة، وهي جميعا محل نقاش جار. لكن يمكن للتكنولوجيا أن تقلص العمل في القطاع غير الرسمي. فقد نجحت بيرو في إيجاد 276 ألف وظيفة في القطاع الرسمي بإدخال نظام إيداع الأجور إلكترونيا وهو إجراء إلكتروني يرسل من خلاله أرباب العمل بيانات شهرية لمصلحة الضرائب الوطنية. وتغطي التقارير المعلومات عن العمال وأصحاب المعاشات ومقدمي الخدمات، والأفراد والمتدربين، والعمالة المنتدبة للخارج وأصحاب المطالبات. ولا شك أن الاستثمار في رأس المال البشري أمر مفيد. فعندما يتسلح الشباب بالمهارات الصحيحة، تصبح فرص حصولهم على وظائف رسمية أرجح من الحصول على وظيفة غير رسمية. يمكنكم التعرف أكثر على الكيفية التي تساعد بها التكنولوجيا أولئك الذين يعملون في وظائف لا مستقبل لها بقراءة مسودة مطبوعة البنك الدولي "تقرير عن التنمية في العالم لعام 2019". وبالطبع، لا يتضمن التقرير جميع الحلول، إلا أنه في عالم يتسم بهذا القدر من الشك وعدم اليقين، يعتبر منطلقا للتفكير في التحديات المستقبلية. وليست التكنولوجيا هي الإجابة الوحيدة لكثير من المشكلات التي نواجهها، ولكن بصياغة الأسئلة الصحيحة، أصبحت الفرصة متاحة الآن بشكل أفضل في أنها ستساعد على إحراز التقدم أكثر من عرقلته.

إنشرها