Author

البطالة .. تحديات وعقبات

|

تعالج رؤية المملكة 2030 ضمن أهدافها موضوع البطالة، وتضع له اهتماما خاصا، فتستهدف خفض حجم البطالة ليصل إلى 7 في المائة مقارنة بالمقاييس الدولية، كما تولي أهمية قصوى لموضوع إشراك المرأة في بيئة العمل، ورفع نسبة العمل من 22 في المائة إلى 30 في المائة. وهذا من خلال سن التشريعات، وتحديث ما هو قائم منها ليتلاءم مع بيئة الاستثمار المقبلة، وتحسين بيئة المنشآت وبيئة الأعمال، ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 في المائة إلى 35 في المائة.
في عام 2015 أُنشئت هيئة توليد الوظائف برئاسة وزير الاقتصاد والتخطيط، وتولت مهام تنسيقية في مجال تحسين بيئة العمل، واقتراح السياسات والإجراءات التي تسهم في تحسين فرص العمل. وفي بداية عام 2018، صدر قرار مجلس الوزراء بإلغاء الهيئة، وإنشاء وكالة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للعناية بموضوع توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وأسندت إليها المهام المنوطة بالهيئة الملغاة.
من ناحية تطبيقية، مهام إدارة ملف التوظيف في المملكة تتوزع بين وزارتي الخدمة المدنية المختصة بالعمل في القطاع الحكومي، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية المختصة بتنظيم العمل في القطاع الخاص والقطاع غير الهادف للربح. وقد يكون من الأفضل دمج الدور بين الوزارتين في وزارة واحدة، تتولى مهام القوى البشرية في المملكة، لتعمل بتركيز أكبر على موضوعات إيجاد الفرص الوظيفية وتأهيل الشباب للعمل، وتحفيز القطاع الخاص على استيعاب القوى البشرية في المملكة.
وحتى يتم ذلك يجب أن يؤخذ في الحسبان عديد من العوامل التي تؤثر في بيئة العمل، وإيجاد فرص بعيدا عن التأثر العاطفي الذي نعيشه جميعا في مواجهة هذا الملف. ومن أهم تلك العقبات التي يجب أن تُدرس وتُعالج، موضوعات دراسة تطورات السوق المحلية، وإطلاق المحفزات لها لفتح المجال أمام الاقتصاد لإيجاد مزيد من الفرص الوظيفية. كما يجب أن تتم دراسات مستفيضة لواقع السوق المحلية، وأخذ عوامل الإصلاح المتبعة في البلد، من خلال تسرب العمالة الوافدة، وارتفاع تكاليف إدارة وتشغيل المشاريع متناهية الصغر، التي كانت تسهم في إيجاد عدد من الوظائف للمواطنين، إضافة إلى موضوعات خصخصة القطاعات العامة المقبلة، وإمكانات تأثير ذلك سلبا في عدد العاملين في هذه القطاعات، وتهيئة السوق لاستيعابهم. ومن أهم المشكلات التي تواجه السوق المحلية، التطور الحاصل في ممارسة التجارة الإلكترونية، التي قد تتسبب في خفض أعداد العاملين في المؤسسات القائمة؛ لاعتمادها على تقنيات تخفض من التدخل البشري، وستؤدي يوما ما إلى العزوف عن القوى العاملة البشرية الكبيرة في كل دول العالم مقابل اعتمادها أعدادا يسيرة وتقنيات متقدمة تواكب التقدم في الحياة.
ومن أهم الأدوار التي يجب أن تُمارَس مستقبلا، إيجاد برامج تأهيل نموذجية ومرنة، تتناسب مع احتياجات السوق المحلية، وتساعد على إيجاد فرص العمل، وتضمن استقرار السوق دون تكاليف عالية على المستثمرين، وتمكين استراتيجية وطنية شاملة لمواءمة مشاريع وبرامج جميع القطاعات لتحقيق فرص عمل في السوق المحلية، من خلال حوكمة البرامج والسياسات وتحديثها بما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل فعليا.

إنشرها