FINANCIAL TIMES

شركات بريطانية ترتب للبقاء داخل السوق الموحدة

شركات بريطانية ترتب للبقاء داخل السوق الموحدة

"قانون أمان الألعاب" في الاتحاد الأوروبي يبدو أقل متعة بكثير من السلع التي يشرف على تنظيمها. قرأ ريتشارد هاردستاف القانون بأكمله – وعندما يتحدث حول ما يعنيه "خروج بريطانيا" بالنسبة لشركته، يسلط الضوء على أهمية كتاب قواعد الاتحاد الأوروبي كأساس لممارسة الأعمال.
"بوليدرون"، شركة تصنيع الألعاب التعليمية التي يوجد مقرها في المملكة المتحدة، حيث يعمل هاردستاف مديرا إداريا، لديها مصنعون في الهند والصين وتبيع لزبائن في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 105 زبائن في بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى التي يبلغ عددها 27 بلدا. نظام أمان الألعاب المعمول به في التكتل يجعل شركة بوليدرون، كمستورد في التكتل، مسؤولة عن التحقق من أن منتجاتها تفي بالمعايير الأوروبية.
قال هاردستاف: "رقم هاتفنا مدون على السلع، وفي حال وردت أي مشكلة، يجري الاتصال بنا نحن". لكن إذا غادرت بريطانيا السوق الموحدة سيصبح كل عميل لدى بوليدرون من الاتحاد الأوروبي مستوردا – ويخشى هاردستاف من أن العلاقات مع الزبائن يمكن أن تتعرض للضرر.
وقال: "قد يكون هناك 100 تفسير مختلف، الأمر الذي يؤدي إلى تفتت سلسلة التوريد لدينا ويزيد من التكاليف". نتيجة لذلك، تعمل شركة سايرينسيستر على افتتاح فرع لها والتعاقد مع موظفين في ألمانيا لتكون المستورد للاتحاد الأوروبي، بحيث تتعامل مع 30 في المائة من أعمال الشركة.
قال هاردستاف: "لم نكن لنفعل ذلك قط لو لم يكن هناك خروج بريطانيا".
وتشير مخاوفه إلى وجود معضلة أمام كثير من الشركات في المملكة المتحدة في قطاعات خاضعة لتنظيم كبير، وحريصة على أن تحافظ على الأقل على موطئ قدم لها في السوق الموحدة، ولذلك هي تحذر من تكاليف مغادرة النظام الرقابي في الاتحاد الأوروبي.
في الوقت الذي تسعى فيه تيريزا ماي إلى إقناع كل من بروكسل وأنصار خروج بريطانيا المتشددين بأنه ينبغي على المملكة المتحدة البقاء قريبا من السوق الموحدة من أجل السلع – وهذه معركة بات من غير المؤكد أن تنجح رئيسة الوزراء فيها – بدأت بعض الشركات التي تعبت من حالة الغموض، في نقل أعمالها إلى داخل الاتحاد الأوروبي.
وحذرت شركات كبرى، مثل إيرباص وبي إم دبليو، من العواقب المترتبة على خروج أقسامها متعددة الجنسيات من اتحاد التكتل الجمركي بسبب مخاطر الرسوم الجمركية والتأخير بسبب الإجراءات الجمركية.
لكن بالنسبة لكثير من الشركات الأخرى، السوق الموحدة هي أكثر أهمية بكثير. في حالة شركة بوليدرون الرسوم الجمركية المفروضة على الألعاب التي يجري إحضارها إلى داخل الاتحاد الأوروبي منخفضة وميدان اللعب بين جميع المستوردين الأوروبيين مستو. قال هاردستاف: "القضية الأكبر هي الامتثال للوائح والتعليمات".
شركة بوليدرون ليست الوحيدة. جمعيات الأعمال التي اعتادت الشكوى من درجة تعقيد اللوائح والتعليمات في الاتحاد الأوروبي تطلب الآن أن تظل ملتزمة بها. ستيف إليوت، الرئيس التنفيذي لرابطة الصناعات الكيماوية في المملكة المتحدة، حذر الوزراء من أن مغادرة "ريتش"، نظام المواد الكيماوية في الاتحاد الأوروبي، "من شأنها التشكيك بشكل خطير في عشر سنوات من الاستثمارات، على اعتبار أن الأذونات والتصاريح التي تسمح بإمكانية الوصول إلى السوق الموحدة في الاتحاد الأوروبي ستصبح فجأة غير موجودة عند المغادرة".
وقال مايك هاويز، الرئيس التنفيذي لرابطة صناعة السيارات "إس إم إم تي": "أساس نجاحنا هو إمكانية الوصول السهل إلى سوق الاتحاد الأوروبي والتقارب التنظيمي الكامل".
كما تواجه "كيمدينت"، وهي شركة لمنتجات طب الأسنان مقرها سويندون، تحديا مماثلا للتحدي الذي تواجهه بوليدرون. الشموع الطبية المتخصصة، التي تنتجها في المملكة المتحدة تحتاج إلى علامة الجودة "سي إي" الخاصة بالاتحاد الأوروبي لكي تباع في السوق الموحدة.
من أجل الامتثال لقانون الأجهزة الطبية المطبق في دول الاتحاد، الذي تجري مراجعته وتشديده بانتظام، يجب أن يكونوا مسجلين لدى مركز تصديق يدعى "هيئة الإخطار" في إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
جيني بيركينز، مديرة المبيعات في شركة كيمدينت، قالت إنه بسبب الغموض المتعلق بالأنظمة المتبعة بعد خروج بريطانيا، تعمل الشركة على افتتاح مكتب لها في إيرلندا وستخضع لإشراف هيئة تنظيم المنتجات الصحية الإيرلندية بدلا من الهيئة المكافئة في المملكة المتحدة. وهذا سيزيد من التكاليف، ومن المحتمل أن يعني أن مزيدا من الأعمال سينتقل إلى إيرلندا مع مرور الوقت.
يقول بعض أنصار خروج بريطانيا إن مغادرة الاتحاد الأوروبي سترفع عبء التنظيم، ولا سيما من على كاهل الشركات الصغيرة.
لكن حتى إذا تبنت المملكة المتحدة قواعد أقل صرامة خاصة بشأن الأجهزة الطبية، ستواصل كيمدينت تصنيع المنتجات بحسب مواصفات الاتحاد الأوروبي. قالت بيركينز: "إذا كان لدى المملكة المتحدة قواعد مختلفة، ربما سيتعين علينا تغيير طريقة التعبئة والتغليف، لكنني لا أعتقد أننا سنغير المنتج".
وتصدر الشركة إلى كثير من البلدان الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة وماليزيا، وفي حين أنها ربما تحتاج إلى تسجيل منتجاتها من خلال هيئات وطنية، إلا أن الوفاء بتعليمات الاتحاد الأوروبي يعني عموما أنه يكفي الوفاء بالقواعد المحلية أيضا.
وبحسب بيركينز، إذا خرجت المملكة المتحدة من السوق الموحدة ربما يكون من الصعب على شركة كيمدينت إقناع عملاء الاتحاد الأوروبي الجدد بشراء منتجاتها، رغم أنه لا يزال يتعين على الصادرات الآتية إلى الاتحاد الأوروبي الامتثال للوائح والتعليمات الأوروبية.
ومن الممكن أن يستغرق الأمر شهورا قبل أن تتمكن بريطانيا من إبرام صفقة واسعة النطاق مع الاتحاد الأوروبي حول العلاقات المستقبلية. وقد يحتاج إتمام محادثات التجارة الكاملة إلى سنوات والتنفيذ إلى فترات زمنية أطول. لكن في الوقت نفسه، أوضحت شركات مثل بوليدرون وكيمدينت، بطريقة أو بأخرى، أن هدفها هو البقاء جزءا من السوق الموحدة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES