FINANCIAL TIMES

«فاينانشيال تايمز»: أردوغان يدير تركيا كشركة عائلية

«فاينانشيال تايمز»: أردوغان يدير تركيا كشركة عائلية

منذ اللحظة التي دخل فيها السياسة قبل ثلاث سنوات فقط، كان من الواضح أن بيرات البيرق لن يكون مقيدًا بحدود حقيبة الطاقة الرسمية المكلف بها. كونه صهر الرئيس رجب طيب أردوغان، سرعان ما وجد المسؤول التنفيذي السابق في قطاع الأعمال نفسه يحدد موقف الحكومة التركية من العمليات العسكرية، وانضم إلى زيارات رفيعة المستوى في الخارج، ورافق والد زوجته في الحملة الانتخابية.
مع ذلك، قلة من الناس فقط توقعت أن يكون أردوغان جريئا بما فيه الكفاية ليضع ربيبه البالغ من العمر 40 عاما المسؤول الوحيد عن الاقتصاد في وقت يتزايد فيه القلق بشأن صحته. عقب توليه رسميا دوره الجديد وزيرا للخزانة والتمويل يوم الثلاثاء، وعد البيرق بـ "العمل ليلا ونهارا" للحفاظ على الانضباط المالي وتقليص التضخم المرتفع في البلاد.
لكن المستثمرين الأجانب – الذين كانت تتم تهدئتهم وطمأنتهم لسنوات من قبل مختصين ماليين سابقين يتمتعون بالكفاءة كان يتم تعيينهم في مناصب حكومية رفيعة – يظلون متوترين بشأن مصير الاقتصاد بعدما تم وضعه في أيدي فرد من عائلة أردوغان، وهو شخص غير معروف إلى حد كبير.
بعد الإعلان عن تعيينه يوم الإثنين منيت الليرة التركية ـ التي انخفضت بالفعل 17 في المائة عما كانت عليه في بداية العام ـ بأكبر هبوط في يوم واحد منذ محاولة الانقلاب الدموي في تموز (يوليو) 2016.
قالت أندريسا تيزين، وهي محللة أولى للسندات السيادية في مؤسسة فيديليتي إنترناشونال "لا يعرفه المستثمرون الأجانب بشكل جيد. لا نعرف ماذا يقترح لوضع أنموذج اقتصادي جديد – هذا إن كان هناك أنموذج. لا نعرف ما يفكر فيه بشأن سعر الصرف أو مستويات أسعار الفائدة".
البيرق، وهو ابن كاتب إسلامي بارز وصديق قديم للرئيس التركي، تزوج من ابنة أردوغان، إسراء، في عام 2004 في احتفال ضخم في إسطنبول حضره أكثر من سبعة آلاف ضيف. وفي السنوات اللاحقة أصبح واحدا من أقرب المقربين من الزعيم التركي.
قبل دخوله البرلمان في عام 2015 أمضى البيرق معظم حياته المهنية في مجموعة كاليك القابضة، وهي تكتل للشركات يملكه صديق آخر لعائلة أردوغان.
كان أحد قراراته الأولى بعد أن أصبح الرئيس التنفيذي في عام 2007 هو شراء مجموعة إعلامية بارزة أصبحت منافذها من أهم أبواق الحكومة. وأدى هذا الشراء – وهو عملية استحواذ بقيمة 1.1 مليار دولار مولته في الأساس مصارف مملوكة للدولة – إلى تخفيض التقييم الائتماني من قبل وكالة فيتش.
عقب ترقيته إلى مجلس الوزراء مباشرة، بعد أن أصبح عضواً في البرلمان، ترك البيرق صورة متباينة خلال السنوات الثلاث التي أمضاها وزيرا للطاقة والموارد الطبيعية. رجال الأعمال، بمن فيهم شخصيات كبيرة في قطاع الطاقة، كانوا يشتكون من أنه متغطرس ونادراً ما يمنح المقابلات.
قال رجل أعمال يعرفه منذ سنوات "هو شخص من الصعب التعامل معه. يعتقد أن رأيه هو الأفضل دائما. ويعرض نفسه كأنه سيصبح ولي العهد".
ويعتقد كثيرون أن البيرق يتم إعداده من قبل الرئيس البالغ من العمر 64 عاماً ليكون خليفة له.
داخل الحكومة اكتسب البيرق سمعة بأنه يختلف ويقتتل مع الوزراء الآخرين. واتهمه حلفاء رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، بأنه عمل على إضعاف موقفه إلى أن استقال. وفي وقت لاحق، اشتبك مع خليفة داود أوغلو، بن علي يلدريم، وكذلك مع وزير الداخلية، سليمان سويلو.
في العلن، يؤمن البيرق بحماس برواية أردوغان بأن قوى أجنبية تسعى إلى إسقاط تركيا. خلال الحملة الانتخابية في الشهر الماضي، حين قاوم أردوغان ضغوط المستثمرين لرفع أسعار الفائدة، حذر البيرق من أن أزمة العملة نتيجة "عملية" من "أصول خارجية" تهدف إلى إسقاط الحكومة.
من غير المرجح للتصريحات التي من هذا القبيل أن تُطمئن المستثمرين الذين يطالبون بزيادة جديدة في سعر الفائدة في اجتماع البنك المركزي المقبل في 24 تموز (يوليو) الجاري، على اعتبار أنها ضرورية كما يقولون، للحد من التضخم المرتفع الذي بلغ 15 في المائة في حزيران (يونيو).
ويجادل الذين يبحثون عن الإيجابيات بأن البيرق يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ويحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة أمريكية، ولديه خبرة في الأعمال.
وفي الوقت الذي كان يحظى فيه وزير الاقتصاد السابق المهمش، محمد سيمسك، وهو مسؤول سابق في مصرف ميريل لينش، باحترام المستثمرين الأجانب، كان يُنظر إليه أيضًا على أنه لا يتمتع بسلطة تذكر لتغيير رأي الرئيس. في المقابل، تأثير البيرق أمر لا جدال فيه.
قال أوزغور يسار جويولدار، رئيس مبيعات الأسواق الناشئة في مصرف رايفايزن سنتروبانك في النمسا "يثق به أردوغان 100 في المائة. لذلك مهما كانت الآراء والتعليقات حول الأمور الدولية التي يأتي بها "البيرق" إلى الطاولة، هناك احتمال كبير بأن يأخذها أردوغان على محمل الجد".
ويرى آخرون أن تعيين البيرق هو علامة مقلقة على أن الرئيس التركي كان يعني ما قاله عندما أبلغ المستثمرين في لندن في أيار (مايو) أنه سيسيطر بشكل أكبر على السياستين، الاقتصادية والنقدية. الرئاسة التنفيذية القوية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي تعطي أردوغان صلاحيات معززة ضخمة. وينظر منتقدوه إلى مجلس وزرائه الجديد الذي يضم طبيب أسرة أردوغان وكذلك صهره على أنه علامة على أن الرئيس يدير البلد بشكل متزايد وكأنه شركة عائلية.
اعتماد تركيا المكثف على التمويل الأجنبي دفع بعض المحللين إلى الاعتقاد أن الاقتصاد سيكون أحد المجالات التي يراعي فيها أردوغان الجانب العملي. لكن بعد تعيين البيرق، وجدوا أنفسهم يتشككون في هذه النظرة.
قال أتيلا يتشيلادا، وهو مستشار مقره إسطنبول يعمل لدى شركة الاستشارات "جلوبال سورس بارتنرز"، "كنت أتوقع أن أردوغان سيتعلم الدرس المر من العبث بالأسواق. من الواضح أنه يرى أنه من خلال صلاحياته الجديدة يستطيع التفوق على الأسواق. أتمنى التوفيق لنا جميعا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES